افتقدت الدراما السورية إحدى أهم شخصيات الزمن الجميل فيها، ففي مساء يوم الجمعة، فارقت الحياة الممثلة السورية، نجاح حفيظ، عن عمر يناهز 76 سنة، بعد مسيرة طويلة في الفن، امتدت لأكثر من 50 عاماً. وإذا ما أردنا أن نتحدث عن مسيرة حفيظ، فمن الممكن أن نقسمها إلى خمس مراحل:
البدايات... ما قبل فطوم:
بدأت الراحلة مسيرتها الفنية على مسارح دمشق، سنة 1965، ولم تكن قد تجاوزت التاسعة عشرة من عمرها. ولم يمض سوى عام واحد حتى انتقلت إلى شاشات السينما، لتشارك لأول مرة في فيلم "لعبة الشيطان" الذي فتح لها باب المشاركة في العديد من الأفلام السينمائية السورية، وتم تسجيلها في نقابة الفنانين سنة 1967. وفي نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، كانت حفيظ حاضرة في أغلب الأفلام السورية، وتمكنت من المشاركة في بعض المسلسلات.
فطوم حيص بيص
في سنة 1974، شاركت حفيظ في أول دور بطولة في تاريخها الفني، إذ لعبت دور "فطوم حيص بيص" في مسلسل "صح النوم". كانت فطوم المحبوبة المشتركة لـ"غوار الطوشة" و"حسني البورظان" اللذين تصارعا من أجل حب فطومة. واستمرت حفيظ في تقديم شخصية فطوم لما يقارب أربعة أعوام، وانطبعت شخصية "فطوم" في قلوب الجماهير، وأصبح اسمها لقب حفيظ حتى بعد موتها، وتحولت أغنية "فطومة" التي أداها دريد لحام في فيلم "صح النوم" إلى اللازمة التي رافقت نجاح حفيظ أينما حلّت.
من السينما إلى التلفزيون
كانت حفيظ مُقلة بأعمالها التلفزيونية في الثمانينيات، وكانت تفضل السينما على التلفزيون؛ إلا أن تراجع شعبية السينما السورية، وتطور الدراما، جعل حفيظ تنحاز للتلفزيون في تلك المرحلة، وتزامن ذلك مع تقدم حفيظ في السن، فشاركت، في مرحلة التسعينيات، بعشرات المسلسلات في دور "الأم"، وتنوعت مشاركاتها بين المسلسلات الكوميدية والاجتماعية والبيئة الشامية. وفي تلك المرحلة، رفضت حفيظ أن تشارك في دور الأم الشريرة، وصرحت في العديد من المقابلات التلفزيونية، بأن السبب يعود لعدم قدرتها على الإنجاب، ورغبتها في أن تستخدم التمثيل لتعويض عاطفة الأمومة.
أدوار ثانوية
منذ ما يقارب 15 عاماً، لم تحصل حفيظ على أي دور بطولة، واقتصرت مشاركاتها في الدراما السورية على الشخصيات الثانوية، التي تظهر في بعض المشاهد، من دون أن يكون لها أثر واضح في الأعمال التي تشارك فيها؛ وهنا بدأت حفيظ تحاول أن تستعيد أمجاد الماضي، فأكثرت في لقاءاتها التلفزيونية من الحديث عن شخصية "فطوم حيص بيص"، وعن الحديث عن أمجادها في مرحلة البدايات، ولاسيما عندما تشاركت مع الثنائي دريد لحام ونهاد قلعي؛ فكان من الغريب حقاً أن حفيظ لم تعد ترغب في التحدث عن أعمالها الجديدة في المقابلات التلفزيونية.
إهمال ونسيان
بعد أن اندلعت الثورة السورية، أهمل النظام بشكل واضح نجومه القدامى وتنكّر لهم، وأصبح معيار "الوطنية" هو المعيار الوحيد الذي تقاس به صلاحية النجوم. فالنظام عاقب بطريقته كل النجوم الذين لم يشاركوا في واجب التطبيل والتهليل؛ فغابت حفيظ عن الشاشات بعد سنة 2011، ولم تشارك طيلة الأعوام الماضية سوى في مسلسل "فتت لعبت" الكوميدي سنة 2013، بعد أن كانت تشارك بما لا يقل عن ثلاثة أعمال في السنة الواحدة. وكذلك، غابت حفيظ عن منصات المقابلات التلفزيونية، فلم يستضيفها التلفزيون السوري في السنوات الأخيرة من مرحلة الثورة. ولكن، أسوأ ما في الأمر، أن التلفزيون السوري استغل رغبة الفنانة الكبيرة في الظهور الإعلامي، ليتلاعب بمشاعرها سنة 2014، من خلال دعوتها لبرنامج "يخت النجوم"، وهو برنامج مقالب سوري، يحاول أن يقلد بأسلوب فاشل برامج رامز جلال، ليكون آخر ظهور لحفيظ على شاشات التلفزيون السوري كضيفة في برنامج مقالب.