قرر البرلمان الأوكراني، اليوم الأحد، تسليم رئيسه ألكسندر تورتشينوف مهام رئاسة البلاد بعد عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش أمس، في وقت رفضت فيه زعيمة المعارضة يوليا تيموشينكو، التي أُطلق سراحها أيضاً أمس، ترشيحها لمنصب رئاسة الحكومة.
وفور التصويت على اختياره رئيساً مؤقتاً للبلاد، دعا تورتشينوف (49 عاماً) النواب الى الموافقة على تشكيل حكومة وحدة وطنية بحلول يوم الثلاثاء المقبل، وأكد أنه يجب إعطاء الأولوية لهذه المهمة، في ظل فراغ أمني تعيشه البلاد مع انسحاب غالبية المسؤولين الأمنيين. ويفترض أن تمتد مهام تورتشينوف، حليف تيموشينكو، حتى 25 مايو/أيار المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية.
من جهة ثانية، صوّت البرلمان أيضاً لصالح عزل وزير الخارجية ليونيد كوجرا، وهو حليف ليانوكوفيتش، فيما أصدرت السلطات الأمنية أمراً بالقبض على وزير الداخلية السابق ألكسندر كليمنكو، والنائب العام السابق فيكتور بشونكا.
في غضون ذلك، أعلنت تيموشينكو أنها لا تريد أن تؤخذ في الاعتبار لشغل منصب رئيس الوزراء. وقالت في تصريحات عبر موقعها على الانترنت: "كان الأمر مفاجئاً لي حينما سمعت أن اسمي مطروح لتولّي منصب رئيس الوزراء. لم يتفق معي أحد على ذلك ولم يناقشني فيه أحد. أنا ممتنّة لما يظهره هذا من احترام. ولكنني أطلب ألا يأخذوني في الاعتبار لشغل هذا المنصب".
وان كانت تيموشينكو، التي خسرت بفارق ضئيل لصالح يانوكوفيتش في الانتخابات الرئاسية عام 2010، والتي سجنت في عام 2011 بتهمة استغلال منصب، لا تريد العودة لمنصب رئيس الوزراء، فلعلها تطمح الى منصب رئيس الدولة.
وكان البرلمان قد أعلن في وقت سابق اليوم إمكانية ترشيح قياديين من المعارضة لمنصب رئيس الحكومة، فيما اقترح أحد النواب مشروع قانون يحظر حزبي "الأقاليم" و"الشيوعي"، الأمر الذي يهدّد بتمزيق البلد، وهو ما يخشاه المسؤولون الأوروبيون.
وقال النائب عن حزب "الوطن"، نيقولاي تومينكو، إنّ المجلس ينظر في مسألة ترشيح تيموشينكو، إلى منصب رئيس الحكومة، مضيفاً أن البرلمان ينظر أيضاً في ترشيح رئيس حزب "الوطن"، أرسيني ياتسينيوك، للمنصب نفسه.
وفي خطوة تعزّز المخاوف من تقسيم البلاد، اقترح النائب المستقل، أوليغ لياشكون، حظر نشاط حزبي "الأقاليم" و"الشيوعي"، اللذين يحظيان بشعبيّة كبيرة في الأقاليم الشرقية من أوكرانيا. وجاء في بيان نُشر على موقع البرلمان على شبكة الإنترنت، أنه تم تسجيل مشروع قرار بهذا الشأن في المجلس اليوم الأحد.
يأتي هذا الاقتراح في ظل مخاوف أوروبية من احتمال تقسيم البلاد، حيث دعا أكثر من مسؤول أوروبي، بينهم وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، مساء أمس، الأوكرانيين الى التصرف بمسؤولية والحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها.
في المقابل، قال ممثل الرئيس الأوكراني في البرلمان، يوري ميروشنيتشينكو، إن حزب "الأقاليم" يجب أن يدخل تركيبة الائتلاف الحكومي المقبل. وأشار إلى أهمية أن يصبح الحزب ممثلاً في الحكومة، للحفاظ على وحدة الأراضي الأوكرانية. وذكر أن انضمام "الأقاليم" إلى الائتلاف سيضمن أن المناطق الشرقية لن تشعر بأنها منفصلة عن سائر أجزاء أوكرانيا.
من جهته، طالب نائب رئيس حزب "الضربة"، فيتالي كوفالتشوك، بمعاقبة رئيس الوزراء الأوكراني السابق، نيكولاي آزاروف، على "إفشاله توقيع اتفاقية الانتساب بالأحرف الأولى مع الاتحاد الأوروبي". وقال إن حزب "الضربة" يصرّ على فتح تحقيقات في أعمال كل المسؤولين المتورطين في العنف وقتل الناس وانتهاك حقوق الإنسان وسرقة ممتلكات وأموال الدولة.
في غضون ذلك، أعلن مفوّض الرقابة على وزارة الداخلية الأوكرانية، أرسين أواكوف، أن وزارته قررت إطلاق سراح 64 شخصاً من المعتقلين بسبب مشاركتهم في احتجاجات كييف، مشيراً إلى فتح تحقيقات في عمل عدد من أفراد قوات الأمن.
ووقّع الرئيس الأوكراني المخلوع وقادة المعارضة، أرسيني ياتسينيوك وفيتالي كليتشكو وأوليغ تياغنيبوك، يوم الجمعة، على اتفاق لوضع حدّ للأزمة في البلاد، وذلك بحضور موفدين من الاتحاد الاوروبي، بعدما شهدت كييف أعمال عنف عُدّت الأسوأ منذ حصلت البلاد على استقلالها في العام 1991. وينص الاتفاق على تقديم الرئيس تنازلات كبيرة للمعارضة، بينها إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتشكيل حكومة ائتلافية وإجراء تعديلات دستورية، فضلاً عن إطلاق سراح المعارضين.