ألغام على الطريق

14 أكتوبر 2017
احتفالات في غزة بالمصالحة (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
لا يمكن الاستخفاف بالفرح الشعبي الفلسطيني لإبرام اتفاق المصالحة والإعلان عنه أمس الأول الخميس، كما لا يمكن أيضاً تجاهل وغض النظر عن العقبات التي لا تزال قائمة أمام تحويل الاتفاق الموقّع إلى حقيقة ناجزة على الأرض، خصوصاً أن جدول إتمام الإجراءات المطلوبة للاتفاق يعطي الطرفين في حركتي "فتح" و"حماس" حتى مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول لتسليم السلطة الفلسطينية مقاليد الحكم الفعلية في غزة.

في غضون هذه الفترة، سينشغل الفلسطينيون، ولكن ليسوا وحدهم، في موضوع المصالحة وتثبيتها إذا تمكّن الخصمان في "حماس" و"فتح" من إيجاد حل لمعضلة سلاح السلطة وسلاح المقاومة، وكيفية التوفيق بينهما. أما إسرائيل التي تترقب ما يحدث وتراقب كل صغيرة وكبيرة، فستستغل هذه الفترة لزرع ألغام لنسف الاتفاق كلياً، في حال لم تتوفر فيه مصالحها الأمنية المباشرة، مع أنها ليست طرفاً، لكن الأطراف العربية والراعية للاتفاق، وتحديداً مصر، تحرص على إبراز تعاونها العسكري والأمني الاستراتيجي مع دولة الاحتلال، كرافعة لها ومروج لدور مصري إيجابي أمام البيت الأبيض.

ولعل أخطر لغم يتوجب على الفلسطينيين تفكيكه لضمان العبور بالاتفاق من مرحلة الإعلان عنه إلى مرحلة تثبيته، هو ضمان معادلة أخرى تثبّت الثوابت الفلسطينية. لتكون بذلك المصالحة أداة للوصول إلى عدم التفريط بالثوابت، لا أن تتحوّل إلى اتفاق مصالحة أمني وتقاسم أدوار سياسية على حساب مشروع فلسطيني لن يستقيم ولن يبقى إذا صادر اتفاق المصالحة القرار الفلسطيني كلياً عبر تحويل قضية فلسطين هذه المرة إلى ملف أمني لا غير، وهو ما يبدو في الأفق، ويرشحه لذلك أن الضامن له والناظم لبنوده، هو جهاز الاستخبارات المصرية.

لكن يبقى هناك مجال للتساؤل، بشأن المدة الزمنية المحددة لصمود الاتفاق لاحقاً، وما إذا كان صموده مرهونا بتوفيره غطاء فلسطيني لإطلاق مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لصفقة القرن الكبرى، خصوصاً أن صحيفة "هآرتس" أشارت أمس إلى أن إدارة ترامب ممثلة بالمبعوث "لعملية السلام" جيسون غرينبلات تعتبر أن إعادة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة شرط أساسي لإطلاق مبادرة السلام الأميركية، وهو شرط لن يتحقق ولا يمكن له أن يتحقق إلا بمصالحة فلسطينية-فلسطينية.