ما زالت أنييس بلوطين صامدة في حيّها في وادي النسناس في حيفا. حتى اليوم، تحفظ في ذاكرتها قصص وتاريخ المدينة، وهي كثيرة، وإن بلغت عامها المائة. ولدت في 8 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1914 في شارع الوادي. بعد عام، انتقلت عائلتها إلى شفاعمرو، وبقيت هناك حتى بلغت الـ 12 عاماً، لتعود بعدها إلى الوادي. أتمت المرحلة الابتدائية في مدرسة راهبات الناصرة في شفاعمرو قبل أن تترك المدرسة. في ذلك الوقت، لم تكن العائلات تهتم كثيراً بالتعليم.
تقول إنها لا تستطيع الإقلاع عن التدخين. ما إن تطفئ سيجارة حتى تشعل أخرى. علاقتها بها وطيدة، علماً بأنها بدأت التدخين وهي في الخمسين من عمرها. لكن ضميرها مرتاح. فهي لم تكن تشعل أية سيجارة حين كان أولادها ما زالوا صغاراً. تزوجت حين كانت في العشرين من عمرها عام 1934. قضت شهر العسل في بيروت وزحلة (لبنان) والشام (سورية). تذكر أنها سافرت مع السائق، جبرا كلداوي، الذي أوصلها وزوجها إلى فندق أميركا في بيروت، وبعدها إلى زحلة. كان مالك الفندق من عائلة صهيون، وهو من حيفا. بعدها، انتقلا إلى سورية.
أنجبت ستة صبيان وثلاث بنات، ولديها 37 حفيداً. هاجر خمسة من أولادها الذكور إلى أميركا، وبقي لها ابنها وليد الذي يعمل حلاقاً. ما زالت تحفظ أسماء أحفادها وأولادها جميعاً. ذاكرتها على حالها، لكنها فقدت حاستي البصر والسمع. تقول "في إحدى الليالي، لم أستطع النوم فرحت أستمع إلى الراديو لقتل الوقت". صادقت هذا الجهاز منذ زمن ولم تعد قادرة على الاستغناء عنه. يؤنسها، إلى جانب التدخين، في وحدتها. من خلاله، تابعت كل تفاصيل موت الفنانة صباح.
تروي بوطين أنه عام 1948، عندما احتل الإسرائيليون البلاد، هربت مع زوجها وأولادها إلى الناصرة. الجميع هرب إلى هناك. تضيف: "قصدنا منزل ابنة عمي وهي من عائلة الشقحة. حماتي وشقيق زوجي فضّلا البقاء في المنزل للحفاظ عليه. في الليل، كنا ننام في دير تابع لمدرسة راهبات الناصرة في شارع عباس". لم تنسَ أن الإسرائيليين سرقوا طقم الصالون الجميل الذي كانت قد اشترته من الياس بحوث.
في غرفة نومها، ما زالت خزانة الثياب التي اقتنتها قبل 80 عاماً على حالها. ربما بهت لون الخشب بعض الشيء. تتألف الخزانة من ثلاثة أبواب وثلاث مرايا. لكن الإسرائيليين سرقوا إحدى المرايا. تقول: "أنظري إلى هذه المرآة الصدئة التي قمنا بتبديلها بعد الحرب. صدئت بسرعة لأنها ليست أصلية".
برأيها، أيام زمان كانت أجمل. كان الناس أكثر قرباً من بعضهم بعضاً. تقول: "كل ثلاثاء، كنت أدعو الجارات والصديقات لتناول الفطور في بيتي. وعادة ما كنا نتبادل الأدوار". تذكر أن جاراتها كن من عائلات حمانا وفرنسيس والجربوع. الأخيرة لم ترجع إلى الحي بعد النكبة.
أنجبت غالبية أطفالها في البيت. تذكر أن قابلة قانونية ألمانية ولدت طفلين، إلا أنها لم تعد تذكر اسمها. أما ابنتها الصغرى، فقد أنجبتها في الستينيات في مستشفى روتشيلد في حيفا "قبل النكبة، كنت آخذ أطفالي إلى الطبيب حسن الهندي. درس جميع أولادي في مدرسة الفرير".
