7 أفلام عربيّة تُشارك في مسابقات وبرامج مختلفة، في الدورة الـ76 لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي (لا موسترا)"، المُقامة بين 28 أغسطس/ آب و7 سبتمبر/ أيلول 2019. في المسابقة الرسمية، هناك "المُرشّحة المثالية" للسعودية هيفاء المنصور. أكثرها انتظارًا "الفزاعات" (2019) للتونسي النوري بوزيد، المعروض في برنامج "الأفلام التجريبية". إليهما، يُعرض "ستموت في العشرين" للسوداني أمجد أبو العلاء و"أريكة في تونس" للتونسية منال العبيدي في "أيام فينيسيا"، و"جدار الصوت" للّبناني أحمد غصين و"سيدة البحر" للسعودية شهد أمين في مسابقة "أسبوع النقد"، و"بيك نعيش (ابن)" للتونسي مهدي برصاوي في "آفاق".
العرب حاضرون في محافل سينمائية دولية مختلفة، منذ أعوام عديدة. هذا معروف ومُكرّر، ولعلّه لن يُحدث دهشةً، فغالبية النتاج السينمائي العربيّ، في الآونة الأخيرة على الأقلّ، متمكنة من اشتغالاتها الجمالية والفنية والدرامية، ما يؤهّلها لأن تكون سينما حيوية وسجالية وجميلة، غالبًا. والأفلام المختارة في هذا المهرجان أو ذاك، المُنتجة عربيًا أو بالتعاون مع أجانب، تعكس شيئًا من أهمية تلك السينما، وخياراتها الدرامية والفنية والتقنية، بسجاليّتها وجمالياتها وأشكالها.
هذا يُقال عن أفلامٍ مُشاركة في مهرجانات مختلفة، في دوراتها السابقة، بينما الأفلام المختارة لـ"لا موسترا 2019" غير مُشاهَدة وغير معروفة، وغير مؤكّد مدى استجابتها للشروط السينمائيّة. لذا، يُصبح الاطلاع على مضامين تلك الأفلام كافيًا، ريثما يبدأ كل واحد منها رحلته في المهرجانات والصالات المختلفة في العالم.
في مقابل ندرة المعلومات الخاصّة بـ"فزّاعات" للنوري بوزيد، يُشير البعض إلى أن مخرج "ريح السد" (1986) و"صفايح ذهب" (1988) و"بنت فاميليا" (1997) و"عرايس الطين" (2002) وغيرها، غير مبتعدٍ فيه كثيرًا عن مواضيع تُشغل باله في الأعوام القليلة الفائتة، وبعضها حاضرٌ في "مانموتش" (2012) مثلًا، كالتشدّد الديني والاجتماع المحافظ والعلاقات الإنسانية، بالإضافة إلى تداعيات "الربيع العربي"، وخصوصًا "ثورة الياسمين" في تونس. أما سبب انتظار فيلم للنوري بوزيد، فناتجٌ من حيوية نتاجاته السابقة، وطرحها تساؤلات جمّة عن الفرد والحياة والانقلابات والتبدّلات الحاصلة في البيئة التونسية تحديدًا. وأيضًا، لكونه أحد أبرز مجدّدي الصُوَر السينمائية العربيّة.
بينما "المُرشحة المثالية" للمنصور فيتابع مسار طبيبة شابّة تُقرِّر الترشح لانتخابات بلدية مُقبلة، في مجتمع محافظ، يُسيطر عليه الرجال.
أما "جدار الصوت" أول روائي طويل للّبناني أحمد غصين، فيستعيد زمن "حرب تموز/ يوليو 2006"، المفروضة على لبنان من قِبل العدو الإسرائيلي، من دون أن يكون "فيلمًا حربيًا"، فتساؤلاته مرتبطة بالفرد وانفعالاته وأسئلته. استعادة تدفع إلى نقاشٍ، يبدأ من وقائع العيش اليومي في ظلّ الحرب، ويكاد لا ينتهي عند العلاقة بالذات والأهل والاجتماع والبلد والهجرة والتفاصيل والانفعالات. حصار 5 شخصيات في منزل صغير، في مبنى يحتلّه جنود إسرائيليون في قرية جنوبية لبنانية، منطلقٌ لطرح تساؤلاتٍ كهذه، يرغب أحمد غصين في معاينتها وتفكيكها، محاولًا إيجاد أجوبة عنها.
من جهتها، تتابع التونسية منال العبيدي، في "أريكة في تونس"، حكاية سلمى درويش (غولشيفته فرهاني). فبعد ممارستها مهنة الطبّ النفسي في فرنسا أعوامًا عديدة، تنتقل سلمى إلى تونس لتمارس المهنة نفسها، في ضاحية شعبية قريبة من العاصمة. البدايات واعدة بالخير، وخصوصًا أن أبناء المنطقة يتعاملون مع فرويد بلحيته كأنه "شقيق مسلم لهم". لكن، غداة "ثورة الياسمين" تكتشف سلمى، التي بدأت تُثبِّت خطواتها، أنها محتاجة إلى التعرّف إلى أمور كثيرة، لتواجه تحدّيات مختلفة، وللتغلّب عليها إنْ يُمكنها ذلك.
في تونس أيضًا، يتوغّل مهدي برصاوي في تفاصيل فردية وذاتية وحميمة، في مناخٍ تحضر فيه أجواء "ثورة الياسمين". ففي "بيك نعيش (ابن)"، يبدو الزوجان فارس (سامي بوعجيلة) وميريام (نجلة بن عبدالله) سعيدين تمامًا مع ابنهما الوحيد عزيز (11 عامًا). في صيف عام 2011، يُقرّران تمضية إجازة في جنوب تونس، لكنّ حدثًا يقع يُبدّل مشاريعهما كلّيًا، ومسار حياتهما أيضًا. سباق مع الزمن يحدث، وأثناء ذلك تنكشف حقائق كانت مخفيّة منذ زمن.
"سيدة البحر" لشهد أمين: قصة الشابّة حياة، المولودة في قرية فقيرة تعتاش على صيد السمك، وتحكمها تقاليد مظلمة تتمثل في منح الإناث من أطفال القرية إلى حوريات البحر المتوحشة، التي تعيش في المياه المجاورة. عندما يحين دورها لوهب نفسها، ترفض حياة هذا الواقع المخيف، وتُقرر أن تتبع دربها وتبحث عن ضالّتها خارج القرية.
"ستموت في العشرين"، أول روائي طويل للسوداني أمجد أبو العلاء، مقتبس من المجموعة القصصية "النوم عند قدمي الجبل" (2013) للكاتب السوداني حمور زيادة. وإذْ تتناول المجموعة عوالم صوفية، وتبحث في تأثير المجتمعات على الفرد، وخنوعه لها، وفكرة الخروج منها؛ فإنّ أحداث الفيلم تلتزم عناوينها العامّة، عبر حكاية مزمل، المولود في قرية سودانية تسيطر عليها أفكار الصوفية. ذات يوم، "يتنبّأ" أحدهم أمامه بأنّه سيموت في سنّ العشرين، فيعيش أيامه في خوف وقلق. فجأة، يلتقي سليمان، المُصوّر السينمائي الأكبر سنًّا منه، فتنشأ علاقة بينهما تُحدث تبدّلات. لكن، هل سيتخلّص مزمل من "كابوس النبوءة"؟ كيف سيعيش حياته وهو محاصر بفكرة الموت القريب؟