يبدأ، اليوم الأحد، وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، زيارة رسمية للقاهرة، تمتد أياماً عدة، يلتقي خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، في إطار التحضير لزيارة محتملة، الشهر المقبل، للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة، وكذلك للوقوف على تطورات التنسيق السياسي والاستخباراتي بين البلدين في مجال مراقبة الأوضاع في ليبيا، إلى جانب مناقشة التعاون العسكري والاقتصادي.
وتأتي ليبيا على رأس الملفات التي ستناقش خلال الزيارة؛ وسيبحث الطرفان جهود الوساطة للمبعوث الأممي غسان سلامة وما أسفرت عنه لقاءاته في القاهرة وطرابلس، خلال الأيام الماضية. كما من المحتمل أن تستضيف القاهرة، خلال الساعات المقبلة، اجتماعاً ثلاثياً بين وزيري الخارجية المصري والفرنسي والمبعوث الأممي، الذي وصل إلى القاهرة أخيراً.
وكانت مصادر أمنية مصرية قد ذكرت لـ"العربي الجديد"، الأسبوع الماضي، أن "التنسيق المصري الفرنسي في ليبيا يشهد تطوراً واضحاً بعد زيارة السيسي لباريس، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على خلفية اتفاق بين الجانبين على دعم (اللواء المتقاعد خليفة) حفتر، بعد الأزمة التي وقعت بينه وبين إيطاليا الصيف الماضي، بعدما عملت روما على تحجيم تحركات مليشياته في اتجاه سرت التي كانت تسيطر عليها في ذلك الوقت مليشيات تابعة لرئيس حكومة الوفاق فائز السراج. ويأخذ التنسيق مستويين؛ الأول يتعلق بالأوضاع السياسية، والثاني ينصب على الأوضاع الأمنية عبر الحدود الليبية الشرقية والجنوبية، ومراقبة المعسكرات المسلحة، والدروب التي تنشط فيها حركة تهريب الأسلحة والمخدرات".
وتتفق القاهرة وباريس على ضرورة نزع أسلحة المليشيات المختلفة وتوحيد الجيش الليبي. ويتدارس الجانبان، بحسب مصادر دبلوماسية مصرية، إجراءات لإبقاء التيار الذي يقوده حفتر متماسكاً في ظل حالته الصحية المتردية، حتى بعد عودته إلى بنغازي من باريس عبر القاهرة، بعد رحلة علاج لم يُعلن عن تفاصيلها الكاملة حتى الآن. مع العلم أن المؤشرات تدل على احتمال اندلاع أزمة على خلافته بين عدد من أقاربه وكبار مساعديه، مع محاولة بعضهم، خلال الفترة الماضية، التقرّب على مستوى فردي إلى الدول الداعمة لحفتر كروسيا وفرنسا ومصر والإمارات.
وبعيداً عن الشأن الليبي؛ سيناقش لودريان في القاهرة التصورات التي أبلغها السيسي لماكرون منذ أيام عن الأوضاع في سورية عقب الضربة الثلاثية المحدودة للنظام السوري، وذلك رغم اختلاف المواقف جذرياً بين البلدين من ضرورة استمرار نظام بشار الأسد والوجود الروسي المؤيد له.
كما ستتطرق المباحثات إلى فرص مضاعفة التواجد الاقتصادي الفرنسي في مصر، علماً أن 160 شركة فرنسية في مصر حالياً، بعضها تعثرت أعمالها بعد ثورة يناير 2011. وتحاول حكومة السيسي حالياً استعادة ثقة المستثمر الفرنسي في بيئة العمل المصرية، عن طريق الإسراع في حل المنازعات بين المستثمرين والحكومة، وتسوية المشاكل البيروقراطية، كما تسعى فرنسا لمضاعفة حجم الاستثمار المباشر الذي بلغ 1.6 مليار يورو في عام 2016.
وارتباطاً بذلك، ستتضمن زيارة لودريان للقاهرة جولة في بعض مواقع توسعة مترو الأنفاق، الذي يعتبر رمزاً للتعاون الفرنسي المصري منذ الثمانينيات. كما سيلتقي لودريان بممثلي الشركات الفرنسية العاملة في مصر، وأعضاء غرفة الأعمال المصرية الفرنسية.
وتتجه مصر لمنح فرنسا 4 عقود في مجال توليد الطاقة، لإنشاء محطتين لتوليد الطاقة الشمسية ومحطتين أخريين صغيرتين لتوليد الطاقة الكهربية في الصعيد، وذلك مقابل تلقيها منحة فرنسية لا ترد بقيمة 1.5 مليون يورو، كتمويل للدعم الفني لإنشاء المشاريع الأربعة، وتدريب الفنيين المصريين. علماً أن المشاريع ستضمن حصول الشركتين الفرنسيتين على ربح يتخطى 60 في المائة من إجمالي حصيلة الكهرباء المولدة والمباعة على مدار 25 عاماً.
وسبق أن دفعت مصر لفرنسا 950 مليون يورو مقابل شراء حاملتي المروحيات من طراز "ميسترال" والمحتمل حالياً أن يتم تأجير واحدة منهما على الأقل لروسيا، خصوصاً بعدما امتنعت باريس عن بيعهما لروسيا مقابل 900 مليون يورو فقط، لأسباب سياسية، كما اشترى السيسي من باريس 24 طائرة مقاتلة من طراز "رافال" مقابل 5.2 مليارات يورو، في ظل تراجع الطلب العالمي عليها.