أكراد أوروبا محبطون ودعوات للعودة وقتال "داعش"

17 أكتوبر 2014
طالب الأكراد دولة الدنمارك بالتدخل ضد داعش (Getty)
+ الخط -


لم تخفف الطائرات التي أرسلها "التحالف الدولي" لقصف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق وسورية، من حالة الإحباط لدى أكراد أوروبا. ما يحدث لأبناء جلدتهم، خصوصاً في العراق، دفع البعض إلى محاصرة محطات قطارات وبرلمانات، كما حدث في هولندا، فيما طالب آخرون دولة الدنمارك بتدخل أقوى، على الرغم من مشاركة الأخيرة بعمليات التحالف ضد "داعش".

كما أن معارك عين عرب ومحاولة "الدولة الإسلامية" السيطرة عليها، أدّت دوراً في خلق مشاهد غير مألوفة في ألمانيا، حيث يعيش مئات آلاف الأكراد، فقد تدخلت الشرطة في أكثر من منطقة لفض اشتباكات كردية ـ عربية أو إسلامية.

ما أنتجته حرب "الدولة الإسلامية" على القرى التي يعيش فيها الأكراد، خلق شعوراً من الشك والريبة، بأن كل "عربي ومسلم مؤيد لداعش". وساهم بعض "الصحافيين الخبراء" في الغرب في زيادة التوتّر، أثناء إجرائهم مقارنات ومقاربات تزيد العلاقات توتراً، رغم أن النظرة الكلية لطالبي اللجوء لا تفرق بين كردي وعربي من سورية.

ويعتبر معظمهم أن "تركيا تتحمّل المسؤولية"، لكن هناك أصواتاً تصبّ غضبها أيضاً على قيادات كردية. كما أن بعض أكراد سورية ما يزال يتحاشى الحديث، وبحسب قولهم "لأنك تعرف الوضع في سورية، وأهالينا هناك".

ليست أنقرة وحدها المسؤولة، بل السياسات الغربية التي تقاعست "مرة أخرى"، وفق ما يؤكد شاب كردي يدعى حسام لـ"العربي الجديد"، مسترجعاً شريط "التخاذل مع الأكراد الذي يشبه إلى حد بعيد التخاذل مع الفلسطينيين". ويوضح "مشهد التفرج على ما يجري في عين العرب يثير غضب الشباب الأكراد، نحن قد نختلف في ما بيننا ونعرف بأن النظام في دمشق حاول تقسيمنا بعد قتل القائد مشعل تمو، لكننا نتفق على شيء أساسي، مثلما يتفق الناس في غزة حين تشنّ اسرائيل عدواناً عليهم".

ويصرّ حسام على المقارنات، ويضيف "صحيح أنهم أرسلوا طائرات، لكننا نعرف مواقفهم الضمنية، فقد تركوا الثورة السورية ولم يدعمونا، وظلوا يتحدثون عن الأيدي الخاطئة حتى صار التطرف سيد الموقف".

يتفق كاوه، الكردي أيضاً، مع حسام في مسألة "ترك السوريين ليضعف تشكيلهم الوطني الجامع، لكن الآن نحن أمام نتائج مأساوية، أخطأ كثيرون في معسكرنا، لا يمكنني لوم الجيش الحر وفصائل الثورة في سورية، هم أصلاً كانوا يحذرون من وصول الأمر إلى ما وصل إليه".

يوضح الناشط، الذي يتحدّر من مدينة عفرين، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الأكراد عادة ما يتحركون بقوة وبشكل جماعي في أوروبا، لكن ظروفهم هذه المرة أشد تعقيداً من السابق، ففي سورية ليس هناك صدام حسين، والمعارضة الكردية التي وقفت بوجه المعارضة السورية طوال أيام الثورة، غير مؤهلة اليوم لتقديم الكثير".

وتحرّك أكراد أوروبا، خلال الأسابيع الماضية، ما يُظهر حالة الإحباط التي يعيشونها، بسبب أحداث نزوح طاولت مناطقهم في سورية "حالة التشرد الكبيرة من عين عرب، تشبه تلك التي حدثت في العراق في تسعينيات القرن الماضي باتجاه تركيا، خوفاً من هجوم الجيش العراقي"، يقول كاوه.

واقع النزوح الكردي، يجعل المواقف ضد القيادات الكردية أقل تأثيراً، فالأولوية اليوم لـ"إنقاذ ما بعد عين العرب من داعش".

يوضح سردار مارديني لـ"العربي الجديد"، أن "الأمر لن يتوقف عند عين العرب، صدقني سوف يقاتل الأكراد تنظيم داعش، حتى لو انتهت هذه المدينة. هذا الإحباط سيدفع بكثيرين إلى مزيد من التطوع لمقاتلة التنظيم. وربما أصلاً يعيد تموضع الأكراد في الثورة السورية، إذا صدق هؤلاء الذين يدّعون دعم السوريين".

يحظى هذا الموقف بتأييد واسع لدى الأكراد الذين يقيمون في الغرب، أو هؤلاء الذين حضروا حديثاً من سورية لطلب اللجوء. البعض لم يخف نيّته الطلب من السلطات الدنماركية أن "تتركنا نسافر لنقاتل هناك، وأن تمنحنا السلاح، ولا نريد اللجوء". بينما بدا البعض الآخر أكثر واقعية، حين قال: "الأمر ليس بهذه السهولة، ما نفعله هنا هو الضغط على السلطات لتسليح المقاتلين، لا يمكن فعل ذلك إذا لم تسمح تركيا بذلك، وكيف سندخل السلاح من تركيا أو العراق إذا كانوا هم (داعش) يسيطرون على خطوط الإمداد ولم تؤثر بعض الضربات الجوية؟".

في تصريح لافت، يقول المتحدث الرسمي باسم الحزب "الديمقراطي" الكردي السوري في الدنمارك، ايبيس تاس، للتلفزيون الدنماركي: "إن سقوط عين العرب سوف يجر معه سقوط قرى كردية أخرى، سوف يقتل الآلاف، وهذا ما يعرفه أهل عين العرب ومن كانوا يقاتلون فيها". ويؤكد أن "التسليم لداعش سيكون مستحيلاً وسوف يقاتل الجميع وسنحوّل مناطقنا إلى ستالينغراد".

لكن التلفزيون الدنماركي حاول التحدث مع امرأة كردية، فرفضت الكشف عن اسمها، مبدية خشيتها "من مؤيدي داعش هنا في الدنمارك. لدي أطفال وعائلة، فأنا مصدومة وأخاف من ردود فعل جيراني". وتضيف في الوقت نفسه "على الأكراد واجب التطوع والدفاع عن شعبهم، فهم ليسوا دولة وليس لديهم سفارات لتقوم بتمثيل مصالحهم ومطالبهم".

صحيح أن الدنمارك ودولاً أوروبية أخرى، تفرض تشديد أمنياً، لمنع الناس من السفر والقتال في سورية والعراق، تصل حتى الحجز وسحب جوازات السفر، إلا أن السؤال: هل ستستثني تلك البلدان المتشددة مع من تشك بأنه سيحارب في سورية هؤلاء الأكراد الراغبين بالسفر للقتال بوجه "داعش"؟

سؤال حاولنا طرحه على بعض السياسيين الدنماركيين المنشغلين بكيفية دعم الأكراد بالسلاح، وخصوصاً من الأحزاب اليسارية، فلم نجد جواباً شافياً سوى: "على تركيا القيام بعمل ما".

 

المساهمون