وعلى الرغم من أنه قد سبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، أن دعوا المجتمع الدولي إلى مساعدة الأكراد في إقامة دولتهم المستقلة، ترى أوساط إسرائيلية في انجازات الأكراد شمال شرق سورية، دليلاً أيضاً، على أن الغرب بإمكانه أن يعتمد على دولة كردية مستقلة كعامل استقرار في مواجهة القوى الإسلامية المتطرفة.
وقد أكد عدد من كبار قادة الاستخبارات الإسرائيليّة الذين تحدّثوا أمام "مؤتمر الاستخبارات والوحدات الخاصة الدولي"، الذي انتهت أعماله، يوم الجمعة، في تل أبيب، على أنّ التقدم الذي أحرزه الأكراد على حساب "داعش"، يعتبر أهم تطور حدث في سورية في الآونة الأخيرة. وقال مدير "مركز تراث الاستخبارات ودراسة الإرهاب"، الجنرال رؤفين إيرليخ، أن "اندفاع الأكراد ساهم في تمكينهم من دحر داعش"، موضحاً أنه "باستثناء الأكراد، لا يوجد قوة محلية بإمكان الولايات المتحدة الاعتماد عليها، في مواجهة التنظيم".
وخلال كلمته أمام المؤتمر، صباح الأربعاء الماضي، استدرك إيرليخ قائلاً إن "سعي الأكراد لتدشين دولة كردية في شمال سورية والعراق يعني أنّهم لن يكونوا معنيين بمواجهة التنظيم في المناطق الأخرى من سورية والعراق". من ناحيته، يشير معلق الشؤون العسكرية، ألون بن دافيد، إلى أن "التقدم الذي أحرزه الأكراد في شمال سورية يدل على أن التنظيم يتقدم فقط عندما لا تواجهه قوة منظمة ومدربة وذات تصميم".
اقرأ أيضاً: "حماية الشعب" الكردية: حليف يجمع ثقة واشنطن وطهران والأسد
وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" في 28 يونيو/حزيران الماضي، شدّد بن دافيد على أن التقدم الذي أحرزه الأكراد يمثل "فرصة" بالنسبة لإسرائيل، يتوجب استغلالها عبر دعم توجه الأكراد لإقامة دولة لهم تكون في كل من إيران وتركيا والعراق وسورية، مشدداً على أن هذه الدولة ستكون "حليف الأحلام بالنسبة لإسرائيل". كما أشار إلى أنّه "يتوجب على إسرائيل مساعدة الأكراد في التغلب على المعارضة التي تبديها تركيا لتدشين دولتهم". وأوضح بن دافيد أن إسهام تل أبيب في الدفع نحو إقامة الدولة الكردية وتدشين علاقات تحالف معها، يتناسق مع الاستراتيجية الإسرائيلية التقليدية التي تقوم على أساس إقامة علاقات مع دول وجماعات غير عربية، مشيراً إلى أن إسرائيل عزّزت علاقاتها في سبعينيات القرن الماضي مع إيران وفي التسعينيات مع تركيا. وزعم بن دافيد أنه بإمكان إسرائيل أن ترفع شعار أن الأكراد يستحقون دولة أكثر مما يستحقها الفلسطينيون.
وهناك من يرى في أن تدشين دولة كردية يمثّل في الواقع مصلحة غربية وليس فقط مصلحة إسرائيلية. فقد اعتبر رئيس قسم الدراسات الشرقية في جامعة تل أبيب الدكتور يرون فريدمان، أن تدشين دولة كردية في سورية يمثّل "الأمل لكل من إسرائيل والغرب"، إذ إن مثل هذه الدولة "ستقلص فرص تدشين جيش شيعي برعاية إيران وحزب الله أو دولة سنية إرهابية تحت رعاية القاعدة في سورية".
وفي مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" يوم 27 يونيو/حزيران الماضي، أشار فريدمان إلى استعداد الأكراد لإقامة علاقات تحالف مع إسرائيل، مشيراً إلى أن رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، أعلن عام 2006 أنه لا يرى مشكلة في إقامة علاقات مع إسرائيل. ويرى فريدمان أنه على الرغم من أن ظهور "داعش" بدا لأول وهلة أنه تهديد جدي للأكراد، فإنه قدّم لهم خدمة استراتيجية.
وأضاف أن "ظهور هذا التنظيم أسهم كثيراً في تعزيز القضية الكردية، وأفضى إلى توحيد الأكراد وزيادة دافعية الشباب الكردي للانخراط في العمل المسلح". وأشار إلى أن تقهقر الجيش العراقي أمام التنظيم وسقوط الموصل، أسهم في اقناع الغرب بقيادة الولايات المتحدة بالاستثمار في دعم الأكراد عسكرياً. وأشار فريدمان إلى أن ما يعزز الأداء العسكري للأكراد حقيقة أنهم يتسمون بالتضامن والولاء لقضيتهم وانضباط عسكري وجرأة في ساحة القتال.
وفي سياق متصل، أشارت صحيفة "معاريف" إلى أن ما يفاقم أزمة التنظيم، هو تراجع عوائدهم من بيع النفط من 65 مليون دولار إلى 20 مليوناً فقط، مشيراً إلى أن عوائد النفط باتت تشكل فقط 70% من مصدر الدخل لدى التنظيم، بعد أن كانت تشكل 90%.
اقرأ أيضاً: الوصفة الأميركية للأكراد