أغلب الآباء والأمهات اليمنيين أميون لم يتعلموا أو لا يجيدون القراءة والكتابة، وقلة منهم، خصوصاً في المدن، يدركون أهمية التعليم لأبنائهم ودور الأسرة في تعزيز قدراتهم المعرفية. وبسبب أمية الأبوين، يجد الطالب نفسه أمام مهمة صعبة في مراجعة دروسه اليومية وحل الواجبات وتوزيع الوقت.
كما أنه لا يجد من يُشعره بأهمية التعليم، لا سيما، أن الخدمة التعليمية المقدمة من أغلب المدارس الحكومية رديئة وغير متكاملة، ومن الضروري أن تقوم الأسرة بواجبها في تكملة هذا النقص.
وتصل نسبة الأمية في اليمن إلى 48%، لتكون إحدى أكبر نسب الأمية في العالم، وتتركز بين النساء بنسبة 68%، إذ تزداد النسبة في الريف اليمني الذي يحتضن أكثر من 65% من إجمالي عدد السكان. ويصنف اليمن في تقارير منظمة اليونيسف ضمن مجموعة التنمية البشرية المنخفضة إلى جانب السودان وجيبوتي فقط من بلدان العالم العربي، وهو أيضاً من أشد هذه البلدان فقراً.
يدرس أسامة البعداني في المستوى الثاني من المرحلة الإعدادية، بالرغم من أنه قد تجاوز سن الـ 17 عاما. يوضح بأن ظروفه الأسرية أجبرته على إعادة دراسة بعض المراحل الدراسية بعدما كان قد رسب لضعف مستواه الدراسي. مشيرا إلى أن أبويه لا يدركان أهمية التعليم بالنسبة لمستقبله، لكن بعض أقربائه يحثونه على الاستمرار في الدراسة مهما كانت النتائج.
يقول البعداني لـ"العربي الجديد": "كثيرا ما كنت أعود من المدرسة إلى المنزل لأبحث عمن يساعدني في تنفيذ بعض المهام المدرسية ولا أجد"، حيث إن بعض المدرسين لا يقدمون الدروس للطلاب بشكل مبسط أو أنهم غير أكفاء في تقديم الدروس أصلاً، ولهذا يعتمد كثير من زملائه على آبائهم للمذاكرة لهم وفهم ما عجزوا عن فهمه في المدرسة.
لا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لخولا الريمي، فهي كذلك تعاني من عدم اهتمام والدتها بتعليمها، تقول الريمي لـ "العربي الجديد" إن والدتها لا تعتبر تعليمها أمراً ذا أولوية، وذهابها إلى المدرسة في نظر والدتها بمثابة إسقاط واجب بحسب تعبيرها. تقول: "أعاني من صعوبة في فهم المواد العلمية مثل الفيزياء والرياضيات، وفي حين أن أغلب زميلاتي يعتمدن على آبائهن في مذاكرتهن، أعجز أنا عن فعل ذلك".
اقــرأ أيضاً
انعدام الوقت
ولا يكون جهل الآباء هو السبب الوحيد في عدم اهتمام الأسرة بأبنائها ومساعدتهم في زيادة تحصيلهم العلمي، فكثير من أولياء الأمور لا يجدون الوقت الكافي للبقاء مع أبنائهم ومتابعة أدائهم في المدرسة، وهذا ما يقلل من جودة تحصيلهم العلمي، بحسب قول محمد الصوفي الأستاذ في إحدى المدارس الحكومية بالعاصمة صنعاء.
يقول لـ "العربي الجديد": "لا تقتصر المشكلة على الأبوين الأميين، بل هي مشكلة تعاني منها الأسرة اليمنية بصفة عامة، سواء كانت الأسرة أمية أو كان الأبوان متعلمين. فكثير من أولياء الأمور يعتقدون بأن المدرسة قادرة على تعليم الطلاب بشكل متكامل وهذا أمر غير صحيح لأسباب كثيرة".
