كما حدث مع دونالد ترامب أو مارين لوبان، يهيمن حزب "بوكس" (الصوت) اليميني القومي المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي وسط نقاشات حادّة قبل الانتخابات التي ستجرى غداً الأحد في إسبانيا، وفق معطيات اطلعت عليها وكالة "فرانس برس".
و"بوكس" الذي يحلّ خامساً في الاستطلاعات، يحتلّ الريادة في شبكات التواصل الاجتماعي مع 33 في المئة من التفاعلات (الإعجاب والمشاركة والتعليقات...)، بين الحسابات الرسمية لأبرز خمسة أحزاب. وهو يتفوق بذلك على حزب "بوديموس" (نستطيع) اليساري المتشدد (24 في المائة) الناشط جداً على شبكات التواصل الاجتماعي، وفق أداة القياس "سوشل إليفنتس".
ويكثف "بوكس" رسائله القومية المتشددة في مواجهة دعاة الاستقلال في كاتالونيا، وضد الإجهاض أو من أجل طرد الأجانب الذين لا يملكون أوراق إقامة.
وتثير أشرطة فيديو لزعيم الحزب سانتياغو أباسكال، وهو على صهوة فرس أو يمشي تحت المطر في القرى مدافعاً عن التقاليد الريفية، حماسة البعض وانتقادات البعض الآخر. وقد اختار "حزب الصوت" الذي يرتاب من وسائل الإعلام التقليدية "استراتيجية الاتصال المباشر عبر الشبكات الاجتماعية والتجمعات المتواترة جداً"، وفق ما أوضح أباسكال الأربعاء.
وأضاف رئيس الحزب، الذي لم يجر مقابلات إلا مع بعض وسائل الإعلام المختارة: "شكل ذلك مفتاح النجاح... كما حدث في أماكن أخرى من العالم".
وهذا الحزب الذي لم يحصل على أكثر من 0.2 في المائة من الأصوات في الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2016، تمنحه استطلاعات الرأي حالياً أكثر من 10 في المائة أي نحو ثلاثين مقعداً.
لكن محللين قالوا إن نتيجته قد تكون أفضل، لأن عدد المترددين لا يزال كبيراً، كما أن ناخبي الحزب لا يكشفون دائماً اختيارهم الحقيقي لمنظمي الاستطلاعات.
وقال روبن دورنتي من "معهد البحوث والدراسات الكاتالوني": "ما يهمهم هو أن يتحدث الناس عنهم، ولو بسوء". وأضاف هذا الخبير في شبكات التواصل الاجتماعي والديموقراطية، أن "حججهم المثيرة للجدل تلفت الانتباه، وهم يكسبون في النهاية لأن معارضيهم لن يصوتوا لهم في كل حال".
وحصل حزب "بوكس" الشهر الماضي على أكثر من 1.1 مليون تفاعل على "تويتر"، في مقابل 886 ألف تفاعل لحزب "بوديموس" و551 ألف تفاعل لـ "الحزب الاشتراكي"، و499 ألفاً لحزب "مواطنون" الليبرالي، و419 ألفاً لـ "الحزب الشعبي" المحافظ، بحسب "سوشل إليفنتس".
ويبدو أن رسائل "بوكس" أكثر جدوى، إذ يحتل الريادة مع 11 رسالة يومياً فقط كمعدل، في المقابل ينشر بوديموس 27 وحزب مواطنون 50 رسالة يومياً. يحصل ذلك مع أنه الحزب الذي يحظى بأقل عدد من المشتركين في "تويتر" ويبلغ 240 ألفاً، مقابل 1.37 مليون لـ "بوديموس" و705 آلاف لـ"الحزب الشعبي"، و670 ألفاً للاشتراكيين و518 ألفاً لحزب "مواطنون".
وتتيح وسائل التواصل الاجتماعي لـ"بوكس" كما باقي الأحزاب ممارسة "الاستهداف"، بحسب دورنتي، أي تحديد الناخبين غير المتحمسين والأنصار المحتملين ومخاطبتهم مباشرة.
ويضيف المحلل: "بإمكان بوكس التعرف إلى الذين لم يصوتوا أو المحبطين ولديهم اهتمام خاص مثل الصيد... واستهداف هؤلاء الأشخاص حتى يكون لكل يورو ينفق (في الاتصال) مردود أفضل".
وتابع أن "بوكس يفعل ذلك بشكل جيد، ومارين لوبان فعلته في فرنسا، وكذلك حركة (خمس نجوم) في إيطاليا (..) ودونالد ترامب في الولايات المتحدة". وكان حزب "بوكس" تواصل منذ 2017 مع ستيف بانون، المستشار السابق لدونالد ترامب، وأقر بذلك أخيراً في مقابلة مع صحيفة "إلباييس".
والرسائل عبر الشبكات أو تطبيق "واتساب" المستخدم كثيراً في إسبانيا تنفذ بشكل أفضل، لأنه يتم تداولها مع المقربين. وأشارت سيلفيا مارتينيز، خبيرة الشبكات الاجتماعية في جامعة كاتالونيا المفتوحة، إلى أن "هذا عنصر أساسي لأن (الرسائل) تحظى بمصداقية أكبر حين تأتي من محيط موضع ثقة".
(فرانس برس)