وأكد القائد المصري، بحسب الإعلام العبري، الذي لم تؤكده القاهرة ولم تنفه، أنّ إطلاق النار حدث عن طريق الخطأ خلال تدريب للجيش بالقرب من الحدود، بعدما أعلن جيش الاحتلال في وقت سابق، أنه ينظر بخطورة لتعرّض منازل تقع في أحد التجمعات الاستيطانية لعملية إطلاق نار من جهة الأراضي المصرية.
وكانت عائلة مطلق قد فقدت اثنين من أطفالها فيما أصيبت شقيقتهما، في 7 يوليو/ تموز من العام 2016، وفق ما وثقت "العربي الجديد" في ذلك الوقت، إثر سقوط قذيفة مدفعية أطلقها الجيش المصري على منزل العائلة جنوب مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء. وقالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، حينها، إنّ "قذيفة مدفعية أطلقتها إحدى الدبابات التي كانت مشاركة في حملة عسكرية، في منطقة الطايرة، جنوب رفح، أصابت منزلاً لعائلة مطلق، ما أدى لمقتل اثنين من أفرادها وإصابة ثالث بجروح خطيرة"، فيما أفادت مصادر طبية "العربي الجديد"، بأنّ "الطفلين اللذين قتلا هما رضا أحمد مطلق (16 عاماً)، وشقيقته فاطمة (6 أعوام)، بينما أصيبت شقيقتهما مريم (6 أعوام)، بشظايا عدة وتمّ نقلها لمستشفى العريش العام في حالة حرجة".
ورغم مرور أكثر من عامين على وقوع الجريمة بحقّ العائلة، إلا أنّ قوات الجيش لم تتقدّم بأي اعتذار أو تعويض لصالح العائلة التي فقدت أطفالها، ودُمّر جزء من منزلها المتواضع في قرية الطايرة، فيما ينتابها السخط اليوم في ظلّ اعتذار الجيش المصري للإسرائيليين عن انفلات طلقات عدة باتجاه مستوطنة إسرائيلية لم توقع أي إصابات بشرية أو مادية ذات اهتمام يستدعي الاعتذار المصري.
وفي التعقيب على ذلك، قال أحد مشايخ سيناء لـ"العربي الجديد"، إنّ "عشرات المدنيين كانوا ضحية لأخطاء الجيش المصري في سيناء على مدار الأعوام الماضية، فيما لم تسجّل حالة اعتذار واحدة لعائلة فقدت أحد أفرادها أو دمّر منزلها نتيجة القصف العشوائي أو الرصاص الحي الذي تطلقه كمائن الجيش وآلياته على منازل المواطنين خلال الحملات العسكرية المستمرة في سيناء"، معتبراً أنّ ذلك "يشير إلى اعتبار أبناء سيناء مجرّد أرقام لا قيمة لها، حتى ولو تعرضوا للموت، فيما يستدعي الذعر الذي أصاب المستوطنين نتيجة طلقات عدة اعتذاراً من رتبة عسكرية رفيعة".
وأضاف الشيخ القبلي، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أنّه "من الواضح رخص دم أبناء سيناء بالنسبة للجيش المصري، وهذا ما أكدنا عليه على مدار سنوات الصراع المستمرّ، ولا سيما منذ الانقلاب العسكري في صيف عام 2013. إذ إنّ مئات المدنيين كانوا ضحايا للعمليات العسكرية، عدا عن اعتقال مئات آخرين وإخفاء مثلهم، وترك الكثيرين في ظروف صحية صعبة نتيجة إصابات بالغة تعرضوا لها من قبل قوات الأمن، بدون وجه حق". ولفت إلى أنه من أبرز تلك القصص "حادثة مقتل عائلة كاملة، الأب والأم والأبناء، في نهاية ديسمبر/ كانون الأوّل 2015، بقصف جوي استهدف منزلاً في مدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة، وكذلك مقتل سيدة قبل أشهر عدة بقذيفة مدفعية بمدينة الشيخ زويد، وقصف عائلة بأكملها أثناء هربها من نيران الجيش جنوب المدينة نفسها قبل عامين خلال إحدى العمليات".
وكان "المرصد السيناوي لحقوق الإنسان" قد رصد إحدى المجازر التي وقعت بحق عائلة كاملة في جنوب الشيخ زويد في 19 مايو/ أيار 2016، واعتبرها مخالفة لجميع المواثيق وعهود حقوق الإنسان الموقّع عليها من قبل الدولة المصرية، مشدداً على أنّ "الأذرع الأمنية الرسمية للدولة تعمل على تكريس جرائم مُحرمة دولياً بنصوص القوانين والمواثيق، بلا مُراجعٍ أو حساب".
وقال المرصد، في بيان صحافي صدر عنه في ذلك الوقت، إنّه استلم شكوى تُفيد بقصف طائرات الجيش من طراز "إف – 16" لأهداف عدة في جنوب مدينتي الشيخ زويد ورفح، شمالي سيناء. وبحسب الذين أرسلوا الشكوى للمرصد، فإنّ القصف وصف بـ"العنيف"، ونتج عنه مقتل سيدة وأبنائها الخمسة بعد سقوط صاروخ على منزلهم، مضيفاً أنّ "الدولة المصرية تنتهك نصّ المادة 1/6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تنصّ على أنّ الحق في الحياة حقّ ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمى هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً".
يشار إلى أنّ الجيش المصري ينتهك القانون بشكل يومي في تعامله مع المواطنين، إذ شهدت سيناء على مدار السنوات الماضية عشرات الحالات من القتل والاعتقال التعسفي خارج إطار القانون، في ظلّ غياب وسائل الإعلام والمؤسسات الحقوقية عن العمل في سيناء بصفتها منطقة عسكرية مغلقة منذ خمس سنوات، ما أعطى للجيش الأريحية في التعامل مع المواطنين على أنهم أرقام لا قيمة لها، في ظلّ العمليات العسكرية التي يشنها ضدّ تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي.