بدأت معاناة أحمد مع أمراض الكلى، بعد أن اكتشف اعتلال كلية ابنه صاحب الخمسة أعوام، ليتطور الأمر إلى فشل كلوي.
وبملامح يملأها الحسرة والأسى، نقل أحمد لـ"العربي الجديد" معاناته مع مرض ابنه وتكاليف العلاج الباهظة، لا سيما أن طفله يحتاج إلى غسيل بشكل أسبوعي "مرتان على الأقل".
يقول "أعمل في وظيفة هامشية، بالكاد أستطيع توفير ثمن الأكل، ومع هذا أصيب ابني بالكلى، وقمت ببيع أرض ورثتها عن والدي في القرية، للمساهمة في تكاليف العلاج من دون جدوى"، ويضيف "في كثير من الأحيان أفشل في توفير تعريفة المواصلات لنقل ابني إلى مركز غسيل الكلى".
معاناة تتزايد
لم يكن أحمد الشخص الوحيد الذي يعيش معاناة يومية مع مرض الكلى، لا سيما في ظل ارتفاع تكاليف علاجه.
فعلى الرغم من إقرار السلطات السودانية مجانية غسيل الكلى، إلا أن ذلك لا يشمل العلاجات ولا توفير القسطرة، إذ يتوجب على المريض توفير مبلغ ألف وخمسمائة جنيه سوداني (الدولار الأميركي يساوي خمسة جنيهات سودانية ونصف) لشراء القسطرة الخاصة بالأطفال، بجانب دفع ألف وستمائة لتركيبها عبر اختصاصي، بينما يدفع مرضى الكلى الكبار مبلغ 2400 جنيه للقسطرة والتركيب، فضلا عن 600 جنيه شهريا للعلاج.
وأعلن المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى في الخرطوم (جهاز حكومي)، عن وجود ستة آلاف شخص يعانون من مرض الكلى في البلاد، فضلا عن 2800 حالة زراعة كلى.
وأكد ارتفاع مرض الكلى وسط الأطفال من ثلاثة آلاف حالة في 2013 إلي أربعة آلاف حالة خلال العام الماضي. كاشفا عن إجراء مائتي عملية زراعة كلى خلال العام الماضي. في حين توقع أن ترتفع حالات الإصابة إلى 15 ألف حالة بحلول عام 2019.
وقال المدير التنفيذي للصندوق القومي لأمراض وجراحة الكلى، محمد ميرغني، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، إن الصندوق عمد إلى توفير 179 ماكينة غسيل خلال هذا العام، ووعد بتوفر 57 مركزا لغسيل الكلى في العاصمة والولايات والمناطق الطرفية، كاشفا عن وجود ثمانية آلاف حالة فشل كلوى مؤقت سنويا، بسبب الملاريا وفقدان السوائل، وفقدان الدم. وأكد أن من ضمن التحديات التي تواجههم هجرة الأطباء.
وأقرت وزارة الصحة الاتحادية في وقت سابق، بتأثر قطاع الخدمات، نتيجة هجرة الأطباء السودانيين جراء الأوضاع المعيشية القاسية في البلاد، حيث هاجر 55 في المائة من الكوادر الصحية في البلاد خلال عام 2013 فقط، بحسب تقدير وزارة الصحة.
جهود مجتمعية
ويحاول العديد من المتطوعين، الذين نظموا أنفسهم في جمعيات ومبادرات مختلفة، تقديم الدعم لهذه الشريحة الواسعة من المرضى.
ويحدد الناشط في مبادرة شارع الحوادث، والمسؤول عن أطفال الكلى في المبادرة، محمد أحمد، الصعوبات التي تواجه مرضى الكلى في ارتفاع أسعار علاجات الكلى، لا سيما القسطرة، وعدم ثبات الأسعار، فضلا عن التكدس في مراكز الكلى التي لا تتناسب مع أعداد المرضى، رغم محاولات الحكومة زيادة أعداد هذه المراكز.
ويوضح "إذا قلنا إن هناك تكدسا في المستشفيات الخاصة التي تتم فيها عملية الغسيل بمبلغ 700 جنيه سوداني للغسلة الواحدة، فما بالك بالمراكز التي يتم فيها الغسيل بالمجان، باستثناء القسطرة والعلاجات التي يتحمل تكلفتها المريض، بينما توفر الدولة الماكينة والجرعات".
ويؤكد محمد أن مرضى الكلى يعانون من أوضاع معيشية مزرية، الأمر الذي يجعل بعضهم يفوت مواعيد الغسيل، لعدم توفر المال لديه، وقال لـ"العربي الجديد" نحن في المبادرة نجتهد في توفير كافة العلاجات والإمكانات للمرضى، خاصة الأطفال، عبر الخيّرين.
موضحا "ننفق شهريا ما بين ثلاثين إلى أربعين ألف جنيه، وكلها أموال تأتي من خيّرين وجمعيات الكلى"، ويضيف "نجحنا خلال عام ونصف في زراعة كلى لأحد عشر طفلا، وتركيب قسطرة لثمانين آخرين".
اقرأ أيضا:
مواطنو السودان.. ضحية للأمراض في ظل غياب حكومي
السودان: مكبّ للنفايات الإلكترونيّة