أفغانستان غاضبة من باكستان: عمليات وزيرستان ليست لصالح كابول

23 يوليو 2014
عناصر بالجيش الباكستاني خلال عملية في وزيرستان(عمير قرشي/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

يشن الجيش الباكستاني عملية عسكرية واسعة النطاق ضد مسلحي "طالبان" ومقاتلين أجانب في مقاطعة شمال وزيرستان القبلية، الواقعة على الحدود الأفغانية الباكستانية، منذ منتصف شهر يونيو/حزيران الماضي. وبعد مضي نحو شهر ونصف، أحرز الجيش الباكستاني نجاحات مهمة كاستعادة السيطرة على مدينة ميرانشان عاصمة مقاطعة شمال وزيرستان القبلية، وعلى بعض مناطق مدينة ميرعلى التي تُعد موقعا استراتيجيا مهما لمقاتلين أجانب. كما أعلن الجيش تمكنه من قتل أكثر من 500 من مسلحي "طالبان" ومقاتلين أجانب، وتقويض قوة "طالبان" العسكرية في المقاطعة.

ومنذ انطلاق هذه العملية أكدت باكستان أكثر من مرة، وعلى لسان أكثر من مسؤول في الجيش والحكومة أن عملية "ضرب العصب" تستهدف كافة فصائل "طالبان" والجماعات المسلحة من دون تمييز، وليس لديها جماعات مسلحة مفضلة وأخرى غير مفضلة.

لكن جارتها أفغانستان لا تقبل ذلك، وترى أن عملية الجيش في وزيرستان تستهدف فقط الجماعات المسلحة التي تُعد خطراً على أمن باكستان كحركة "طالبان باكستان"، وحركة "أزبكستان الإسلامية"، وليست تلك التي لها نشاط عسكري داخل أفغانستان، واتخذت من المناطق القبلية الباكستانية مقراً لها، كـ"شبكة حقاني" وجماعة "الحافظ جل بهادر" وغيرهما.

وفي هذا الصدد أوضح المتحدث باسم الخارجية الأفغانية شكيب مستغني، خلال مؤتمر صحافي أن بلاده غير راضية تماماً عن عملية الجيش الباكستاني في وزيرستان. وذلك لأن تلك العملية لا تستهدف الجماعات والفصائل المسلحة المناوئة لكابول. واتهم مستغني، باكستان بتوفير مناخ آمن داخل المناطق القبلية لحركة "طالبان أفغانستان" ولـ"شبكة حقاني"، ولكل من يحارب الجيش الأفغاني والقوات الدولية المتمركزة في أفغانستان، على حد وصفه.

وشدد على أن بلاده حاولت، وما زالت تحاول إقناع باكستان على العمل العسكري ضد تلك الجماعات، لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل. وألمح إلى أن جميع الخيارات مفتوحة أمام أفغانستان لقمع الفصائل المسلحة داخل المناطق القبلية الباكستانية التي تدمر أمن أفغانستان، وتحظى بدعم من جهاز الاستخبارات الباكستانية، على حد تعبيره.

وكان وزير القبائل الأفغاني محمد أكرم خبلواك، قد أعرب عن تحفظ بلاده تجاه ما وصفه "بمساندة الجيش الباكستاني للفصائل المسلحة الأفغانية والتغاضي عنها" خلال العملية العسكرية في وزيرستان. وصرح أن أفغانستان لن تقبل ازدواجية التعامل مع الجماعات المسلحة التي اتخذت من المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان مقرا لها.

وتُقوي الادعاءَ الأفغاني التقاريرُ التي أفادت أن الجيش الباكستاني لم يتوجه حتى الآن نحو مناطق استراتيجية مهمة في شمال وزيرستان، وطالب قبائل تلك المناطق بعدم إجلاء مناطقها، ما يعني أن الجيش لا يريد التوجه نحوها. لذا يتساءل خبير الشؤون القبلية رحيم الله يوسفزاي، حول استراتيجة مستقبلية في وزيرستان، ما إذا كان الجيش الباكستاني لا ينوي التوجه نحو مناطق إستراتيجية.

وجاء الموقف الأفغاني متزامنا مع تصريحات زعيم قبلي وسياسي بارز في باكستان محمود خان أشكزاي، أثارت ضجة في الأوساط السياسية والإعلامية الباكستانية. وكان مفاد تلك التصريحات أن أفغانستان كانت تنوي الهجوم على المناطق القبلية الباكستانية الشهر الماضي، لذا أرسله رئيس الوزراء الباكستاني في 19 يونيو/حزيران الماضي إلى كابول برفقة وكيل وزارة الخارجية إعزاز شودري، لتهدئة الوضع بين البلدين.

بدورها، نفت وزارة الخارجية الباكستانية، الثلاثاء، علمها تماماً بوجود تقارير استخباراتية تؤكد أن أفغانستان كانت تنوي الهجوم على المناطق القبلية، كما رفضت أن تعلق على تصريحات أشكزاي. لكنها أعلنت سابقاً عن زيارة رسمية لأشكزاي، ووكيل وزارة الخارجية إلى كابول بهدف التباحث حول الوضع الأمني على الحدود بين البلدين.

من جهته، يؤكد المحلل الأمني الأفغاني محمد أبرار خان، لـ"العربي الجديد"، أن الوضع السياسي والأمني في أفغانستان لا يسمح بشن هجوم عسكري على أي دولة مجاورة، لكن في ظل استمرار التوتر في العلاقات بين باكستان وأفغانستان، وتواصل المناوشات الحدودية بينهما "فقد تسير الأمور إلى الأسوأ".

في المقابل، تتهم اسلام اباد الطرف الأفغاني بمساندة حركة "طالبان باكستان". وتطلب من جارتها القضاء على مواقع "طالبان باكستان" في إقليمي كنر ونورستان الأفغانيين. كما ناقش الطرف الباكستاني الملف مع المبعوث الأميركي الخاص جيمز دوبنز، الذي قام أخيراً، بزيارة إلى أفغانستان وباكستان. وطالب كابول والقوات الدولية المتمركزة هناك باعتقال زعيم "طالبان" المولوي فضل الله، وتسليمه إليه. وتعتقد باكستان أن فضل الله، يعيش حالياً في إقليم كنرالأفغاني، ويدير العمليات ضد الجيش الباكستاني والمؤسسات الحكومية في باكستان.