يشعر الاحتلال الإسرائيلي بذعر هذه الأيام. الفلسطينيون قادرون على تحقيق اكتفاء ذاتي في انتاج البطيخ واستهلاكه. موضوع ليس بسيطاً بالمرة، ولا يمكن أن يمر بسلاسة.
فأن يشعر الفلسطينيون بأنهم قادرون على استهلاك منتج من دون أن يكون هذا المنتج وسيلة لإخضاعهم عبر المعابر، وأن يزرع الفلسطينيون أرضهم ويتكبد التجار الاسرائيليون خسائر من جراء عدم تصريف انتاجهم، فهذا يستدعي تحركا اسرائيلياً.
طبعاً، لم تقف اسرائيل مكتوفة الأيدي، حيث اتجهت يوم أمس إلى بلدة بيتا جنوبي مدينة نابلس في الضفة الغربية، ثلاث شاحنات محملة بالبطيخ الإسرائيلي، وبحماية من قوات الاحتلال، بهدف إيصالها إلى تجار فلسطينيين بأمان، تجنباً لأية مشاكل قد تعترض طريقها.
بوادر حرب زراعية
وبحسب اتفاق بين تجار فلسطينيين وإسرائيليين، فإنهم اقترحوا على الارتباط العسكري الإسرائيلي، بمرافقة جيبات عسكرية للشاحنات الثلاث، في أعقاب ضبط طواقم وزارة الزراعة وحماية المستهلك الفلسطينيتين، شاحنتين سابقتين محملتين بالبطيخ الإسرائيلي تتجهان إلى مدينة نابلس لتفريغ حمولتهما، قبل نحو ثلاثة أسابيع.
وتعمل في بلدة بيتا شمال الضفة الغربية، أكبر سوق للخضر والفواكه، حيث تعد قبلة للتجار الفلسطينييين من شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية، لشراء حاجتهم منها وتوزيعها على أسواق مدن وقرى الضفة.
ومنذ أكثر من أسبوع، بدأت بوادر حرب على إثبات وجود البطيخ الإسرائيلي في السوق الفلسطينية، ليكون بديلاً عن البطيخ المحلي، الذي يشهد هذا العام ازدهاراً في زراعته، أعاد إلى الأذهان كثافة إنتاج البطيخ الفلسطيني في ثمانينات القرن الماضي.
محاولة إفشال المشروع
وفعلاً، تمتلئ أسواق الضفة الغربية بمنتجات البطيخ الإسرائيلي، يقابله اختفاء للبطيخ الفلسطيني، ما يناقض تصريحات أدلى بها وكيل وزارة الزراعة في الحكومة الفلسطينية عبد الله لحلوح، باشتراط شراء التجار ما نسبته 33٪ من البطيخ الفلسطيني، من إجمالي وارداتهم من التجار الإسرائيليين.
ورفض وزير الزراعة السابق، والنائب الحالي في المجلس التشريعي الفلسطيني وليد عساف، التحول إلى البطيخ الإسرائيلي، ليكون السلعة الأساسية في الأسواق المحلية، بعدما سيطر البطيخ الفلسطيني على السوق خلال شهري إبريل/ نيسان ومايو/ أيار الماضيين.
وقال عساف خلال حديث مع "العربي الجديد"، اليوم الجمعة، إن ما يحدث من تنسيق لتجار فلسطينيين مع تجار إسرائيليين، لحماية مشترياتهم من البطيخ وإدخالها للسوق المحلية بمرافقة جيبات عسكرية إسرائيلية، هو مؤامرة لإفشال مشروع انتاج البطيخ الفلسطيني.
تهديدات إسرائيلية
وبدأ مزارعون فلسطينيون نهاية العام الماضي ومطلع العام الجاري، بزراعة أكثر من 1700 دونم من الأراضي الزراعية بالبطيخ، ليكون بديلاً عن البطيخ الإسرائيلي، أو تقليل الاعتماد عليه على الأقل.
وهددت وزارة الزراعة الإسرائيلية، مطلع الأسبوع الجاري، بمنع تزويد الفلسطينيين بالأدوية والمبيدات، التي تستخدم في حماية البطيخ من أية أمراض خلال فترة زراعتها ونموها، ما وضع الجانب الفلسطيني أمام ضغوط لفتح الباب أمام استيراد البطيخ الإسرائيلي.
من جهته، قال أحد تجار الفواكه البارزين في السوق الفلسطينية خالد السلعوس، إن ما يجري للبطيخ الفلسطيني من تضييق بهدف القضاء عليه، سينسحب على أية منتجات أخرى، من شأنها أن تهدد حجم الاستيراد من الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف، "الاحتلال الإسرائيلي يعلم جيداً أن السوق الفلسطينية أساسية بالنسبة له، ولن يتوانى عن تشديد الحماية على أية منتجات إسرائيلية تدخل إلى مناطق الضفة الغربية، كما يحدث مع شاحنات البطيخ حالياً".
ويبلغ حجم واردات الفلسطينيين من المنتجات الإسرائيلية نحو 3.5 مليارات دولار أميركي سنوياً وفق أرقام صادرة عن وزارة الاقتصاد الوطني، يقدر حجم واردات الفلسطينيين من منتجات المستوطنات بنحو 500 مليون دولار أميركي سنوياً.