13 ابريل 2022
أي انحدار يا وكالة الأنباء الفرنسية؟
على الرغم من عمق الجانب الديمقراطي الإنساني في الثقافة الأوروبية، والغربية عمومًا، ولدى المثقف الأوروبي ومواقفه تجاه العالم أيضًا، إلا أن ذلك لا يخفي الوجه الفاشي الاستعلائي المصلحي في هذه الثقافة ولدى ذلك المثقف. أما إذا انتقلنا إلى دائرة النخب الحاكمة، فالصورة تبدو أكثر بشاعة وخزيا، فقد كشفت الأيام أنه حتى الديمقراطية الغربية نفسها لا تزال مهددة بالانتكاسة. هذا ما نجده واضحًا في فرنسا (ماري لوبان)، وفي ألمانيا، ناهيك عن الفاشيات التي برزت على السطح، مثل الفطر الفاسد، في النمسا ودول شمال أوروبا، ودول شرق أوروبا (الديمقراطية) وغيرها. ويكفي أن يُذكر الرئيس دونالد ترامب في أميركا الذي يمثل (بجدارة) الوجه الأقبح للسياسة الغربية، لنعرف إلى أي مدى ما تزال الفاشية تشكل جسمًا أساسيًا في الاجتماع الغربي، وما تزال تحوم كالشبح فوق أوروبا، والغرب عمومًا، تهدّده بالعودة إلى الثلاثينيات من القرن الماضي، في زمن موسوليني وهتلر، ومعها العهر السياسي والغباء والسقوط الأخلاقي. لا ضرورة لذكر الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، وطغيان المصالح الشخصية على ما عداها، ثم الانحياز المفرط في الوضوح للاستبداد وللمستبدين.
وعلى الرغم من تلك السياسة المتواطئة مع المستبدين، فهم لا يتردّدون في استخدام شعار الديمقراطية، للنيل من حكوماتٍ لا يمكن القول إنها استبدادية، مثل حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وذلك ضريبة لنجاح تلك الحكومة، ولأنها انتهجت سياسة مستقلة بنجاح، وامتنعت عن اتباع سياسة ذيلية لأوروبا والغرب. وكلنا شهود على خيانتهم لكل قيمهم (المرفوعة عاليًا) بوقوفهم مع الاستبداد ضد ثورات الربيع العربي، بل حاولوا استثمار إخفاق الشعوب في ثوراتها، ليعيدوا تجربة الاستبداد ويتصالحوا معه، من أجل مصالح ضيقة لبلادهم، وباركوا بوقاحة صعود مستبدين جدد، تحت اسم الأمن والسلام ومحاربة الإرهاب.
لهذا لا يمكن فهم إعلان وكالة الأنباء الفرنسية (المأجور) ضد مؤسسة ثقافية مهمة ومرموقة،
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومديره العام المفكر العربي عزمي بشارة، بطريقة مبتذلةٍ وقحة، من دون التعرَّف إلى مدى انحدار السياسات الغربية، وتكالبها على المصالح الآنية، فأقحمت نفسها في شأن ثقافي لا ناقة لها به ولا جمل. يتساءل المرء عن سبب فعلها ذلك، فلا يجد سوى جوابٍ واحد مفهوم، وهو المصلحة الرخيصة، فهي لا يمكنها أن تقدم المسوغات المنطقية، وهي عاجزة عن تبرير فعلتها تلك في اتساقٍ مع المنطق العقلي والأخلاقي، فقد اتبعت طريقًا لا يليق اتباعه سوى بالصحف الصفراء سيئة الصيت، ولا يمكنها أن تجد المبرّر الأخلاقي و(الديمقراطي؟) لهذا الانحدار المأجور الذي تجاوزت فيه (الوكالة) كل الحدود الدبلوماسية والأخلاقية المألوفة. فلأول مرة، على حد علمي، تتنطّع وكالة أنباء لدولة أوروبية مرموقة في ثقافتها وعمق حياتها الديمقراطية، لتوظف نفسها (ضمن السياسة الفاجرة والكيدية لسياسة أبوظبي)، ضد مؤسسة ثقافية شهيرة، لها وزنها الحقيقي وتأثيرها التنويري الملموس على توجهات الثقافة العربية نحو الديمقراطية والحداثة، صدر عنها أكثر من مائة وخمسين كتابًا، تُعد مصادر ومراجع للثقافة العربية والغربية المستنيرة، وخمس دوريات، في السياسة الدولية والإقليمية (سياسات عربية ) والاجتماع والثقافة (تبيّن) والعمران والحضارة (عمران) والتاريخ (أسطور) والاستشراف والمستقبليات (الاستشراف)، بالإضافة إلى دورية ثقافية سياسية بالإنكليزية. كما يصدر عن المركز سنويًا المؤشّر العربي، يستطلع فيه اتجاهات الرأي العام في البلدان العربية نحو مواضيع اقتصادية واجتماعية وسياسية. وقد أدخلت الوكالة الإخبارية الفرنسية نفسها في عداء وقح مع مفكر عربي له إسهاماته الفكرية المؤثرة، ووزنه وتأثيره في الوسط الثقافي العربي، ما لا يليق بوكالة أنباء عالمية.
