رغم صدور حكم محكمة أميركية بسجن الفلسطينية رسمية عودة 18 شهراً، وسحب جنسيتها الأميركية وترحيلها من البلاد، على خلفية اتّهامها بالاحتيال على قوانين الهجرة الأميركية، إلا أنّ جهود المجتمع الفلسطيني في الولايات المتحدة الأميركية ما زالت مستمرّة/ من أجل تحقيق العدالة للمناضلة التي باتت قصّتها رمزاً لمعاناة الناشطات والأسيرات الفلسطينيات المحرّرات.
وفي إطار دعمه قضية رسمية عودة، اختار "مهرجان واشنطن للفيلم والفنّ الفلسطيني" أن يعرض ليلة أمس الأول السبت، فيلم "نساء في صراع" للمخرجة بثينة كنعان خوري، وهو وثائقي أنتج في العام 2004، يروي قصّة نضال أربع أسيرات فلسطينيات محرّرات من بينهنّ رسمية عودة.
تمارا الصياد، من إدارة المهرجان، اعتبرت أنّ "هذا الوثائقي مهمّ جدا في الحكاية الفلسطينية، فمن خلال تتبّعه قصص هؤلاء النساء اللواتي أسرن في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ورحلات معاناتهنّ، يعطي نظرة نادرة اتجاه المرأة المناضلة التي تختلف رحلة أسرها وتعذيبها عن الرجل. وقد أردنا من خلال عرض الفيلم رفع مستوى الوعي حول النضال الفلسطيني من جميع الجوانب؛ وهو الهدف الأساسي لهذا المهرجان".
وأشارت الصيّاد في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنّ المحكمة الأميركية كانت قد استخدمت هذا الفيلم لإدانة عودة، واعتبرته دليلا على قيامها بعمليات تفجيرية". وأضافت: "من المفترض أن الفيلم يتحدّث عن رحلة الأسيرات الفلسطينيات. ومحاكمة رسمية كانت قائمة على أساس اتهامها بالاحتيال على قانون الهجرة، ولكن سرعان ما تحوّلت إلى حديث عن ارتباطها بالإرهاب. لقد استخدموا الفيلم في إدانتها".
وتعود قصة رسمية عودة (67 سنة)، التي كانت قد حصلت على الجنسية الأميركية قبل نحو عشر سنوات، إلى أنّها عندما هاجرت إلى أميركا في التسعينيّات، خلال تقديمها طلب الهجرة، أجابت بالنفي عن سؤال حول ما إذا كانت قد ارتكبت جريمة في حياتها. والسبب، بحسب قول الصيّاد، "أنّها لم ترتكب جرائم بالفعل، إذ تمّ الحصول على اعترافات منها بارتكاب جرائم تحت وطأة التعذيب في السجون الإسرائيلية. وهو الأمر الذي لا يعدّ مقبولا بالنسبة إلى القانون الدولي الذي لا يعامله كاعتراف أصلا. ما يختلف معه القانون الأميركي".
ويتساءل الناشطون والقانونيون أمثال تمارا، التي هي أيضا محامية، عن سبب نبش ملفّ الهجرة الخاص برسمية في هذا الوقت بالتحديد وبعد مرور عشرات السنين، خصوصاً أنّ السيّدة عودة لم تخفِ قصة نضالها ومعاناتها في سجون الاحتلال، بل وتحدثت عنها عبر العديد من المنابر ومنها الأمم المتحدة والمحاكم الدولية.
هذا السؤال طرح للنقاش بعد عرض الفيلم، وإلى جانبه أسئلة أخرى من بينها: ما مدى قانونية محكمة رسمية عودة؟ وماذا بعدها؟ لماذا سيتم ترحيلها إلى الأردن وليس وطنها فلسطين؟
ويرى المدافعون عن رسمية أنّ "تنسيقاً أمنياً وتبادلاً للمعلومات تم بين الحكومتين الأميركية والإسرائيلية بشأن قضيتها. وأنّ هناك استهدافاً للناشطين أمثالها، وهي ليست الأولى التي تتمّ مضايقتها في هذا الشأن".
دعم معركة رسمية بوجه القضاء الأميركي لم يتوقّف مع حكم المحكمة، فإلى جانب طلب الاستئناف الذي سيقدّمه محاميها، ستتواصل حملات الدعم التي يقوم بها المطالبون بالعدالة لقضيتها.
يذكر أنّه إلى جانب عرض الفيلم تمّ جمع تبرعات ستذهب لصندوق الدفاع المخصّص لرسمية: "نتحدّث هنا عن عشرات الآلاف من الدولارات المطلوبة لتمويل الدفاع. وقمنا بذلك كمساهمة رمزية في الدعم المادي، وكذلك لرفع التوعية بقضية رسمية ومحاولة تجريم النشطاء الفلسطينيين بأميركا".
مهرجان واشنطن للفيلم والفنّ الفلسطيني تأسّس على يد مجموعة من الشابات الفلسطينيات في العاصمة الأميركية العام 2011، ليوفّر مساحة فنية أمام الفنانين الفلسطينيين كي يعرضوا أعمالهم التي ليست بالضرورة عن فلسطين، لكن يحمل فنّانوها الجنسية الفلسطينية.