يعترف الصوفي بأن للمدرسة دوراً مهماً وأساسياً في تعليم الطلاب، لكنه في ذات الوقت يشدد على دور الأسرة في متابعة الأبناء أولا بأول لتجويد تحصيلهم العلمي. ويضيف: "يبقى الطالب أغلب ساعات اليوم في المنزل، ولا نكاد نستطيع نحن كمدرسين تقديم الدرس خلال هذه الفترة من اليوم، كما أن عملية متابعة كل طالب على حدة مهمة صعبة؛ بسبب ازدحام الفصول الدراسية في المدارس الحكومية".
وعدّد الصوفي عدداً من الأسباب التي تؤدي إلى عجز المدرسة عن تجويد التحصيل العلمي لدى الطلاب، وأهمها ضعف مرتبات المدرسين وكثافة الطلاب واعتماد المناهج العملية على المعامل التي توجد في 8% من مدارس اليمن الحكومية فقط وعدم توفر وسائل الترفيه وعدم اهتمام كثير من الطلاب بالتعليم. يواصل: "لا تدرك كثير من الأسر أهمية تعليم أبنائها، ولهذا لا يحرصون على غرس ثقافة الحرص على التعليم واحترام المدرسة والمدرسين، ولهذا يشعر المدرسون بالإحباط ويكتفون بإلقاء الدروس ولا يهتمون إن كان الطالب قد استوعبها أم لا".
اقــرأ أيضاً
المدارس الخاصة
بالرغم من اختلاف الوضع عن الريف، تعتقد بعض الأسر ذات المستوى المعيشي المتوسط والمرتفع في المدن أن إلحاق أبنائها بمدارس خاصة يغنيها عن متابعة أطفالهم بشكل مركّز.
فمثل تلك المدارس تقدم خدمات تعليمية متميزة، وتجعل الآباء المنشغلين أكثر اطمئنانا عليهم. يفسر إبراهيم محمد حرصه على إلحاق أبنائه الثلاثة في مدارس خاصة بأنه يخفف عنه أعباء متابعة أطفاله أولاً بأول كما كان يفعل عندما كانوا في مدرسة حكومية.
يقول: "أصبحت أعباء ومشاكل ومخاطر المدرسة الحكومية أكثر من إيجابياتها والخدمات التي تقدمها". مؤكداً أن أبناءه عندما كانوا في مدرسة حكومية يعودون وهم يشكون عدم استيعابهم الدروس التي تلقوها، لا سيما المواد العلمية، ولهذا أضطر للبقاء معهم لاستذكار دروسهم، ويكون ذلك على حساب وقتي المخصص للعمل". مشيراً إلى أنه اضطر أثناء انشغاله إلى تكليف مدرسين خصوصيين لإعطاء أبنائه دروساً خصوصية.
ويضيف محمد بأن كثيراً من الطلاب الذين يدرسون في مدارس حكومية يكتسبون سلوكيات خاطئة، وأنه كان يضطر للبقاء مع أطفاله لأوقات كثيرة لتلافي أي انحرافات سلوكية قد يكتسبونها من زملائهم. مؤكدا أن إلحاقهم بمدرسة خاصة خفف بعض الأعباء والالتزامات التي كانت تأخذ حيزا كبيرا من وقته رغم التكاليف المرتفعة التي يدفعها.
في السياق، يرى الباحث في مجال التربية والتعليم خالد مطهر العدواني، تعدد المعوقات التي تواجه الأسرة اليمنية سواء المتعلمة أو الأمية التي تقلل من إمكانية مساعدة الأبناء في إنجاز واجباتهم وتحصيلهم العلمي بشكل عام. حيث يشير إلى وجود معوقات "مرتبطة بالأسرة نفسها ومنها ما هو مرتبط بالمدرسة وآخر يتعلق بالمنهج المدرسي".
وأوضح العدواني لـ "العربي الجديد" أن أميّة الأبوين أحد أهم الأسباب، لكنه في الوقت ذاته يؤكد أن المدرسة أيضاً لم تقم بايجاد بدائل لمساعدة الطلاب ممن يعانون من هذا النوع من المشاكل. يضيف: "لا يستطيع الآباء المتعلمون في أحيان كثيرة فهم المناهج الدراسية والتعامل معها، لا سيما تلك التي بنيت على نظريات التعليم الحديثة".
