أنتَ أصعب من أن تُحب

17 سبتمبر 2016
(الشاعر)
+ الخط -
آلاتٌ باكية

هل هو الماندولين؟
هل هو صوتُ سكوت ملر الميّتِ
مثل بول كلبٍ فاترٍ
يقطرُ على الرصيف؟
"ياكارول وآليسون نحن نحبكما"!
"اللعنة.. من كارول وآليسون"؟
ولماذا تدفعاني إلى البكاء؟
تولستوي.. أغثني، الموسيقى
تجعلني أنسى حالتي
الحقيقية، تنقلني
إلى حالةٍ ليست حالتي
يبدو أنني تحت تأثير الموسيقى
أشعرُ فعلاً
بما لا أشعر به، أفهمُ
ما لا أفهمهُ
أمتلكُ قوى لا يمكنني امتلاكها
تبدو لي الموسيقى
كأنها تتثاءبُ أو تضحك.

ليف.. لا تقل لي.. هل ما أفكّرُ فيه
حالتي الحقيقية؟ أنا أرشحُ
لأننا آلاتٌ مصنوعة
لتخزّن دموعاً يبعثها كلُّ شيء؛

تبعثها العلكةُ في شعرك
زهرةُ الجرس، زهرة الجرس
سكاكينُ الجيش السويسري الضائعة
شبحُ مايكل فيوري
فتاةٌ ميتة، وعمل يدوي رديء
رائحةُ الطحالب البحرية النتنة، الأسرارُ
التي ننسى، أو لم نعرفها أبداً
ولكن تظلّ ذكراها في الدم.


مخزن حروب

والآن عليّ أن أرغب، وأصف لك باختصار
ماذا يوجدُ في روحي.

في روحي، عبر الشارع، مشفى هدموه
ليفسح الطريق لمجمع سكني مترَف، واجهته ماثلة
متروكة احتراماً، أو لأي شيء آخر.
في روحي رجلٌ غير جذّاب جالسٌ
في نصف قبوه الدافئ، يقلقه ثلجٌ مبلول
امرأة عجوزٌ في روحي تبصق.. تفو..تفو..تفو
يا أبقاراً ترقصُ، ولكن كلانا يعرف الفرق
الكلُّ في روحي سائرٌ كما رغبتُ
والكلُّ سائرٌ بشكل رديء
في اليوم التالي قلتُ لروحي.. أفضّلُ ألاّ أفعلَ شيئاً
لم تتسلَّ روحي
قلتُ لروحي كفاكِ تخزيناً
ارتبكتْ روحي وابتهجت
روحي حظيت بحصص من الصنف الأول
وأحبّت تقاسمها
مع كل الأرواح.. "إليكِ.. كلي يا روح"!
ولكنني ذكّرتُ روحي؛
ماهو موجودٌ لا يكفي.

وفكّرتُ.. لماذا عليّ في روحي
أن أكون الشخص السيئ
دائماً؟
حين تُباعُ دواخلُ روحي
في مزادٍ علني
أودّ أن يبدأ المبنى بــ 150 دولاراً
مقتنعٌ أنا .. في روحي
قطعٌ نقدية نادرة، لن يجدها ويقدّرها
سوى مشترٍ حق
تجيب روحي.. نعم.. واصل قولَ هذا
لنفسك يا رفيق
حسناً.. رائع.. سأفعلُ،
سأظلّ أقولُ لنفسي.. فبعد كلّ شيء
أي شيء آخر
غير هذا
هو الخلود الشائن للروح.


عائلة غيراسيموف

لم تكن قريتي:
صفارُ بيض، سكّرٌ، شمسٌ سائلة
فراولة برّية تنتظمها
خيوطٌ عشبية
بيت المزرعة الخشبي
وعمره مئات السنين، وقطعت أخشابه
فؤوسٌ بعد أمطار الخريف
لحفظ الحبوب، وترك علاجه حتى الربيع،
ليس ملكي.
تلك السمكة التي اصطدتها في البركة، بحجم راحة اليد،
خلال آخر صيف لي في روسيا
ومُلّحت وعُلقت على الشرفة
لتجفّ في الشمس،
ليست ملكي.
ليس الآن أو حينئذٍ،
كان علينا أن نحظى بالأنخاب، أنا
وأمي وزوجي والأطفال.
الماضي، القريب والبعيد،
لا يفقد شيئاً في الجمال الناعم لما هو ليس ملكي
لأفقده، هنا تولد الذاكرة خلال ثوانٍ
تقطعها فؤوسٌ لحماية الحبوب
من رطوبة كلّ شيء أملكه

القرية ليست ملكي. أنا المملوك.


ديانتك

أنا الحاجّ إليك، المتجوّلُ 
ليبقى في البيت، راهبكَ
الذي يظلّ صامتاً حين تطلبُ
لاهوتاً واعترافاتْ.

أنتَ أصعب من أن تُحبّ
لا سقفَ لديكَ
أو أرضية، وأنا أكثر تقى
من أن أكون لأمطاركَ وطينك.

أنا قسيسٌ عنيدٌ
لا يعرف نفسه 
إلا في زيتكَ الناضب
يا لهباً منتحباً، متمرداً
موشكاً على الموت.


Val Vinokur شاعر أميركي من أصل روسي، ناقد وأستاذ الدراسات الأدبية في "المدرسة الجديدة" في نيويورك.

** ترجمة عن الإنكليزية محمد الأسعد


المساهمون