أنطونيو مونيوز مولينا.. على خطى روسو بين الجموع 

02 سبتمبر 2020
من مظاهرات السترات الصفر في باريس 2019 (Getty)
+ الخط -

في 2018، صدر كتاب "المتنزّه المنفرد بين الجموع" للكاتب الإسباني أنطونيو مونيوز مولينا (1956). كان من الواضح أنه يستدعي عنوان أحد أشهر مؤلفات مفكّر عصر التنوير الفرنسي جان جاك روسو، مع اقتراح تغيير غير هيّن من هدوء الطبيعة التي كان صاحب "إميل أو عن التربية" يحبّ تأمّلها إلى جلبة الشوارع والساحات العامة حيث يتمظهر غضب المحتجّين في عالم اليوم.

مؤخراً، صدرت الترجمة الفرنسية من الكتاب عن دار "سوي"، وكأنها تعود إلى لغة روسو، وهو ما مهّد للكتاب اهتماماً خاصاً في فرنسا، وإن كان لهذا الاهتمام أسباب أخرى ليس أقلّها أن المدن الفرنسية باتت منذ سنوات من أنشط الفضاءات الاحتجاجية وبالتالي تقاطع معها مولينا، إضافة إلى تسجيله لملاحظات حول ما يحدث من احتجاجات في مدريد ونيويورك ولشبونة.

يراعي الكاتب الإسباني الأسلوب الذي وضعه روسو والقائم على الملاحظة والتأمّل والبحث عن الطريف، ويحرص على إظهار تنقّله بين الجموع تماماً، كما كان يفعل صاحب "في العقد الاجتماعي" وهو ينتقل داخل الغابات، أي عدم الاكتفاء بتدوين ما يشاهده بل وصف حركته الشخصية وتفاعلاته مع ما يرى.

نقرأ في تقديم الناشر: "تنساب النصوص مثل سَواقٍ، لكننا أمام كولاج كبير من المظاهرات والشعارات والهتافات والملصقات". كما تجري الإشارة إلى أن مولينا يحاول أن يسجّل كل شيء يلامسه ضمن خضمّ هادر هو في النهاية بحر تصبّ فيه أنهار التحولات التي تقع في كلّ مكان في العالم".

الصورة
المتنزه المنفرد

تحضر في الكتاب إحالات إلى كتّاب آخرين غير روسو، مثل الشاعر الفرنسي شارل بودلير الذي يمثّل شعره صورة لباريس ثورية أخرى غير بعيدة من هذه الزاوية عن باريس اليوم. كما يحضر الكاتب الأميركي إدغار ألان بو، أشهر كتّاب أدب الرعب، بما في ذلك من تنويه بالرعب الذي يسكن شرائح عديدة بسبب المصير المجهول للعالم في ظل السياسيات النيوليبرالية التي تقود الدول.

هكذا تتحوّل نزهات أنطونيو مونيوز مولينا إلى عمل احتجاجيّ آخر. إنه صوت ضمن ملايين الأصوات التي باتت تذهب بانتظام إلى الساحات العامة لتعلن سخطها وعدم رضاها.

المساهمون