لا يهم صاحب الإعلان في الوكالة الفرنسية ذلك كله، ولا يكترث به أصلًا، فمشاغله مختلفة تمامًا، متعلقة بالدرجة الأولى بمذاق أبوظبي ومطبخها السياسي الرديء، فهو عندما كتب إعلانه العار! كان شغله الشاغل المصالح الآنية، الشخصية أو العامة للوكالة. أما من يقف وراء هذا الإعلان فهو ليس بعيدًا عن دائرة ذلك من وقف وراء اختراق وكالة الأنباء القطرية، وأذاع خبرا كاذبا ليقدم مسوغًا لإشعال الأزمة الخليجية.
كيف يمكن أن تبرّر هذه الوكالة ارتكابها ذلك السقوط الأخلاقي، أمام نفسها أولًا وأمام القراء عمومًا ثانيًا، وهو ارتكاب غير مشرف لصاحبه، وللمؤسسات التي تقف وراءه.
وعلى الرغم من تلك السياسة المتواطئة مع المستبدين، فهم لا يتردّدون في استخدام شعار الديمقراطية، للنيل من حكوماتٍ لا يمكن القول إنها استبدادية، مثل حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وذلك ضريبة لنجاح تلك الحكومة، ولأنها انتهجت سياسة مستقلة بنجاح، وامتنعت عن اتباع سياسة ذيلية لأوروبا والغرب. وكلنا شهود على خيانتهم لكل قيمهم (المرفوعة عاليًا) بوقوفهم مع الاستبداد ضد ثورات الربيع العربي، بل حاولوا استثمار إخفاق الشعوب في ثوراتها، ليعيدوا تجربة الاستبداد ويتصالحوا معه، من أجل مصالح ضيقة لبلادهم، وباركوا بوقاحة صعود مستبدين جدد، تحت اسم الأمن والسلام ومحاربة الإرهاب.
لهذا لا يمكن فهم إعلان وكالة الأنباء الفرنسية (المأجور) ضد مؤسسة ثقافية مهمة ومرموقة،
لا يهم صاحب الإعلان في الوكالة الفرنسية ذلك كله، ولا يكترث به أصلًا، فمشاغله مختلفة تمامًا، متعلقة بالدرجة الأولى بمذاق أبوظبي ومطبخها السياسي الرديء، فهو عندما كتب إعلانه العار! كان شغله الشاغل المصالح الآنية، الشخصية أو العامة للوكالة. أما من يقف وراء هذا الإعلان فهو ليس بعيدًا عن دائرة ذلك من وقف وراء اختراق وكالة الأنباء القطرية، وأذاع خبرا كاذبا ليقدم مسوغًا لإشعال الأزمة الخليجية.
كيف يمكن أن تبرّر هذه الوكالة ارتكابها ذلك السقوط الأخلاقي، أمام نفسها أولًا وأمام القراء عمومًا ثانيًا، وهو ارتكاب غير مشرف لصاحبه، وللمؤسسات التي تقف وراءه.