تطورات جديدة تحفل بها الساحة الليبية، في ضوء الوضع الميداني الراهن، بعد التقدمات التي حققتها قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، وسط عودة حيوية للدور الدولي والإقليمي للملف، في أعقاب انشغال اللاعبين الإقليميين في ليبيا بجائحة كورونا خلال الشهرين الماضيين.
في هذا الإطار، تحدثت مصادر غربية وأخرى مصرية لـ"العربي الجديد"، عن أنّ هناك تحركات داخل معسكر شرق ليبيا، استعداداً لمرحلة لاحقة قد يغيب فيها قائد مليشيات الشرق اللواء المتقاعد خليفة حفتر عن المشهد، ويُستبدل بشخصية أخرى، في إطار اتفاق دولي أوسع، لحسم الملف الليبي.
وقال مصدر أوروبي رفيع المستوى، إنّ مكونات ضمن معسكر شرق ليبيا يقودها حالياً رئيس البرلمان عقيلة صالح، بدأت تدفع في اتجاه رئيس الأركان عبد الرزاق الناظوري، باعتباره من الشخصيات التي تلقى قبولاً لدى الأطراف كافة، لكونه شخصية عسكرية، ويعدّ الرجل الثاني بعد حفتر، كذلك فإنه يتمتع بعلاقات جيدة مع القبائل الكبرى في شرق ليبيا. إضافة إلى أنّ معسكر غرب ليبيا لن يكون لديه اعتراضات على تصدُّره المشهد في أي فرصة لاحقة، ما سيسهل محاولات التوصل إلى حل سياسي، بخلاف حفتر الذي بات "كارتاً محروقاً" بعد الخسائر الكبيرة التي مُني بها، وإعادة بعض القوى الغربية الكبرى النظر في دعمه، بعدما فشل طوال عام كامل في إنهاء معركته العسكرية، ولا سيما نحو طرابلس، وحسم الصراع على الرغم من حجم المساعدات والدعم الكبيرين اللذين تلقاهما من أطراف عدة.
وبحسب المصادر، فإنّ ما يشير إلى صعود نجم الناظوري خلال الفترة المقبلة، سعي بعض القوى التي دعمت حفتر، إلى فتح قنوات اتصال منفصلة مع الأول. وكشفت المصادر أنّ القاهرة، على سبيل المثال، بدأت بالفعل في تلك الخطوة منذ نحو شهر، ودُعي الناظوري إلى القاهرة لاجتماع عسكري، بدعوى التباحث في أمور بشأن المعارك في ليبيا، باعتباره رئيس الأركان والمسؤول المباشر عن القوات على الأرض.
وفي الإطار ذاته، قال مصدر غربي إنّ "التفاهمات الروسية التركية بشأن الملف الليبي، باتت هي المحدد الأساسي لشكل الأوضاع على الأرض إلى حدّ كبير". وأشار إلى أنّ "من المؤكد أنه في حال التوصّل إلى قناعة بضرورة تغييب حفتر عن المشهد، سيترافق ذلك مع ضرورة التوافق بشأن شخصية جديدة أيضاً ممثلة لمعسكر غرب ليبيا بديلة لفائز السراج"، مرجحاً أن تكون تلك الشخصية هي وزير الداخلية المدعوم من مدينة مصراتة، فتحي باشاغا.
بدوره، أكد مصدر مصري خاص أنّ حفتر بدأ بتهميش أدوار الناظوري أخيراً، بعدما تردد اسمه كثيراً في دوائر صناعة القرار الخاصة لدى القوى الداعمة له، كاشفاً أنّ حفتر رفض أن يؤدي رئيس أركانه دوراً لدى قبائل الشرق الليبي الرافضة لتحركات اللواء المتقاعد الأخيرة بشأن إسقاط اتفاق الصخيرات السياسي. كذلك حذّر حفتر الناظوري من التواصل بأي طريقة مع عقيلة صالح، بعدما علم باتصال بين الطرفين، في أعقاب إعلان صالح لمبادرة الحل السياسي.
وأجمعت المصادر، المصرية والغربية، على أنّ المعركة العسكرية المرتقبة عقب نهاية شهر رمضان، التي ستدور حول قاعدة الوطية الجوية أقصى غرب البلاد، وترهونة، ستحسم الأمر بالكامل، ووقتها سترفع جميع القوى الدولية الداعمة لحفتر يدها عنه، وسيجري تصعيد الناظوري رسمياً لتصدّر المشهد، لتبدأ بعد ذلك خطوات حلّ سياسي شامل.
في سياق متصل، كشف مصدر غربي عن مساعٍ إسرائيلية لدى تركيا، لإحياء اتفاق سابق لترسيم الحدود البحرية، كان قد طرح في 2017، وذلك بعدما استشعرت تل أبيب أخيراً فشل الاتفاق الثلاثي الذي وقّعته مع قبرص واليونان، الخاص بنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا.
وأوضح المصدر أنّ التداعيات الأخيرة على الأرض، بعد تراجُع حفتر وفشله في حسم المعركة العسكرية ودخول العاصمة طرابلس وإسقاط حكومة الوفاق، وهو ما يعني استمرار سريان الاتفاقات الموقعة بين حكومة الوفاق وأنقرة بشأن ترسيم الحدود البحرية، دفعت إسرائيل إلى فتح خطوط مع تركيا، لإحياء اتفاقية قديمة تكون مكملة للاتفاق الموقَّع بينها وبين قبرص واليونان، لإنقاذ مشروعها الذي تعوّل عليه كثيراً.