تتعدّد الدراسات خلال العقدين الأخيرين حول الكيفية التي تعيد التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة توزيع القوى في المجتمعات، وكذلك العلاقة بين المجتمع والدولة، حيث فرضت أشكالاً جديدة من التعبير تؤثر بشكل متواصل على مفاهيم الهوية والجماعة والسلطة.
"من الهرمية إلى الشبكية: وجهة الدول والمجتمعات في عصر اقتصاد المعرفة" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحث الأردني إبراهيم غرايبة عن "الآن ناشرون وموزعون"، الذي يقرأ تحولات التقنية وما ستؤدي إليه من تغيرات في الأسواق والاقتصاد، كما ستنشئ منظومة اجتماعية ثقافية جديدة.
يشير المؤلّف إلى أنه ربما يكون مصطلح "تكنولوجيا المعنى" أفضل ما يصف التكنولوجيا الجديدة
يشير المؤلّف في المقدمة إلى أنه "ربما يكون مصطلح "تكنولوجيا المعنى" أفضل ما يصف التكنولوجيا الجديدة، إذ إنه ببساطة يختزل الاتجاه الأساسي للتكنولوجيا الجديدة ثم التحديات الحقيقية الناشئة، فالتكنولوجيا الحاسوبية والشبكية وما بعدها تحاكي الإنسان، وتؤدي معظم إن لهم يكن جميع ما كان يعمله بنفسه، إنها لا تحلّ فقط مكان الإنسان في الأعمال والمؤسسات، لكنها أيضًا تنجز ما كان يتميز به الإنسان عن لآلة، وما كانت لا تستطيع أن تؤديه، مضيفاً "هكذا يواجه الإنسان تحديًا حقيقيًا في أهميته ومعنى وجوده، أو يجب أن يبحث عن معنى جديد يتميز به، ولا تستطيع التكنولوجيا الجديدة أن تفعله".
تحدّيات انشغل غرايبة في رصدها وتحوّلاتها في مقالات ومؤلّفات سابقة، في محاولة لفهم التغيرات التي يفرضها التطوّر التكنولوجيا في سياقات عديدة تتعلّق بتوسّع الاقتصاد المعرفي وما يفرضه من تغيّر في السلوك والمفاهيم والقيمة، وكيف تنقرض مهن وأفكار ومؤسسات وتولد غيرها بشكل دائم.
ويرى صاحب كتاب "شارع الأردن: رؤية في الإصلاح والتنمية" أن "الحديث عن هيمنة التكنولوجيا على المعنى ليس توقعًا مستقبليًا ولا فكرة نظرية، لكنه أمر واقع يتشكل أسرع مما يتوقع معظم الناس، وربما يكون العالم بحلول منتصف القرن الحالي عالمًا آخر مختلفًا في تنظيمه ومؤسساته وأعماله وأفكاره وقيمه، ويمكن في هذه المساحة أن نفكر في مجموعة من القضايا والأفكار العملية والمطروحة في الفضاء العام".
ينقسم الكتاب إلى ستّة فصول؛ الأول بعنوان "البقاء والسلام: موجز في تاريخ التقدم الإنساني"، والثاني "من اليقين إلى الشك.. فلسفة الشبكية"، والثالث "من الصناعة إلى المعرفة.. الشبكية الاقتصادية"، و"من الهرمية إلى الششبكية.. التحولات السياسية"، و"من التلقي إلى المشاركة.. المجتمع الشبكي".