أوباما عندما يطلب من إيران مساعدته لمساعدتها

14 فبراير 2015
يريد أوباما تسجيل تحوّل تاريخي (ألكس وونغ/getty)
+ الخط -
تبيّن التصريحات التي يدلي بها الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وطلباته إلى الكونجرس، أنه يريد إنجاز مهمتين معقدتين قبل أن تنتهي ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة. المهمة الأولى هي حسم الموقف مع إيران بالتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن مشروعها النووي، والمهمة الثانية هي تفادي التورط في حرب برية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، والهروب من هذه المغامرة التاريخية.


وبما أن رياح السياسة لا تجري كما يشتهي ربان السفينة، فلا يُستبعد أن تخيب توقعات أوباما على الجبهتين، وأن يفشل مشروع الاتفاق مع إيران، وأن يجد نفسه متورطاً في حرب برية ضد (داعش)، يدفعه نحوها ذوو النفوذ من الجمهوريين.

ولم يخف أوباما تبرمه وقلقه من أن تنتهي المفاوضات مع إيران في يونيو/حزيران المقبل دون التوصل إلى اتفاق، أو أن ينتهي شهر مارس/آذار المقبل من دون التوصل إلى إطار عمل ملزم، موضحاً في تصريحات أدلى بها في البيت الأبيض عقب استقباله المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أن أي تأجيل جديد للمفاوضات لن يكون مفيداً ما لم توافق إيران على إطار عمل أساسي يضمن للقوى العالمية أنّها لا تنفذ برنامجاً لإنتاج الأسلحة النووية.

ومن خلال هذا التصريح يمكن الاستنتاج، أن أوباما لا يريد إلزاماً فقط لإيران بالبنود الرئيسية للاتفاق المرغوب فيه من أجل الرقابة على مشروعها النووي، وإنما، أيضاً، إلزام بلاده وحلفائها من القوى العالمية بالاتفاق قبل أن ينجح معارضوه في إجهاضه بما قد يؤدي إلى حرمانه من تسجيل تحول تاريخي في سياسة واشنطن الخارجية هي الأولى من نوعها منذ الثورة الإيرانية عام 1979. وكان المفاوضون قد حدّدوا 30 يونيو/حزيران مهلة للتوصل الى اتفاق، وقال مسؤولون غربيون، إنّهم يهدفون إلى التوصل إلى توافق على جوهر الاتفاق بحلول الشهر المقبل.


ويواجه أوباما صعوبة بالغة في إقناع إسرائيل وحلفائها في الكونجرس بأنّ الهدف من وراء الاتفاق مع إيران بشأن مشروعها النووي، هو منعها من أن تصبح قوة نووية، وليس شرعنة ذلك المشروع. لهذا السبب بدا في تصريحه الأخير وكأنّه يطلب من إيران مساعدته على إقناع القوى المؤثرة في واشنطن بأن إطار الاتفاق مفيد لتطمين العالم بأنها جادة بالفعل في التخلي عن طموحها في إنتاج قنبلة نووية قائلاً إنّ "العالم يريد أن يثق في أن إيران لا تنفذ برنامجاً لإنتاج الأسلحة النووية". ويريد أوباما من إيران أن تطمئن العالم بأنها لا تستغل المفاوضات من أجل شراء الوقت لخدمة إرادة سياسية مخفية، وهي المضي، قدماً، في مشروع إنتاج السلاح النووي.

وكشف أوباما أنّ المفاوضات قد أنجزت ما يتعلق بالقضايا الفنية، ولم يعد، مطلوباً، سوى إرادة سياسية للإعلان عن الإطار السياسي للاتفاق. وأضاف متسائلاً "القضية الآن هي: هل لدى إيران الإرادة السياسية والرغبة في التوصل إلى اتفاق أم لا؟" بذلك، يكون الرئيس الأميركي قد أفصح، ضمنياً، عن خشيته من أن يجد نفسه أمام خيار مختلف، وهو اتضاح غياب الإرادة السياسية الإيرانية في التخلي عن الجانب العسكري من مشروعها النووي، وبالتالي اضطراره إلى مواجهة خطرين خارجيين حقيقيين في منطقة واحدة تقريباً، هما إيرن و"داعش" في آن.

المعضلة الحقيقية التي تواجه أوباما فيما يتعلق بالمفاوضات مع إيران، هو إدراكه، تماماً، وجود إرادتين سياسيتين متناقضتين في إيران بشأن المشروع النووي؛ الأولى يمثلها الرئيس، حسن روحاني، الذي يريد إخراج بلاده من محنها، وتقديم تنازلات في الجانب العسكري من المشروع النووي. أما الإرادة المعاكسة، التي يعتقد أوباما أن المرشد الأعلى، علي خامئني، هو من يمثلها، فلا تتضمن أدنى رغبة في التخلي عن الطموح النووي، بل ترى فيه صمام أمان لوجودها وضماناً لمستقبل القوى الدينية المهيمنة على طهران.

ويقول خامئني، إنّه يمكنه أن يقبل حلاًّ وسطاً في المحادثات النووية، وإنّه يؤيد"بقوة" اتفاقاً عادلاً. ولكن الأمر يعتمد في مجمله على ماذا يعنيه خامئني من كلمة عادل، وهل العدالة في نظره هي السماح لإيران بحق امتلاك أسلحة نووية أم حرمانها فعلاً من هذا الحق. وعلى الأرجح، فإن إيضاح موقف خامئني، هو ما يريده أوباما من قوله عن إيران "نحن في مرحلة يحتاجون فيها الى اتخاذ قرار".