أظهر تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، مساء اليوم السبت، أن مشروع إعادة إعمار غزة لن يتم تنفيذه وإنجازه، في السنوات القريبة، على الرغم من رصد الأموال اللازمة له. وذلك بفعل العراقيل البيروقراطية الإسرائيلية، واستمرار إغلاق معبر رفح المصري إضافة إلى رفض الطرف الإسرائيلي إدخال الكميات المطلوبة إلى غزة، يوميّاً، عبر معبر كرم أبو سالم.
ووفقاً للتقرير فإنه منذ أن أغلقت سلطات نظام الانقلاب المصرية في 24 أكتوبر/تشرين أول الماضي، الحدود مع غزة ومباشرة بناء حزام "أمني فاصل" على إثر مقتل 30 جنديّاً مصريّاً في سيناء، فإن عملية إعمار غزة لا تزال متوقفة، ولم تنطلق بعد، خصوصاً وأن مؤتمر الدول المانحة الثاني لفحص ترتيبات إدخال المواد إلى غزة وعملية إعادة الإعمار الذي كان مقرراً ليوم 24 أكتوبر/تشرين أول الماضي، لم ينعقد ولم يجر منذ ذلك اليوم أي بحث دولي في مسألة إعادة إعمار القطاع، وهو وضع ينذر في حال استمراره بانفجار الأوضاع.
وأورد التقرير مثلاً أن إسرائيل أدخلت نحو 40 شاحنة محملة بالأسمنت ونحو 600 شاحنة محملة بمواد أخرى، في الوقت الذي تشير التقديرات إلى حاجة غزة إلى نحو 6 آلاف طن من الأسمنت، يوميّاً، لضمان تنفيذ مشروع البناء في غزة، وترميم ما تهدم خلال العدوان عليها. إلى ذلك يشير التقرير إلى نظام بيروقراطي معقد من التراخيص والأذونات التي يتعين اجتيازها لضمان حصول المواطن الفلسطيني في غزة على مواد البناء اللازمة، ليس قبل تعهده بأن الغاية من الأسمنت هي لإعادة بناء بيته الذي تهدم في الحرب، وبعد مصادقة "مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع" (UNOPS) على تقرير الأضرار التي لحقت بالمواطن المعني بالحصول على مواد البناء لإعادة بناء بيته أو ترميمه ورفع طلب خاص للاحتلال لإقرار ذلك، وفقط بعدها يحصل على أذن بتلقي المواد اللازمة من مخازن الأمم المتحدة في غزة.
ويبيّن التقرير أنه على الرغم من أنه لا علاقة لإسرائيل، للوهلة الأولى بعمليات إعادة بناء 80 ألف منزل في القطاع وفق خطط الحكومة الفلسطينية، إلا أن إسرائيل تتحكم في الواقع بوتيرة إدخال المواد اللازمة لترميم البنى التحتية في قطاع غزة. إلى ذلك فإن هذه العمليات لا تحتاج فقط لمواد البناء الأساسية كالإسمنت والحصى والرمل، وإنما، أيضاً، للمعدات والعتاد الثقيل للجرافات المختلفة لأعمال البناء، التي يشترط بروتوكول إعادة إعمار غزة أن تركب عليها أجهزة مراقبة "GPS" لمتابعة وتعقب موقعها والتأكد أنها لا تستخدم لحفر الأنفاق.
كما يشترط بروتوكول إعادة إعمار غزة، على أصحاب مصانع الطوب تركيب كاميرات مراقبة تمكن مراقبة المصنع من الجهات كافة، مع زرع كاميرات مرتبطة بالانترنيت ومزودة بجهاز يمكنها من العمل حتى في حال انقطاع التيار الكهربائي. كما يشترط في أصحاب المصانع تركيب أجهزة مراقبة لحجم وكمية الإنتاج، وبعد ذلك فقط الحصول على مصادقة من لجنة الأمم المتحدة لاستيفاء هذه الشروط التي ترفع طلباً بذلك إلى إسرائيل للحصول على موافقتها اعتماد المصنع لصناعة الطوب.
ويشير التقرير إلى هذه الشروط المذكورة على أنها تهدف إلى تمكين إعادة إعمار البيوت والمنازل التي هدمت في الحرب، لكنها لا تمت بصلة لمسألة إعادة إنعاش وإصلاح الاقتصاد الفلسطيني في غزة. وفي هذا السياق فإن قدرة الفلسطينيين على تصدير البضائع إلى الضفة الغربية والخارج مرهونة هي الأخرى بموافقة إسرائيلية، مما يعني حرمان التجار المحسوبين على "حماس" من فرص العمل.
ومع أن "حماس" أعلنت معارضتها هذا النظام إلا أن هذه المعارضة لم تترجم بعد ميدانيّاً، خصوصاً وأن الحركة معنية ببدء إعادة الإعمار وتهدئة سكان القطاع. في المقابل فإن إعادة فتح المعابر بينها معبر رفح مؤجلة بفعل الخلاف الأخير بين "فتح" و"حماس" الذي يهدد المصالحة الفلسطينية كليّاً ويعرقل فتح المعابر التي من المفروض أن يدخل عبرها ممثلو وموظفو السلطة الفلسطينية إلى القطاع.
وكانت مصر أعلنت من جهتها، أمس الأول الخميس، أنها لا تعتزم حاليّاً إعادة فتح معبر رفح بسبب الأوضاع الأمنية في سيناء، كما أن مصر ترفض التدخل في الخلاف بين "فتح" و"حماس" على الرغم من مطالبتها بذلك من الطرف الفلسطيني نفسه.