ويؤكد العدواني أن المدرسة مطالبة بالتواصل المستمر مع أولياء الأمور لتوضح لهم نقاط الضعف عند أبنائهم وسُبل تعزيزها وتقويمها في المنزل باعتبار المتابعة المنزلية مكملة لما يُقدم للطالب في المدرسة.
اقــرأ أيضاً
كما أنه لا يجد من يُشعره بأهمية التعليم، لا سيما، أن الخدمة التعليمية المقدمة من أغلب المدارس الحكومية رديئة وغير متكاملة، ومن الضروري أن تقوم الأسرة بواجبها في تكملة هذا النقص.
وتصل نسبة الأمية في اليمن إلى 48%، لتكون إحدى أكبر نسب الأمية في العالم، وتتركز بين النساء بنسبة 68%، إذ تزداد النسبة في الريف اليمني الذي يحتضن أكثر من 65% من إجمالي عدد السكان. ويصنف اليمن في تقارير منظمة اليونيسف ضمن مجموعة التنمية البشرية المنخفضة إلى جانب السودان وجيبوتي فقط من بلدان العالم العربي، وهو أيضاً من أشد هذه البلدان فقراً.
يدرس أسامة البعداني في المستوى الثاني من المرحلة الإعدادية، بالرغم من أنه قد تجاوز سن الـ 17 عاما. يوضح بأن ظروفه الأسرية أجبرته على إعادة دراسة بعض المراحل الدراسية بعدما كان قد رسب لضعف مستواه الدراسي. مشيرا إلى أن أبويه لا يدركان أهمية التعليم بالنسبة لمستقبله، لكن بعض أقربائه يحثونه على الاستمرار في الدراسة مهما كانت النتائج.
يقول البعداني لـ"العربي الجديد": "كثيرا ما كنت أعود من المدرسة إلى المنزل لأبحث عمن يساعدني في تنفيذ بعض المهام المدرسية ولا أجد"، حيث إن بعض المدرسين لا يقدمون الدروس للطلاب بشكل مبسط أو أنهم غير أكفاء في تقديم الدروس أصلاً، ولهذا يعتمد كثير من زملائه على آبائهم للمذاكرة لهم وفهم ما عجزوا عن فهمه في المدرسة.
لا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لخولا الريمي، فهي كذلك تعاني من عدم اهتمام والدتها بتعليمها، تقول الريمي لـ "العربي الجديد" إن والدتها لا تعتبر تعليمها أمراً ذا أولوية، وذهابها إلى المدرسة في نظر والدتها بمثابة إسقاط واجب بحسب تعبيرها. تقول: "أعاني من صعوبة في فهم المواد العلمية مثل الفيزياء والرياضيات، وفي حين أن أغلب زميلاتي يعتمدن على آبائهن في مذاكرتهن، أعجز أنا عن فعل ذلك".
انعدام الوقت
ولا يكون جهل الآباء هو السبب الوحيد في عدم اهتمام الأسرة بأبنائها ومساعدتهم في زيادة تحصيلهم العلمي، فكثير من أولياء الأمور لا يجدون الوقت الكافي للبقاء مع أبنائهم ومتابعة أدائهم في المدرسة، وهذا ما يقلل من جودة تحصيلهم العلمي، بحسب قول محمد الصوفي الأستاذ في إحدى المدارس الحكومية بالعاصمة صنعاء.
يقول لـ "العربي الجديد": "لا تقتصر المشكلة على الأبوين الأميين، بل هي مشكلة تعاني منها الأسرة اليمنية بصفة عامة، سواء كانت الأسرة أمية أو كان الأبوان متعلمين. فكثير من أولياء الأمور يعتقدون بأن المدرسة قادرة على تعليم الطلاب بشكل متكامل وهذا أمر غير صحيح لأسباب كثيرة".
يعترف الصوفي بأن للمدرسة دوراً مهماً وأساسياً في تعليم الطلاب، لكنه في ذات الوقت يشدد على دور الأسرة في متابعة الأبناء أولا بأول لتجويد تحصيلهم العلمي. ويضيف: "يبقى الطالب أغلب ساعات اليوم في المنزل، ولا نكاد نستطيع نحن كمدرسين تقديم الدرس خلال هذه الفترة من اليوم، كما أن عملية متابعة كل طالب على حدة مهمة صعبة؛ بسبب ازدحام الفصول الدراسية في المدارس الحكومية".
