كأنه قُدّر للعراقيّين ألّا يعيشوا الاستقرار في بلادهم. لم يعرفوا العيش الهنيء في ظل الأحداث الأمنية التي تشهدها البلاد منذ سنوات، وخصوصاً بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على مناطق في شمال وغرب البلاد، عدا عن انتشار المليشيات. عواملُ أدت إلى نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص إلى مناطق أكثر أمناً في المحافظات الشمالية.
ومع استمرار تردي الأوضاع، تزداد معاناة النازحين في ظل نقص مصادر التمويل. وتشير تقديرات مركز رصد النزوح الداخلي إلى أن ثلاثة ملايين و276 ألف عراقي على الأقل، نزحوا داخلياً بدءاً من 15 يناير/كانون الثاني عام 2015.
تسكن أسماء (22 عاماً) في مخيّم معسكر سعد للنازحين في محافظة ديالى. تروي لـ "العربي الجديد" قصّة انتقالها وعائلتها من مكان إلى آخر، قبل أن يستقروا في كرفان داخل المخيم قبل نحو عام. تقول: "تنقلنا في مخيمات عدة داخل إقليم كردستان. في البداية، لم تتقبلنا المناطق المستضيفة، أحياناً، كانوا يطردوننا، قبل أن نستقر، أخيراً، في مخيم معسكر سعد". تضيف أن "الكرفانات متقاربة والخدمات شبه معدومة، نعيشُ في انتظار المساعدات، إن حصلنا عليها أكلنا وشربنا، وإن لم نحصل، نواجه خطر الموت جوعاً وعطشاً ومرضاً. لا يسمح لنا بالخروج والدخول إلى المخيم كما يحلو لنا إلا في الحالات الطارئة، أو إذا أردنا الذهاب إلى المرحاض".
ليست عائلة أبو فلاح في أفضل حالٍ. تتألّف من 32 شخصاً، وتسكن في سرداب داخل مرآب للسيارات في منطقة إمام عباس في مدينة خانقين. تفتقر العائلة إلى أبسط مقومات العيش، وخصوصاً بعدما أحرقت المليشيات و"داعش" بستانها وبيتها. ليس بعيداً عن أبو فلاح، اضطرت أم أحمد، التي تعيش مع عائلتها المكوّنة من ثمانية أشخاص في العشوائيات في محافظة السليمانية، إلى الطلب من أقاربها استقبال ثلاثة من أطفالها. تقول لـ "العربي الجديد": "الغرفة التي نقيم فيها ضيقة. كما أنه لا يوجد مدارس".
أما سمية (34 عاماً)، فتقول لـ "العربي الجديد": "مضى أكثر من عام على نزوحنا إلى مخيم علياوة، لا نستطيع الصيام داخل خيمة لا تقينا حر الصيف أو برد الشتاء. تعاني والدتي من مرض السكري. كما أن عدد المراحيض قليل، لا أستطيع أخذها إلا مرة أو اثنتين إلى المرحاض، الأمر الذي يفاقم وضعها الصحي". تضيف أن "العيش في المخيمات أسوأ من الموت".
يتوزّع النازحون داخل البلاد في محافظات عدة، استقرّ غالبيتهم في مخيمات في إقليم كردستان العراق. وبحسب أرقام وزارة الهجرة والمهجرين، هناك 16 مخيماً للاجئين العراقيين والسوريين في محافظة دهوك. وفي محافظة السليمانية وديالى، يوجد خمسة مخيمات، ومخيمان في أربيل. ويوجد في نينوى وكركوك أربعة مخيمات، علماً أن الخيام والكرفانات لا تكفي، ما يضطر أكثر من عائلة للسكن في خيمة أو كرفان واحد.
