أوبريت "ملاك السلام": تمجيد محمود عباس يغضب الفلسطينيين

06 ديسمبر 2019
شملت الانتقادات الكلمات والرؤية الإخراجية وهدر المال (يوتيوب)
+ الخط -
قوبلت أوبريت "ملاك السلام" التي أنتجها وبثها التلفزيون الفلسطيني الرسمي، باستياء وانتقاد كبيرين، حيث قال البعض إنها كلفت الخزينة الرسمية الفلسطينية مبالغ طائلة، وهي التي تعاني من أزمة مالية خانقة تسببت بعدم قدرتها على تسديد رواتب الموظفين الحكوميين لأشهر.

كما شملت الانتقادات الكلمات التي تمجد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو المقصود بـ"ملاك السلام"، اللقب الذي أطلقه عليه بابا الفاتيكان عام 2015، والرؤية الإخراجية للأوبريت التي اعتمدت على ظهور كورال يرتدون ملابس تدل على تخصصات تشمل مختلف فئات المجتمع (مهندسين، أطباء، رجال أمن، مزارعين... إلخ)، متوزعين على جنبات المدرج الضخم في حديقة الاستقلال في مدينة البيرة المُصلاقة لمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، وفي المقدمة وعلى منصات منفصلة، غنى 4 فنانين تباعًا، فيما تولى الكورس الإعادة بشكل جماعي.

وقال خالد سكر، المدير العام لتلفزيون فلسطين، في لقاء خاص بثه التلفزيون مع مجموعة من المشاركين في الأوبريت: "إنّ الوزير أحمد عساف المشرف العام على الإعلام الرسمي، لم يبخل على هذا العمل الفني، في خضم الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية".


 وانتقد الناشط عامر حمدان كلام سكر قائلًا: "وكأنه يدفع من جيبه!" (يقصد عساف)، وأضاف: "بقي أن تقول إنه تبرع بسخاء عن أرواح أمواته، نقودنا تصرف بلا رقيب ولا حسيب، ثم يقول (لم يبخل كعادته)، طبعًا عندما يموت سنكتب على قبره (أمضى عمره في طاعة الله والسخاء والرخاء)".

 

وعن الكلفة أيضًا، كتب المصور الصحافي فادي العاروري: "إنتاج تلفزيوني جميل، أوركسترا رائعة، غناء لا يرتقي للمستوى، وبصراحة لديّ فضول لأعرف كم كلّف هذا العمل خزينة الدولة، وما فائدته! أم بات ضروريًا أن نكون كباقي الدول العربية؟".

 

أما نجم الستاند أب كوميدي، علاء أبو دياب، المعروف بنقده الدائم لسياسات السلطة الفلسطينية، فبثّ فيديو مباشرا عبر صفحته على "فيسبوك"، تحدث فيه بإسهاب عن الإعلام الرسمي الفلسطيني، وضعفه الشديد في تناول القضايا التي تهم المواطن وتدافع عن حقوقه، متهمًا المسؤولين فيه بالإساءة للرئيس عباس بإنتاجهم لهذا العمل الفني، قائلًا: "السبيل لرفع شعبية الرئيس يكمن في إغلاق تلفزيون فلسطين".



وسخر الناشط علي عبيدات، في سلسلة منشورات، من الأوبريت، قال في أحدها: "حصل حفل عرسي على 12 ألف مشاهدة، ولم يكلفني سوى 14 كأس شاي وقهوة، ولم ينل سوى 10 تفاعلات سلبية". وقال في آخر: "تتضمن أوبريت (ملاك السلام) مقاطع تتعارض مع برنامج الرئيس وتأكيده على النضال السياسي والمقاومة الشعبية السلمية".



وقال الإعلامي الفلسطيني سعيد وليد الحاج، الذي يعيش في ألمانيا: "لو كانت الأوبريت بلغة أخرى، لقلنا إنها تسويق لعباس دوليًا، ولكان ذلك مفهومًا (وإن لم يكن متفهمًا)، أما تسويقها للفلسطينيين بهذه السردية (ملاك السلام) ففيه الكثير من الاستخفاف والاستهبال، إن لم نقل السعي لكيّ الوعي، قبل أن ندخل في تفاصيل المال والهدر والتملق والكلمات وغيرها".


كما شنت منى جبران هجومًا كبيرًا على العمل، على صفحتها على "فيسبوك"، وقالت: "وصلت كلفته إلى (200) ألف دولار أميركي، والرئيس عباس هو من موّله"، ووصفت الفنانين الفلسطينيين الذين شاركوا به بـ"المنافقين مع الرئيس من أجل جني الأموال".

