يكثّف المسؤولون الأوروبيون اجتماعاتهم خلال الأيام الأخيرة، بهدف وضع استراتيجيّة أمنيّة شاملة ومتكاملة لمكافحة الإرهاب والتطرّف. وتشمل الخطط الأوروبية، التي كشف عنها خلال الساعات الأخيرة، ثلاثة محاور رئيسية. يتعلّق الأول بجمع أكبر قدر من المعلومات والبيانات عن المسافرين من وإلى أوروبا وداخلها، ويطال المحور الثاني التعاون مع شركات الانترنت العالميّة، بالإضافة إلى معالجات تربويّة وفكريّة لمنع تنامي الأفكار المتطرّفة، وانتشارها في المجتمعات الأوروبيّة، ويخصّ المحور الأخير تجفيف المنابع الماليّة التي تدعم الإرهاب في أوروبا وخارجها.
وقد نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانيّة، أول من أمس، جانباً من الإجراءات التي وافقت عليها المفوضيّة الأوروبيّة الجديدة لمكافحة الإرهاب على مستوى جمع بيانات المسافرين الشخصيّة وتخزينها لمدة خمس سنوات.
وتقضي خطة المفوضيّة الأوروبيّة بجمع وتخزين 42 معلومة عن كل مسافر من وإلى أوروبا وداخلها، بما في ذلك تفاصيل بطاقات الائتمان المصرفيّة وعنوان سكن المسافر، وعنوان إقامته خلال السفر، وحتى نوعية الطعام الذي تناوله على الطائرة، وهل طلب المسافر "وجبات حلال" أم غير ذلك، ليتمّ تخزينها في قاعدة بيانات مركزيّة لمدة خمس سنوات يمكن لأجهزة الأمن الرجوع إليها عند الضرورة.
وعلى مستوى الخطط الأوروبيّة الحالية والمستقبلية للتعامل مع مكافحة الإرهاب ومواجهة انتشار الفكر المتشدّد، وملف المقاتلين الأجانب، وسفر الشباب للقتال في الخارج، وتداعيات عودتهم من مناطق الصراعات، ناقش اجتماع مشترك للجان الحريات المدنيّة والشؤون الداخليّة والعدل في البرلمان الأوروبي، يوم الثلاثاء الماضي، المقترحات المتعلقة بالجهود الحالية على طريق مكافحة الإرهاب، وخصوصاً أهميّة الحوار مع شركة "غوغل" وسواها من شركات الإنترنت العالمية، لإيجاد حلول لمعالجة مخاطر انتشار الفكر المتشدّد على شبكات الإنترنت، وضرورة فتح حوار مع مشغّلي الإنترنت لتحقيق مزيد من التعاون الفعال بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي واللاعبين الفاعلين في عالم الإنترنت في مواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة. ومن المنتظر أن تشمل "الاستراتيجيّة الأمنيّة الشاملة" التي سيتمّ الإعلان عنها في مايو/ أيار المقبل، الكثير من الجوانب المتعلّقة بمواجهة ومعالجة التشدّد وتعزيز التعاون في المجالات التربويّة والعمل على تطوير أساليب وأدوات تعزيز الاندماج الاجتماعي للأقليات في المجتمعات الأوروبيّة.
ولم يفت وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، مناقشة سبل تجفيف منابع تمويل المنظمات الإرهابية وأنشطتها، بما في ذلك سنّ تشريعات جديدة لمكافحة غسيل الأموال، والحدّ من الفساد، إلى جانب فرض قيود على موارد الأموال المتّجهة إلى الجماعات الإجراميّة والإرهابيّة.
وتنصّ حزمة الإجراءات التي ناقشها وزراء ماليّة الاتحاد الأوروبي، على ضرورة أن تحتفظ الدول بسجلات ملكية الشركات، وأن تقدم شركات تحويل الأموال معلومات أكثر وضوحاً عن المستفيدين، وأن يحتفظ بائعو المعادن الثمينة أو الماس بسجل للمبيعات ذات القيمة العالية. وتطال كذلك تبادل أفضل للمعلومات بين سلطات مكافحة غسيل الأموال وتحسين تتبّع المعاملات بين دول الاتحاد الأوروبي والنقاط الساخنة العالمية الخطيرة وإجراء تعديلات لتسهيل تتبّع المدفوعات الصغيرة، والتي غالباً ما تكون نقداً.
وبينما تصف المفوضيّة الأوروبيّة خططها بأنها حلّ وسط، بين الاحتياجات والضرورات الأمنيّة، يرى المدافعون عن الحريّات المدنيّة أنّ قرار جمع وتخزين بيانات المسافرين الذي أقرّته المفوضية الأوروبية يُعد انتهاكاً لقرار محكمة العدل الأوروبيّة، الذي ينص على أنّ جمع وتخزين معلومات شخصيّة من دون حماية، يُعد انتهاكاً للخصوصيّة الشخصيّة.