ويقطنُ عدد كبير من النازحين في العاصمة بغداد، ويتوزعون في المدارس والعشوائيات والبيوت. وفقاً للأمم المتحدة، نزح نحو 55 ألف شخص من الرمادي (مركز محافظة الأنبار) منذ شهر أبريل/نيسان الماضي. يذكر بأن آلاف النازحين من الأنبار علقوا عند جسر بزيبز الذي يصل مناطقهم ببغداد لأيام عدة، بعدما طُلب منهم تأمين كفيل من سكان العاصمة. أيضاً، توجّه عددٌ من النازحين إلى محافظات جنوب العراق، واستقر معظمهم في محافظات البصرة وبابل وواسط. وبحسب وزارة الهجرة والحكومات المحلية، فإن النازحين في الجنوب يعانون أوضاعاً إنسانية صعبة جداً، في ظل صعوبة تأمين سكن خاص وقلة الموارد وفرص العمل.
في السياق ذاته، يقول عميد كلية التربية السابق في جامعة ديالى، عدنان محمود، إن الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق تتحمّل مسؤولية نزوح العراقيين المتكرر بعد عام 2003. يضيف لـ "العربي الجديد" أن "العراقيين الذين عادوا إلى البلاد أجبروا على النزوح ثانيةٍ بسبب الأوضاع السياسية". لافتاً إلى أن الفوضى التي تعيشها البلاد، حالياً، تسببت في حرمان آلاف النازحين من وظائفهم وأرزاقهم.
من جهتها، توضح رئيسة منظّمة "حواء" للإغاثة والتنمية، بثينة المهداوي، أنه يصعب على العالم فهم أوضاع النازحين ما لم يكن على تماس معهم، ويرى عن كثب الصعوبات والحياة المأساوية التي يعيشونها. تضيف لـ"العربي الجديد" أن "المنظمات الإنسانية تقدّم العون للنازحين، لكن الأمر لن يستمر طويلاً، وخصوصاً أن التقارير تشير إلى نزوح أكثر من خمسين مليون مواطن في العالم، غالبيتهم من العالم العربي والإسلامي. لذلك، من الأفضل العمل على إعادتهم إلى مناطقهم المحررة، ومساعدتهم على تجاوز محنتهم".
إقرأ أيضاً: الهرب من الموصل.. طرق النجاة من "داعش" ليست آمنة
ومع استمرار تردي الأوضاع، تزداد معاناة النازحين في ظل نقص مصادر التمويل. وتشير تقديرات مركز رصد النزوح الداخلي إلى أن ثلاثة ملايين و276 ألف عراقي على الأقل، نزحوا داخلياً بدءاً من 15 يناير/كانون الثاني عام 2015.
تسكن أسماء (22 عاماً) في مخيّم معسكر سعد للنازحين في محافظة ديالى. تروي لـ "العربي الجديد" قصّة انتقالها وعائلتها من مكان إلى آخر، قبل أن يستقروا في كرفان داخل المخيم قبل نحو عام. تقول: "تنقلنا في مخيمات عدة داخل إقليم كردستان. في البداية، لم تتقبلنا المناطق المستضيفة، أحياناً، كانوا يطردوننا، قبل أن نستقر، أخيراً، في مخيم معسكر سعد". تضيف أن "الكرفانات متقاربة والخدمات شبه معدومة، نعيشُ في انتظار المساعدات، إن حصلنا عليها أكلنا وشربنا، وإن لم نحصل، نواجه خطر الموت جوعاً وعطشاً ومرضاً. لا يسمح لنا بالخروج والدخول إلى المخيم كما يحلو لنا إلا في الحالات الطارئة، أو إذا أردنا الذهاب إلى المرحاض".
