تعكف حكومة الاحتلال على إعداد مخططات وتحسين قدرتها على مواجهة إمكانية تأثر عمقها الداخلي وأمنها "القومي" سلباً بما يحدث في الساحة السورية. وتفترض القيادة الإسرائيلية أن المستوطنات اليهودية المنتشرة في الجزء المحتل من هضبة الجولان ستكون هدفاً لمقاتلي التنظيمات المتطرفة التي تقاتل النظام، أو عناصر مجموعات محلية نجح حزب الله في تجنيدها بهدف تحول المنطقة إلى ساحة انطلاق لتنفيذ عمليات ضدّ إسرائيل.
اقرأ أيضاً: إسرائيل تلتهم أراضي في الجولان المحتل بذرائع "أمنيّة"
وكشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" في عددها الصادر أمس أن قيادة جيش الاحتلال استدعت المئات من ضباط وجنود الاحتياط للمشاركة في مناورات، تستهدف الاستعداد لمواجهة إمكانية قيام مقاتلي الحركات المتطرفة التي تطلق على نفسها صفة "جهادية"، أو عناصر الجماعات الموالية لحزب الله باقتحام الحدود وتنفيذ عمليات في قلب المستوطنات المنتشرة على هضبة الجولان.
وبحسب الصحيفة، فإن المناورات التي تشرف عليها قيادة المنطقة الشمالية، تتواصل في هضبة الجولان منذ أسبوعين، مشيرة إلى أنّ القيادة العسكرية الإسرائيلية تأخذ بعين الاعتبار إمكانية تعرض إسرائيل أيضاً لهجمات بالصواريخ وقذائف الهاون انطلاقاً من الأراضي السورية. ونقلت الصحيفة عن محافل عسكرية قولها إن إمكانية تعرض إسرائيل لهجمات من داخل سورية غير مرتبطة بسقوط النظام، مشيرة إلى أن تواجد قوات النظام في محيط الحدود تراجع إلى حد كبير، مما جعل اللاعبين الرئيسيين في هذه المنطقة هم إما عناصر الحركات المتطرفة، أو شباب من القرى الحدودية نجح حزب الله اللبناني في تجنيدهم لصالحه.
وأشارت الصحيفة إلى أن المستويات السياسية والنخب الأمنية في تل أبيب تجمع على ضرورة الرد بكل حزم على أية محاولة لتنفيذ عمليات عبر الحدود من الجانب السوري. ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن الردود العسكرية الإسرائيلية ستتضمن القيام بعمليات توغل في عمق الأراضي السورية وشن غارات جوية بطائرات مقاتلة واستخدام الدبابات والمدفعية من أجل تعزيز قوة الردع الإسرائيلية. ولفتت الصحيفة إلى أن قيادة المنطقة الشمالية والاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال لاحظت أخيراً توجه بعض الجماعات المتطرفة التي كانت تنشط في شمال سورية للعمل في منطقة الجنوب وتكثيف العمل من هناك ضد قوات النظام.
وأشارت "يديعوت" إلى أن حزب الله يكلف عناصر الجماعات التابعة له بتنفيذ عمليات زرع عبوات ناسفة بالقرب من المسار الذي تسلكه دوريات تأمين الحدود التابعة لجيش الاحتلال. وأشارت الصحيفة إلى أن عدداً من الشباب السوري الذين تم تجنيدهم قد تم استهدافهم وقتلهم أثناء محاولاتهم زرع العبوات. وكانت إسرائيل قد اتهمت الأسير اللبناني السابق، سمير قنطار، بالمسؤولية عن تخطيط وتوجيه العمليات ضدّ إسرائيل انطلاقاً من الجولان.
ومن الواضح أن استدعاء قوات الاحتياط تحديداً للمشاركة في المناورات العسكرية يدلل على أن الجهد الحربي الذي تتوقع إسرائيل أن تكون مجبرة على القيام به داخل سورية كبير، لدرجة أن ألوية المشاة النظامية لن يكون بوسعها الوفاء بمتطلباته.
وفي السياق، دعا المستشرق الإسرائيلي إفرايم هراري دوائر صناع القرار السياسي في تل أبيب إلى الردّ بضربات وعمليات عسكرية كبيرة على كل عمل عسكري تقوم به الجماعات المتطرفة الناشطة في سورية، مهما كان متواضعاً.
وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" في عددها الصادر أمس، أشار هراري إلى أنّ هناك عدة مؤشرات على انهيار النظام السوري، الأمر الذي يستدعي من إسرائيل أن تظهر لجميع الأطراف أنها لا يمكن أن تحتمل أن يختبرها أحد. وبحسب هراري، فإن استثمار إسرئيل في مجال مراكمة القوة والردع مهم بشكل خاص في مواجهة الحركات المتطرفة، على اعتبار أن هذا يمس بدافعية عناصرها للقتال. وزعم أنه حسب الفقه الإسلامي، فإنه "إذا كانت قوة العدو كبيرة، والمؤمنون في حال ضعف، فإن هذا الواقع يعفيهم من الجهاد".
ويذكر أن العديد من الدعوات قد انطلقت للمطالبة بإعادة صياغة العقيدة القتالية لجيش الاحتلال لملاءمة ظروف المواجهات التي من المتوقع أن تنشب بين الجيش الإسرائيلي والحركات المتطرفة داخل سورية. ودعا كل من القائد السابق لسلاح البحرية، الجنرال يديديا يعاري، والبروفسور حاييم آسا، كبار الإستراتيجيين في تل أبيب إلى إعادة بناء الجيش، بحيث يعتمد في جهده الحربي على قوات خاصة وسرايا سريعة الحركة لتكون قادرة على العمل في مناطق مختلفة من سورية في آن معاً. وفي كتابهما "العقيدة القتالية الجديدة: مبادئ المناورة المشتتة"، الصادر حديثاً، حث يعاري وآسا على تخصيص إمكانيات ضخمة لمواجهة تبعات نشاط الحركات التي توصف بالجهادية في سورية، ووصف الكتاب عناصرها بأنهم "الأكثر خبرة في العالم".
اقرأ أيضاً: الاستخبارات الإسرائيلية تُكثّف نشاطها ضد إيران