وعدّد الصوفي عدداً من الأسباب التي تؤدي إلى عجز المدرسة عن تجويد التحصيل العلمي لدى الطلاب، وأهمها ضعف مرتبات المدرسين وكثافة الطلاب واعتماد المناهج العملية على المعامل التي توجد في 8% من مدارس اليمن الحكومية فقط وعدم توفر وسائل الترفيه وعدم اهتمام كثير من الطلاب بالتعليم. يواصل: "لا تدرك كثير من الأسر أهمية تعليم أبنائها، ولهذا لا يحرصون على غرس ثقافة الحرص على التعليم واحترام المدرسة والمدرسين، ولهذا يشعر المدرسون بالإحباط ويكتفون بإلقاء الدروس ولا يهتمون إن كان الطالب قد استوعبها أم لا".
المدارس الخاصة
بالرغم من اختلاف الوضع عن الريف، تعتقد بعض الأسر ذات المستوى المعيشي المتوسط والمرتفع في المدن أن إلحاق أبنائها بمدارس خاصة يغنيها عن متابعة أطفالهم بشكل مركّز.
فمثل تلك المدارس تقدم خدمات تعليمية متميزة، وتجعل الآباء المنشغلين أكثر اطمئنانا عليهم. يفسر إبراهيم محمد حرصه على إلحاق أبنائه الثلاثة في مدارس خاصة بأنه يخفف عنه أعباء متابعة أطفاله أولاً بأول كما كان يفعل عندما كانوا في مدرسة حكومية.
يقول: "أصبحت أعباء ومشاكل ومخاطر المدرسة الحكومية أكثر من إيجابياتها والخدمات التي تقدمها". مؤكداً أن أبناءه عندما كانوا في مدرسة حكومية يعودون وهم يشكون عدم استيعابهم الدروس التي تلقوها، لا سيما المواد العلمية، ولهذا أضطر للبقاء معهم لاستذكار دروسهم، ويكون ذلك على حساب وقتي المخصص للعمل". مشيراً إلى أنه اضطر أثناء انشغاله إلى تكليف مدرسين خصوصيين لإعطاء أبنائه دروساً خصوصية.
ويضيف محمد بأن كثيراً من الطلاب الذين يدرسون في مدارس حكومية يكتسبون سلوكيات خاطئة، وأنه كان يضطر للبقاء مع أطفاله لأوقات كثيرة لتلافي أي انحرافات سلوكية قد يكتسبونها من زملائهم. مؤكدا أن إلحاقهم بمدرسة خاصة خفف بعض الأعباء والالتزامات التي كانت تأخذ حيزا كبيرا من وقته رغم التكاليف المرتفعة التي يدفعها.
في السياق، يرى الباحث في مجال التربية والتعليم خالد مطهر العدواني، تعدد المعوقات التي تواجه الأسرة اليمنية سواء المتعلمة أو الأمية التي تقلل من إمكانية مساعدة الأبناء في إنجاز واجباتهم وتحصيلهم العلمي بشكل عام. حيث يشير إلى وجود معوقات "مرتبطة بالأسرة نفسها ومنها ما هو مرتبط بالمدرسة وآخر يتعلق بالمنهج المدرسي".
وأوضح العدواني لـ "العربي الجديد" أن أميّة الأبوين أحد أهم الأسباب، لكنه في الوقت ذاته يؤكد أن المدرسة أيضاً لم تقم بايجاد بدائل لمساعدة الطلاب ممن يعانون من هذا النوع من المشاكل. يضيف: "لا يستطيع الآباء المتعلمون في أحيان كثيرة فهم المناهج الدراسية والتعامل معها، لا سيما تلك التي بنيت على نظريات التعليم الحديثة".
ويؤكد العدواني أن المدرسة مطالبة بالتواصل المستمر مع أولياء الأمور لتوضح لهم نقاط الضعف عند أبنائهم وسُبل تعزيزها وتقويمها في المنزل باعتبار المتابعة المنزلية مكملة لما يُقدم للطالب في المدرسة.