خلطت التصريحات الروسية الأخيرة، وتطورات العملية العسكرية للنظام السوري بغطاء روسي في محافظة إدلب، شمالي سورية، الأوراق مجدداً، ما يفتح الباب أمام تغيرات كبيرة في الخريطة الميدانية بالمنطقة، وصوغ علاقات جديدة بين أهم اللاعبين المؤثرين في الساحة السورية.
فمن جهة، ومع تطور الأوضاع المتسارع في إدلب، تتعرض العلاقات الروسية - التركية لأقسى اختبارٍ لها منذ حادثة إسقاط المقاتلة الروسية قرب الحدود مع سورية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015. وتشي تصريحات المسؤولين الروس والأتراك، على حدّ سواء، بأن الشرخ بين الطرفين يتعمق على خلفية الموقف من العملية العسكرية التي يشنها النظام في شمال غربي سورية، وامتعاض روسيا الواضح من التفاهمات التركية - الأميركية بشأن المنطقة الآمنة في شمال شرقي البلاد. وبعدما كانت من باب التحليل والعصف الفكري، باتت أسئلةٌ مثل مصير مسار أستانة واتفاق سوتشي، على المحك. في المقابل، لا يمكن استبعاد أن تكون "الرسائل الدموية" في إدلب، والتشدد الروسي في المواقف، محاولةً من قبل موسكو لفتح حوار ثلاثي مع أنقرة وواشنطن من أجل خريطة شاملة تحدد مصير منطقة شرقي الفرات وشمال سورية وشمالها الغربي.
وعملياً، ينطلق "حليفا الضرورة" في مسار أستانة، تركيا وروسيا، في تبرير تحركاتهما ومواقفهما، من الالتزام باتفاق سوتشي الموقع بين الطرفين في 17 سبتمبر/ أيلول 2018.
فمن جهة، ومع تطور الأوضاع المتسارع في إدلب، تتعرض العلاقات الروسية - التركية لأقسى اختبارٍ لها منذ حادثة إسقاط المقاتلة الروسية قرب الحدود مع سورية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015. وتشي تصريحات المسؤولين الروس والأتراك، على حدّ سواء، بأن الشرخ بين الطرفين يتعمق على خلفية الموقف من العملية العسكرية التي يشنها النظام في شمال غربي سورية، وامتعاض روسيا الواضح من التفاهمات التركية - الأميركية بشأن المنطقة الآمنة في شمال شرقي البلاد. وبعدما كانت من باب التحليل والعصف الفكري، باتت أسئلةٌ مثل مصير مسار أستانة واتفاق سوتشي، على المحك. في المقابل، لا يمكن استبعاد أن تكون "الرسائل الدموية" في إدلب، والتشدد الروسي في المواقف، محاولةً من قبل موسكو لفتح حوار ثلاثي مع أنقرة وواشنطن من أجل خريطة شاملة تحدد مصير منطقة شرقي الفرات وشمال سورية وشمالها الغربي.
وعملياً، ينطلق "حليفا الضرورة" في مسار أستانة، تركيا وروسيا، في تبرير تحركاتهما ومواقفهما، من الالتزام باتفاق سوتشي الموقع بين الطرفين في 17 سبتمبر/ أيلول 2018.
من جهتها، لم تتجه تركيا إلى التصعيد مع روسيا بعد استهداف رتل للقوات التركية كان متوجهاً إلى نقطة المراقبة التاسعة في جنوبي إدلب، وذهب وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو إلى دعوة النظام لـ"عدم اللعب بالنار"، من دون أن يوجه انتقادات مباشرة لروسيا. وأكد جاووش أوغلو "إجراء اتصالات على كافة المستويات" مع روسيا على خلفية الهجوم على الرتل العسكري. وفي إشارة ضمنية إلى تمسك أنقرة باتفاق خفض التصعيد في إدلب، واتفاق سوتشي، أكد الوزير التركي أن بلاده "لا تنوي نقل نقطة المراقبة التاسعة في إدلب السورية إلى مكان آخر".
وتوضح التجارب السابقة أن روسيا والنظام يتبعان في إدلب الأسلوب ذاته في التعامل مع مناطق خفض التصعيد الثلاث السابقة التي تم التوافق عليها في مايو/ أيار 2017 (الغوطة الشرقية - درعا والقنيطرة - ريف حمص الشمالي). فالجانب الروسي يبرر العملية العسكرية في إدلب، باستهداف قاعدة حميميم بالقذائف والطائرات المسيرة، واستهداف المدنيين، إضافة إلى سيطرة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) على معظم هذه المناطق. ومعلومٌ أن روسيا تحدثت في بداية العام الماضي عن سيطرة "النصرة" على الغوطة الشرقية واستهداف السفارة الروسية أكثر من مرة بالقذائف والصواريخ، وسقوط قتلى وجرحى في أحياء دمشق، وبعدها شنّت مع النظام السوري الحملة التي انتهت بالسيطرة عليها. واللافت أن التحركات العسكرية للنظام (وروسيا) تعتمد على المبدأ ذاته، وهو سياسة الأرض المحروقة أولاً بالطائرات والقصف، وبعدها تحركات برية لقضم بطيء تدريجي، مع التركيز على فصل مناطق المعارضة وعزلها لمنع أي محاولة لفتح جبهة موحدة. والأمر نفسه تكرر في ريفي درعا والقنيطرة صيف العام الماضي، بحسب ما بينت الوقائع.
وواضحٌ أن سياسة موسكو في سورية تواجه مأزقا مركباً، فمن ناحية لا يمكنها أن تساند عملية عسكرية للنظام والمليشيات المساندة له لاستعادة مناطق شرقي الفرات بعدما جربت ذلك في فبراير/ شباط الماضي، وحينها رسمت واشنطن حدوداً بالدم لمنع أي تقدم، وسقط المئات من عناصر النظام ومرتزقة روسيا عندما حاولوا تخطي الفرات باتجاه الشرق، كما أن التجارب السابقة تكشف أن واشنطن وموسكو تتجنبان الاصطدام المباشر. ومن جهة أخرى، لا ترغب روسيا في أن تفقد دورها المهيمن في رسم الحل السياسي في سورية، ما قد يجبرها، بحسب خبراء، على السعي من أجل تنسيق ثلاثي يجمعها مع تركيا والولايات المتحدة، لتحديد مصير شرقي الفرات، باستخدام إدلب كصندوق بريد للضغط على أنقرة.
ومع صعوبة التنبؤ بمصير مناطق إدلب وشمالي حماة واللاذقية كاملة، وهل ستواجه مصير مناطق خفض التصعيد الثلاث السابقة، أم أن وضعها الخاص سينتج حلولاً مختلفة، ينتظر أن تكشف التحركات الروسية والتركية المقبلة بعض الغموض، خاصة في ما يتعلق بمصير اتفاق سوتشي، ومسار أستانة. وهنا فإن تأكيد أو إلغاء أو تأجيل قمة ضامني العملية، المقررة في 11 من شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، يمكن أن يكون مؤشراً مهماً لطبيعة المرحلة المقبلة وحدود العملية العسكرية في إدلب.