ودافع البعض بالمقابل عن الأوبريت، ووجدوا في كلماتها وصفًا لما "يبذله الرئيس عباس من جهود في سبيل إحلال السلام وإحقاق الحقوق"، موضحين أنّ تلفزيون فلسطين "قفز قفزات نوعية" في أدائه الإعلامي والإداري، حيث انتقد خالد سليمان، الذي يعمل في مفوضية الإعلام والثقافة التابعة لحركة فتح، من وصفهم بأنهم "يكيلون بمكيالين"، لأنهم يهاجمون العمل الفني "من منطلقات غير مهنية".


كما وصف ماهر حسين منتقدي العمل بأنهم "ثوار وسائل التواصل الاجتماعي الأبطال"، وقال: "من يضحون بأوقاتهم من أجل (اللايكات)، وينتقدون عملًا فنيًا بإمكانهم عدم مشاهدته، ولكنهم وللأسف صامتون تمامًا عن كل المشاريع التي تعزز انفصال غزة، وتضع قضيتنا في مهب الريح في زمن العقل الحمساوي المنفتح"، وتابع: "لست ضد انتقاد أي عمل فني، ولكني في الوقت نفسه لست مع جلد الذات، الهادف إلى تدمير وطنيتنا والقضاء على أحلامنا الوطنية بالتحرر والسلام".


وفي الإطار نفسه، أصدر عدد من الكتاب والمثقفين والسياسيين الفلسطينيين نداءً عبروا فيه عن رفضهم للأوبريت. وجاء في النداء: "بعد بدعة كتاب "قدوتنا رئيسنا"، الذي تم سحبه من التداول، وقصة "فوضناك" التي تؤكد خواء وتكلّس حركتنا الوطنية، وضعف مبناها الديمقراطي، فوجئنا بما أطلق عليه اسم أوبريت "ملاك السلام"، وما تشي به من قيم تزلّف ونفاق وعبادة الفرد، وهي قيم غريبة عن قيم الثورة الفلسطينية، التي قامت على إعلاء المشاركة والتطوع وقيم المساواة والحرية والعدالة، وتشجيع روح النقد والاستفسار والمحاسبة الموضوعية، والانتماء للمصلحة الوطنية والتضحية من أجلها".

وأكد المشاركون في النداء "أن شعباً من أبنائه إدوارد سعيد، ومحمود درويش، وتوفيق زياد، وغسان كنفاني، وإميل حبيبي، ومعين بسيسو، وجبرا إبراهيم جبرا، وناجي العلي، وإسماعيل شموط، وإبراهيم أبو لغد، وحنا ميخائيل، وهشام شرابي، وجورج حبش، وأنيس صايغ، وشفيق الحوت، وفتحي الشقاقي، وغيرهم كثر، ينفر بشدة من هكذا إسفاف وتهافت، ما ينم عن محاولة لوأد قيم التحرر والمساواة، وتحويل الوطنية الفلسطينية إلى مراسيم همها تمجيد السلطة الفردية والديكتاتورية التي نشاهد منها كثيرا من الأشكال في منطقتنا والعالم".

وطالب الموقعون بسحب الأغنية من التداول، والاعتذار عن عرضها في القنوات الرسمية، كما طالبوا "بوقف نهج تصنيم الأفراد وحرف الثقافة الفلسطينية عن نهجها الديمقراطي التقدمي. ومن المنطلق ذاته نستنكر استغلال وتوجيه مواهب شبابنا للترويج لثقافة هابطة ومتهافتة. كما طالبوا بالتركيز على مقاومة المحاولات الأميركية والإسرائيلية لتصفية قضية شعبنا، وإعادة بناء منظمة التحرير، وإنهاء الانقسام، وتعزيز صمود شعبنا في أرضه".

ومن بين الموقعين على البيان: جميل هلال، وإلياس خوري، وجابر سليمان، ومعين الطاهر، وماجد كيالي، وأسعد غانم، ومصطفى أبو هنود، وسماء أبو شرار، وباسل أبو حمدة، ومعن البياري، وهدى المشهراوي، وعماد جيباوي، وأحمد أبو راشد، وفهد شاهين، ورامي رشيد، ومصطفى الولي، وفرحان السعدي، ويوسف سعيد، ورائد جبر، ومشهور البطران، وفضل السقال، وتيسير خلف، وناديا نصر نجاب، ويحيى العطاري، وأحلام العباسي غانم، عدنان سليم، وخالد عيسى، وعبد الحكيم حلاسة، وأنس العلي، وسامر الياس، وأكرم القوصي، وجلال أبو نحل، وفوزي السهلي، ومحمد خير كريم، وعدنان جابر، وغسان أبو راشد، وهاني الشلبي، ومحمود سلايمة، وفاطمة جابر، وزكريا السقال، وصلاح الدين العواودة، ومحمود الصباغ، وماجد عزام، وحيدر عوض الله، ونواف التميمي، وزاهر الكيّالي، ومحمود خزام، وكمال حانوتي، ومحمود سرحان، وأمل محمد محمد، وفايز سارة، ومسعود فوزي محمد، وبشار عاشور، وعزام شعث، وخليل ذياب، ومحمد صالح عويد..

دلالات
المساهمون