أيام بلا سكر

08 ديسمبر 2015
سمير صايغ/ لبنان
+ الخط -

تطلبُ من النادلة سكّراً في صالة الإفطار، لا تعرف البرتغالية فتقول لها: "شوغر". لوهلة لا تفهمك، لكنها تستدرك فجأة: الـسكّر. تقولها بالعربية الفصحى.

أنت تعرف عمق الأثر العربي على الثقافة واللغة البرتغاليتين، وطالما حدّثك أًصدقاء شعراء عن التأثير الشعري العربي الذي وفد إليهم من الشعر الإسباني ومن تقليد التروبادور العربي المنشأ؛ لكن تشديد النادلة على أل التعريف ونطقها قمرياً جعل لقهوة الصباح نشوة الصهباء في قصيدة جاهلية.

لست مصاباً بمتلازمة علي فهمي خشيم (المؤرّخ الليبي وأستاذ القذافي في ابتكار أصل عربي لكل شيء) لكنك تعرف أي يد بيضاء للثقافة العربية الإسلامية على العالم، وإلى أي درجة منكرٌ فضلها ومجحود ومفترى عليه لأسباب سياسية، استعمارية بالأحرى.

مأزق أوروبا يكمن في أن أكثر إشراقاتها الحضارية هي من زيت منطقتنا، مأزق تعالجه بمزيد من التعالي على جارها المتفضِّل، الجريح باستعمارها و"أنوارها". ومأزقنا أننا مجروحون بوعينا الإمبراطوري، ولم نستطع مفارقته رغم أننا منذ قرون لم نعد إمبراطورية، وأننا اليوم مستعمَرون ونكاد نرجع مجرّد غساسنة ومناذرة.

الأحرى أن تكمل فنجان قهوتك وأن تنتشي بكلمة من لغتك، وأن تنسى قليلاً أياماً لم يعد بمستطاع السكّر أو السُكر التخفيف من مرارتها.


اقرأ أيضاً: أندلس الترجمة

المساهمون