تشير نتائج الانتخابات العامة الإستونية، إلى تقدم واضح للمعارضة الليبرالية "حزب الإصلاح" بحصوله على نحو 29 في المائة من أصوات الناخبين، متقدما بذلك على حزب "الوسط" الحاكم.
ويحصل بهذه النتيجة حزب الليبراليين الإصلاحي على 34 مقعداً من أصل 101 في البرلمان الإستوني، وبهذا تخطو السياسية كايا كالاس (41 سنة) خطوات مهمة لتولي رئاسة الحكومة في الدولة البلطيقية المجاورة لروسيا كأول سيدة تحكم البلد منذ استقلاله عن روسيا، بعد تفكك الاتحاد السوفييتي السابق، قبل نحو ثلاثة عقود.
واللافت في نتائج الانتخابات الإستونية أنها الأكثر تمثيلاً للنساء منذ الانتخابات التشريعية الأولى التي شهدها البلد عام 1992، حيث انتخب منهن في ذلك العام 13 سيدة. فمن بين 101 مقعد، فازت 29 سيدة، بتقدم 4 مقاعد عن الانتخابات السابقة في 2015.
وحصل حزب الإصلاح الليبرالي على حصة الأسد بفوز 11 سيدة من أصل 34 مرشحة على قائمته، تلاه حزب الوسط الحاكم بثمانية نساء من أصل 26 مرشحة، وفاز عن الحزب "الاجتماعي الديمقراطي" 6 نساء.
وتفيد النتائج النهائية المعلن عنها اليوم الاثنين في العاصمة تالين بأن الحزب الحاكم لم يحصل سوى على نحو 23 في المائة، ما يعد هزيمة لرئيس الوزراء يوري راتاس.
وتعتبر كالاس سياسية ليبرالية مؤيدة لتوجه بلدها أكثر نحو حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والاتحاد الأوروبي، مقابل الحزب القومي المحافظ (ايكري) المعارض للاتحاد الأوروبي، والذي حصل أيضاً على تقدم ملحوظ بحصوله على نسبة 17.8 في المائة، ليضاعف بذلك حصته أكثر من ثلاث مرات عن الانتخابات السابقة.
وبالرغم من أن الحملات الانتخابية التي شهدتها إستونيا ركزت كثيراً على قضايا الضريبة والاستهلاك العام، وتدريس اللغة للأقلية الروسية، إلا أن العلاقة مع أوروبا وروسيا كانت حاضرة في اختيار الناخبين، وخصوصاً تصويت أغلبية الناطقين بالروسية لحزب الوسط.
ورغم تقدم حزب "الشعب الإستوني المحافظ" (ايكري)، المناهض للهجرة والاتحاد الأوروبي، إلا أن توافقاً ما نشأ بين يمين ويسار الوسط على عدم منحه نفوذا في الحياة السياسية، وهو ما أكدته مجددا اليوم الاثنين زعيمة الليبراليين كالاس في دخولها بمفاوضات مع الأحزاب الأخرى لدراسة احتمالية تشكيل حكومة ائتلافية بزعامتها. وتقف مسألة استمرار أو وقف تدريس اللغة الروسية عقبة أمام توافق كالاس، المعارضة للغة الروسية، مع "الوسط" المؤيد لموسكو.
طموح كالاس لتصبح أول سيدة تحكم تالين دفعها بعد صدور النتائج إلى المناورة بالقول إن "كل الاحتمالات قائمة لتشكيل حكومة ائتلافية"، وفقا لوكالة أنباء إستونية (err).
ويبدو أيضا أن حديث الليبراليين عن إمكانية تشكيل ائتلاف وطني يدفعهم للبحث عن خيارات تحالف مع حزب يسار الوسط، الاجتماعي الديمقراطي، الذي لم يحصد سوى 10 في المائة من أصوات الناخبين، بتراجع بـ5 في المائة عن الانتخابات السابقة في 2015.
ولا يغيب التوتر في العلاقة بين الإستونيين والأقلية الناطقة بالروسية. وعبر في أوقات مختلفة البرلماني عن حزب الوسط، مارتن ريبنسكي، عن خشيته من التصادم "الذي يمكن أن يشبه ما جرى في شرق أوكرانيا".
ويتهم ساسة من حزب الوسط، الذي يفقد بنتيجة الانتخابات السلطة، السياسيين القوميين في إستونيا بأنهم "يؤججون الصراع داخل المجتمع ويضرون بالعلاقة مع روسيا"، بحسب ما يذهب إليه ربينسكي وغيره في انتقاداتهم لعزم المتشددين والليبراليين على إنهاء تعليم الروسية، والتوجه أكثر نحو الغرب.
وعليه يرى المحللون على مواقع إخبارية إستونية، اليوم الاثنين، أن السيناريو الجديد بعد نتائج الانتخابات يجعل أمر تشكيل حكومة قادمة بزعامة كالاس كأول سيدة تترأس الحكومة أمام احتمالين فقط، فإما تحالف بين حزب الإصلاح Reform Party وحزب الوسط Centre، أو مع الاجتماعي الديمقراطي وحزب المحافظين (12 في المائة).
ومقابل هذا الاحتمال يمكن أن يتشكل ائتلاف معارض للحزب الإصلاحي، ويبقي في الحكم رئيس الوزراء الحالي، يوري راتاس، وحزبه الوسط بالتحالف مع حزب الشعب الإستوني المحافظ، ولكن هذا الاحتمال مستبعد في ظل رفض يسار الوسط العودة إلى حكومة يشترك فيها حزب متشدد (ايكري).