واستمرت المفاوضات المضنية بشأن "اتفاق الانسحاب" غير المسبوق بين لندن والمفوضية الأوروبية 17 شهرا، والذي يحدد أطر العلاقات في مرحلة ما بعد بريكست، خصوصا على الصعيد التجاري.
ويرتقب أن يحل اتفاق الانسحاب العديد من القضايا المهمة خصوصا قضية الفاتورة التي يفترض أن تدفعها لندن إلى الاتحاد الأوروبي بدون أرقام، وينص الاتفاق أيضاً على حل مثير للجدل لتجنب العودة إلى حدود مادية بين إيرلندا ومقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية.
وهذه النقطة كانت موضع انتقادات جديدة من قبل وزير الخارجية السابق بوريس جونسون الذي صرح في بلفاست أمس السبت، أن ذلك سيحول إيرلندا الشمالية "مستعمرة اقتصادية للاتحاد الأوروبي"، كاشفا بذلك عن الأوقات الصعبة التي تنتظر رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي للدفاع عن الاتفاق في المملكة المتحدة.
وهذا الإعلان سيتضمن قضايا أخرى تتعهد فيها الدول الـ27 بالتزام "الحذر" حيال لندن في تطبيق الاتفاقات المتعلقة بها، مثل "المنافسة النزيهة" في المجال الاقتصادي.
وانعكس تأهب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سلباً على اقتصاد القارة العجوز، إذ أظهر مسح، الجمعة الماضية، أن نمو أنشطة الأعمال في منطقة اليورو جاء أضعف من التوقعات خلال الشهر الجاري، مع هبوط حاد في الصادرات جراء تباطؤ الاقتصاد العالمي والحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة.
وهبط مؤشر "آي.إتش.إس ماركت" المجمع لمديري المشتريات إلى 52.4، مسجلا بذلك أدنى مستوياته منذ أواخر 2014، مقارنة مع قراءة نهائية عند 53.1 في أكتوبر/ تشرين الأول.
ويقل هذا المستوى عن متوسط توقعات في استطلاع للرأي أجرته وكالة "رويترز" ببلوغه 53. وكان أقل مستوى للتوقعات عند 52.3، في حين أن أي قراءة فوق 50 تشير إلى نمو.
وفي سوق العملة، هبط اليورو بنحو 0.5%، الجمعة الماضية، بعد إشارات على أن النمو الاقتصادي قد يتباطأ في أنحاء منطقة اليورو.
ويفترض أن يخضع الاتفاق لاختبار المصادقة عليه في البرلمان الأوروبي وفي البرلمان البريطاني قبل أن يدخل حيز التنفيذ في 29 آذار/مارس 2019.
وفي تصريح نشر اليوم الأحد، قالت تيريزا ماي التي وصلت إلى بروكسل منذ مساء السبت إنه "اتفاق من أجل مستقبل أفضل يسمح لنا بانتهاز الفرص التي تنتظرنا".
وهذه القمة التي هددتها أولا مواجهة حول مستقبل جبل طارق تمت تسويتها في اللحظة الأخيرة، تشمل اجتماعا لقادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي صباح اليوم، لإقرار اتفاق الانفصال التي تقع في 60 صفحة.
وسيوافقون أيضا على "إعلان سياسي" ملحق بالاتفاق حول العلاقة المستقبلية "الطموحة" التي يأملون فيها بين الطرفين، قبل أن تنضم إليهم تيريزا ماي لإظهار موافقة الجميع على النص.
وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في تغريدة مساء أمس، أن "الأصدقاء يبقون أصدقاء حتى النهاية، وأفضل تسوية". وقال توسك في رسالة الدعوة إلى القمة "لم يكن أحد يريد إلحاق الهزيمة بأحد، بل كنا جميعا نبحث عن اتفاق عادل. أعتقد أننا توصلنا في نهاية الأمر إلى أفضل تسوية ممكنة"، معبرا عن ارتياحه لأن الدول الـ27 "اجتازت بنجاح اختبار الوحدة والتضامن".
لكن هذه الوحدة تصدعت في الأيام الأخيرة عندما هددت إسبانيا بالتسبب بإلغاء القمة إذا لم تحصل على ضمانات مكتوبة حول مصير جبل طارق. وبعد مفاوضات شاقة، أكد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بعد ظهر أمس السبت، أنه تمت تلبية طلبه.
وكان الاتحاد الأوروبي طمأن مدريد الحريصة على أن تتمتع بحق في النظر في وضع المنطقة، قبل بدء مفاوضات بريكست في حزيران/يونيو 2017 بأن "أي اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لن يطبق على أراضي جبل طارق" بدون ضوء أخضر من إسبانيا.
وهذا التفصيل لم يرد في الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي، ما أثار غضب الحكومة الإسبانية التي هددت بعرقلة الاتفاق إذا لم يدرج نص واضح في هذا الشأن. لكن إسبانيا أكدت أمس، أنها تلقت ضمانة كافية من السلطات البريطانية بألا تشمل اتفاقات لندن المقبلة مع الاتحاد الأوروبي في المستقبل بشكل آلي جبل طارق. إلا أن ماي أكدت السبت أنها "فخورة بأن جبل طارق بريطانية وسأبقى دائما إلى جانب جبل طارق"، مشددة على أن موقف المملكة المتحدة بشأن السيادة على هذه المنطقة "لم ولن يتغير".
(العربي الجديد، فرانس برس)