ليست عائلة أبو فلاح في أفضل حالٍ. تتألّف من 32 شخصاً، وتسكن في سرداب داخل مرآب للسيارات في منطقة إمام عباس في مدينة خانقين. تفتقر العائلة إلى أبسط مقومات العيش، وخصوصاً بعدما أحرقت المليشيات و"داعش" بستانها وبيتها. ليس بعيداً عن أبو فلاح، اضطرت أم أحمد، التي تعيش مع عائلتها المكوّنة من ثمانية أشخاص في العشوائيات في محافظة السليمانية، إلى الطلب من أقاربها استقبال ثلاثة من أطفالها. تقول لـ "العربي الجديد": "الغرفة التي نقيم فيها ضيقة. كما أنه لا يوجد مدارس".
أما سمية (34 عاماً)، فتقول لـ "العربي الجديد": "مضى أكثر من عام على نزوحنا إلى مخيم علياوة، لا نستطيع الصيام داخل خيمة لا تقينا حر الصيف أو برد الشتاء. تعاني والدتي من مرض السكري. كما أن عدد المراحيض قليل، لا أستطيع أخذها إلا مرة أو اثنتين إلى المرحاض، الأمر الذي يفاقم وضعها الصحي". تضيف أن "العيش في المخيمات أسوأ من الموت".
يتوزّع النازحون داخل البلاد في محافظات عدة، استقرّ غالبيتهم في مخيمات في إقليم كردستان العراق. وبحسب أرقام وزارة الهجرة والمهجرين، هناك 16 مخيماً للاجئين العراقيين والسوريين في محافظة دهوك. وفي محافظة السليمانية وديالى، يوجد خمسة مخيمات، ومخيمان في أربيل. ويوجد في نينوى وكركوك أربعة مخيمات، علماً أن الخيام والكرفانات لا تكفي، ما يضطر أكثر من عائلة للسكن في خيمة أو كرفان واحد.
ويقطنُ عدد كبير من النازحين في العاصمة بغداد، ويتوزعون في المدارس والعشوائيات والبيوت. وفقاً للأمم المتحدة، نزح نحو 55 ألف شخص من الرمادي (مركز محافظة الأنبار) منذ شهر أبريل/نيسان الماضي. يذكر بأن آلاف النازحين من الأنبار علقوا عند جسر بزيبز الذي يصل مناطقهم ببغداد لأيام عدة، بعدما طُلب منهم تأمين كفيل من سكان العاصمة. أيضاً، توجّه عددٌ من النازحين إلى محافظات جنوب العراق، واستقر معظمهم في محافظات البصرة وبابل وواسط. وبحسب وزارة الهجرة والحكومات المحلية، فإن النازحين في الجنوب يعانون أوضاعاً إنسانية صعبة جداً، في ظل صعوبة تأمين سكن خاص وقلة الموارد وفرص العمل.
في السياق ذاته، يقول عميد كلية التربية السابق في جامعة ديالى، عدنان محمود، إن الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق تتحمّل مسؤولية نزوح العراقيين المتكرر بعد عام 2003. يضيف لـ "العربي الجديد" أن "العراقيين الذين عادوا إلى البلاد أجبروا على النزوح ثانيةٍ بسبب الأوضاع السياسية". لافتاً إلى أن الفوضى التي تعيشها البلاد، حالياً، تسببت في حرمان آلاف النازحين من وظائفهم وأرزاقهم.
من جهتها، توضح رئيسة منظّمة "حواء" للإغاثة والتنمية، بثينة المهداوي، أنه يصعب على العالم فهم أوضاع النازحين ما لم يكن على تماس معهم، ويرى عن كثب الصعوبات والحياة المأساوية التي يعيشونها. تضيف لـ"العربي الجديد" أن "المنظمات الإنسانية تقدّم العون للنازحين، لكن الأمر لن يستمر طويلاً، وخصوصاً أن التقارير تشير إلى نزوح أكثر من خمسين مليون مواطن في العالم، غالبيتهم من العالم العربي والإسلامي. لذلك، من الأفضل العمل على إعادتهم إلى مناطقهم المحررة، ومساعدتهم على تجاوز محنتهم".
إقرأ أيضاً: الهرب من الموصل.. طرق النجاة من "داعش" ليست آمنة