أنت تستطيع

16 نوفمبر 2017
+ الخط -
تقول الطُرفة إن أحدهم يقود سيارته وفجأة سمع صوت إطار سيارته، وكان ذلك بجوار أحد مشافي المجانين، وعندما قام بفك الصواميل لاستبدال الإطار بآخر فاجأه أحد المجانين وأخذ الصواميل وأطلق ساقيه للريح، فوقف الرجل مشدوهاً ماذا يفعل، وتملكته الحيرة، وكان هناك مجنون يتابع المشهد من إحدى نوافذ المشفى فصاح في الرجل: أن خُذ من كل إطار صامولة واربطها مكان الصواميل المفقودة، فسُر الرجل لهذه الفكرة التي هداه لها هذا المجنون، ففعل ثم التفت للمجنون وقال له: لماذا أنت هنا وعقلك سليم كما أرى!؟ فقال له المجنون: جيء بي إلى هذا المشفى لأني مجنون لا لأني بليد.

تواجهنا في حياتنا كثير من المشاكل التي نملك حلها ولكننا نفتقر إلى قليل من التفكير الذي يقودنا لحلها بالتأني والتروي. وأحيانا نُشرك الآخرين من الأقرباء والأصدقاء في مشاكلنا وقد نجد عندهم الحل ولكن كثيرًا ما نفاجأ أنه كان بوسعنا أن نحلها لوحدنا لو فكرنا قليلاً. نعم هناك كثير من ضغوطات الحياة تؤلمنا وتنكد عيشنا وتلقي بظلالها على كافة مناحي حياتنا فتُضعف تفكيرنا وإرادتنا ونفقد بوصلة المسار الصحيح ولكن لو استجممنا من الرهق قليلاً وتفحصنا ما يدور حولنا بروِيّة لوجدنا ضالتنا ماثلة أمامنا.


نعم أنت تملك الحل وأنت الوحيد القادر على فهم نفسك وما تريده، ولكن هل أنت متصالح معها وتعطيها كامل الثقة لتجود عليك بمفاتح كل ما يُوصد أمامك؟ فقط هي تحتاج منك الثقة لتقوم بدورها على أكمل وجه. أنت تملك المفتاح في يدك لكن القلق والانهزام يعكران صفوك وينسيانك ما تحمل. حكى لي طبيب أعرفه أنه أتاه مريض يشكو من ألم في بطنه، وبعد إجراء اللازم من الفحص الدقيق أعطاه ما يناسب شفاء مرضه من العقاقير، وبعد فترة أتاه ذات الرجل يشكو من ذات العلة وهكذا كل مرة تُجرى له الفحوصات اللازمة وتبين أن الرجل سليم، لكنه ما زال يشكو من ألمه، وفي آخر مرة أعطاه الطبيب علاجاً قال له إنه جلبه معه من ألمانيا بعد زيارة علمية، وذهب الرجل وجاءه بعد أيام وهو يشكره ويقول له إنه قد تعافى تماماً من دائه، يقول لي الطبيب إنه ما أعطاه إلا بعض ما يحفز على الهضم مما كان أعطاه سابقًا.

إذًا فحالتنا النفسية هي التي تجلب لنا ما نتخيله ونتصوره في أذهاننا، ونحن وحدنا من نتحكم في جعل ما نريده ممكناً. وأنت تسير في هذه الحياة تتصيدك قواطع لتثنيك عن المسير فعليك مواجهتها بالحكمة والأناة وإعمال العقل والضرب بعصا التوكل على بحر الفتور والتراخي حتى ينفلق لك وتسير على اليبس ولا يعظمن في عينيك أن صار كل فِرق من الماء كالطود العظيم فستغرق هواجسك وخيبات الأمل بعد أن تعبر أنت بسلام.

كثيراً ما نستصغر بعض ما يواجهنا من مشكلات وندع الحل للأيام ولا نجِد في طلب الحل، وكم هو مُجدٍ لو أننا استصغرناها في أعيننا وراهنّا على حلها بكل الممكن في حينها، إذاً لتلاشت وذهبت جُفاء وبقي ما ينفعنا في حياتنا.

نعم أنت قادر على مواجهة التحديات والصعاب وما حكّ جلدك مثل ظفرك كما يقول المثل، فقط أعط نفسك فرصة لتفكر وامنحها ثقة وعزيمة وإيمانا وتوكل.
AEA08E97-B0B3-4CAB-92EE-F9E6560E9C3E
مصعب محجوب الماجدي

أتفيأ ظلالها وأتنسّم عبيقها وتشجيني صوادحها فيسيل غيداقها عند صرير القلم فتحيل الوجود رياضا غناء.