الموقف الأميركي "المحايد" إزاء التطورات الأخيرة في كركوك العراقية، حمل مراقبين على استحضار ما جرى في العراق عام 2008، عندما تخلّت واشنطن عن "الصحوات" التي شاركت في تنظيف الأنبار من تنظيم "القاعدة". واعتبر هؤلاء بأن "واشنطن تتخلّى عن الأكراد الذين ساهموا في دحر تنظيم داعش من الموصل وغيرها".
في عام 2008، تقدّم الاعتبار الأمني وجرى إهمال الاعتبار السياسي قبل عملية التصدي لـ"القاعدة" وبعدها. السيناريو نفسه بات حاضراً بحسب هذه المقارنة، بالتالي من المرجح عبر اعتماد نهج عام 2008، الوصول إلى النتيجة نفسها لجهة اشتعال الخصومات والنعرات من جديد في الساحة العراقية مساهمة في تعقيد الوضع وتمزيقه.
وطرح البعض تساؤلاً تمحور حول عدم منع واشنطن أربيل من المضي باستفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، خصوصاً أنها قادرة على ذلك. وذكر مراقبون أنه "إذا كانت واشنطن توقعت أن يؤدي الاستفتاء إلى زعزعة الوضع وإثارة الحساسيات فضلاً عن التخريب على المعركة ضد داعش فلماذا لم تمنعه؟ خصوصاً أن اعتراضها على الاستفتاء تدرّج من التحذير الخجول إلى النهي الليّن ثم إلى التلويح بعدم الاعتراف به، وذلك عندما اقترب موعده وصار بحكم تحصيل الحاصل وبات التنبيه بشأنه أقرب إلى رفع العتب".
وأضاف هؤلاء أن "علاقة واشنطن بالإقليم قوية بما يسمح لها بإقناع رئيس الإقليم مسعود البارزاني بالإحجام عن خطوته، خصوصاً أن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) دأبت على القول إن البشمركة شريك حاسم في عمليات داعش. فكيف يُترك هذا الحليف ليخرّب على هذه العمليات؟".
كما أن البعض تساءل ما إذا كانت واشنطن على علم بدور طهران في حمل بغداد على اللجوء إلى القوة السريعة، وانعكاسها على التوفيق بين تصويب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نشاطات طهران "المزعزعة للاستقرار في المنطقة"، بحسب قوله، ورفع شعار رفض الاتفاق النووي معها، وبين تسهيل ترجمة مشيئتها في العراق.
"حياد واشنطن في قضية كركوك ملغوم. فكل نصر عسكري في الشرق الأوسط يحمل معه مخاطر مختلفة"، وفقاً لقول أحد المراقبين، مضيفاً "تحديداً في العراق، فهكذا حصل في عام 2008، فاستمرت الأزمة السياسية على حالها، وتجددت الصراعات والتفسخات. بالتالي يُخشى من تكرار التدهور بعد الموصل وكركوك، طالما بقيت النزاعات الحدودية والحكومية والمذهبية على حالها".