احتفلت أم سامي بعامها المائة في حفل عشاء في مطعم على البحر مع عائلتها وأحفادها. أصرت على ارتداء الكعب العالي. بدت سعيدة في هذا اليوم، ووصفت حفلتها بـ "الجميلة جداً والرائعة". اعتادت الاستيقاظ في السابعة من صباح كل يوم. ترتدي ملابس أنيقة. حتى اليوم، ما زالت تصر على الحفاظ على أناقتها، الأمر الذي يؤكده جيرانها. تتناول وجبة الفطور بانتظام، بالإضافة إلى الفيتامينات والدواء، وتستمع إلى الأخبار.
تأكل ثلاث وجبات في اليوم، ولا تنسى تناول الفاكهة بعد الظهر. تحب الموسيقى وتعشق وديع الصافي وصباح فخري. ترى أن حياتها كانت جيدة. أحبت زوجها الذي توفي قبل عشرين عاماً. أيضاً، لطالما أحبت الخروج من البيت. سافرت عشر مرات إلى نيو جيرسي لزيارة أولادها. حتى اليوم، ما زالوا يرسلون إليها السجائر الملونة ذات النكهات المختلفة من أميركا. تواظب أيضاً على الصلاة، وتدعو الله أن يحفظ أولادها وأحفادها. تفضل النهار الذي يجسد الحياة برأيها. تصف الظلام بالموحش. يحزنها أنها لم تر يوماً بنات شقيقتها جورجيت الثلاث، اللواتي ولدن في لبنان.
تعترف بلوطين أن حياتها صارت أصعب بعدما فقدت بصرها. تفرح بزيارة ابنها وبناتها وأحفادها لها. وترى أنه يجب على الإنسان أن يصون لسانه بشكل دائم، مضيفة: "في حياتي كلها لم أزعج أحداً. الجميع يحبني". أصرت في ختام المقابلة على إلقاء أبيات عتابا ما زالت تحفظها عن ظهر قلب: "يا رايحة عالحمّام خذيني معاكي، لأحملّك البُقجة وأمشي وراكي، إذا كان أبوكي ما أعطاني ياكي، لأعمل عمايل ما عملها عنتر".
تقول إنها لا تستطيع الإقلاع عن التدخين. ما إن تطفئ سيجارة حتى تشعل أخرى. علاقتها بها وطيدة، علماً بأنها بدأت التدخين وهي في الخمسين من عمرها. لكن ضميرها مرتاح. فهي لم تكن تشعل أية سيجارة حين كان أولادها ما زالوا صغاراً. تزوجت حين كانت في العشرين من عمرها عام 1934. قضت شهر العسل في بيروت وزحلة (لبنان) والشام (سورية). تذكر أنها سافرت مع السائق، جبرا كلداوي، الذي أوصلها وزوجها إلى فندق أميركا في بيروت، وبعدها إلى زحلة. كان مالك الفندق من عائلة صهيون، وهو من حيفا. بعدها، انتقلا إلى سورية.
أنجبت ستة صبيان وثلاث بنات، ولديها 37 حفيداً. هاجر خمسة من أولادها الذكور إلى أميركا، وبقي لها ابنها وليد الذي يعمل حلاقاً. ما زالت تحفظ أسماء أحفادها وأولادها جميعاً. ذاكرتها على حالها، لكنها فقدت حاستي البصر والسمع. تقول "في إحدى الليالي، لم أستطع النوم فرحت أستمع إلى الراديو لقتل الوقت". صادقت هذا الجهاز منذ زمن ولم تعد قادرة على الاستغناء عنه. يؤنسها، إلى جانب التدخين، في وحدتها. من خلاله، تابعت كل تفاصيل موت الفنانة صباح.
تروي بوطين أنه عام 1948، عندما احتل الإسرائيليون البلاد، هربت مع زوجها وأولادها إلى الناصرة. الجميع هرب إلى هناك. تضيف: "قصدنا منزل ابنة عمي وهي من عائلة الشقحة. حماتي وشقيق زوجي فضّلا البقاء في المنزل للحفاظ عليه. في الليل، كنا ننام في دير تابع لمدرسة راهبات الناصرة في شارع عباس". لم تنسَ أن الإسرائيليين سرقوا طقم الصالون الجميل الذي كانت قد اشترته من الياس بحوث.
في غرفة نومها، ما زالت خزانة الثياب التي اقتنتها قبل 80 عاماً على حالها. ربما بهت لون الخشب بعض الشيء. تتألف الخزانة من ثلاثة أبواب وثلاث مرايا. لكن الإسرائيليين سرقوا إحدى المرايا. تقول: "أنظري إلى هذه المرآة الصدئة التي قمنا بتبديلها بعد الحرب. صدئت بسرعة لأنها ليست أصلية".
برأيها، أيام زمان كانت أجمل. كان الناس أكثر قرباً من بعضهم بعضاً. تقول: "كل ثلاثاء، كنت أدعو الجارات والصديقات لتناول الفطور في بيتي. وعادة ما كنا نتبادل الأدوار". تذكر أن جاراتها كن من عائلات حمانا وفرنسيس والجربوع. الأخيرة لم ترجع إلى الحي بعد النكبة.
أنجبت غالبية أطفالها في البيت. تذكر أن قابلة قانونية ألمانية ولدت طفلين، إلا أنها لم تعد تذكر اسمها. أما ابنتها الصغرى، فقد أنجبتها في الستينيات في مستشفى روتشيلد في حيفا "قبل النكبة، كنت آخذ أطفالي إلى الطبيب حسن الهندي. درس جميع أولادي في مدرسة الفرير".
احتفلت أم سامي بعامها المائة في حفل عشاء في مطعم على البحر مع عائلتها وأحفادها. أصرت على ارتداء الكعب العالي. بدت سعيدة في هذا اليوم، ووصفت حفلتها بـ "الجميلة جداً والرائعة". اعتادت الاستيقاظ في السابعة من صباح كل يوم. ترتدي ملابس أنيقة. حتى اليوم، ما زالت تصر على الحفاظ على أناقتها، الأمر الذي يؤكده جيرانها. تتناول وجبة الفطور بانتظام، بالإضافة إلى الفيتامينات والدواء، وتستمع إلى الأخبار.
تأكل ثلاث وجبات في اليوم، ولا تنسى تناول الفاكهة بعد الظهر. تحب الموسيقى وتعشق وديع الصافي وصباح فخري. ترى أن حياتها كانت جيدة. أحبت زوجها الذي توفي قبل عشرين عاماً. أيضاً، لطالما أحبت الخروج من البيت. سافرت عشر مرات إلى نيو جيرسي لزيارة أولادها. حتى اليوم، ما زالوا يرسلون إليها السجائر الملونة ذات النكهات المختلفة من أميركا. تواظب أيضاً على الصلاة، وتدعو الله أن يحفظ أولادها وأحفادها. تفضل النهار الذي يجسد الحياة برأيها. تصف الظلام بالموحش. يحزنها أنها لم تر يوماً بنات شقيقتها جورجيت الثلاث، اللواتي ولدن في لبنان.
تعترف بلوطين أن حياتها صارت أصعب بعدما فقدت بصرها. تفرح بزيارة ابنها وبناتها وأحفادها لها. وترى أنه يجب على الإنسان أن يصون لسانه بشكل دائم، مضيفة: "في حياتي كلها لم أزعج أحداً. الجميع يحبني". أصرت في ختام المقابلة على إلقاء أبيات عتابا ما زالت تحفظها عن ظهر قلب: "يا رايحة عالحمّام خذيني معاكي، لأحملّك البُقجة وأمشي وراكي، إذا كان أبوكي ما أعطاني ياكي، لأعمل عمايل ما عملها عنتر".