أفغانستان تؤجّر الشوارع والأماكن العامة

13 مايو 2018
تبيع الخبز على ناصية الطريق (فرشاد أوسيان/ فرانس برس)
+ الخط -


يكثر الباعة المتجولون عند أطراف الشوارع وفي الأماكن العامة، خصوصاً تلك القريبة من الأسواق في مدينة جلال أباد عاصمة إقليم ننجرهار شرق أفغانستان. هؤلاء الباعة يعرضون أمام الناس سلعاً مختلفة تدخل ضمن احتياجاتهم اليومية. أمر تسبب في خلق مشاكل كبيرة للمواطنين. لكن البلديّة، التي سعت بداية إلى القضاء على كل تلك المحال بذريعة أو بأخرى، بدأت الآن تروج لمنح الأماكن العامة وبعض الشوارع للباعة في مقابل الحصول على المال، على الرغم من تبعات الأمر بالنسبة إلى حياة المواطنين.

ويقول باعة متجولون إن المبالغ المالية التي تجمع منهم تصل إلى جيوب المسؤولين وليس إلى الحكومة. هذا ما يؤكده أيضاً المواطنون وأصحاب المحال الكبيرة. ويشيرون إلى أن المسؤولين في البلدية أجّروا الشوارع والأماكن العامة كي يحصلوا على مبالغ مالية ليست بسيطة.

من جهته، يقول محمد واصل خان، صاحب محل أقمشة في المدينة: "كنا نتوقع أن ترفض البلدية وجود باعة يغلقون الطرقات ويشغلون الأماكن العامة. ولم نفكر أبداً في أن تُساهم في خلق هذه الظاهرة التي عرقلت الحياة، وأن تؤجّر الشوارع والأماكن العامة في مقابل المال". يضيف: "المعضلة الأساسية أن الطرقات التي يمشي عليها الناس أغلقها الباعة. بالتالي، هم يتسببون في خلق ازدحام شديد من جهة، وعرقلة حياة الناس من جهة أخرى".

ولم يتسبب هؤلاء الباعة في عرقلة حياة عامة المواطنين فحسب من خلال إغلاق الطرقات والأماكن العامة، بل ساهموا في خلق مشاكل كثيرة لأصحاب المحال أنفسهم. كونهم يقفون أمام المحال التجارية، يحدث ازدحام وبالتالي يبعدون الزبائن من محالهم.




في السياق، يقول التاجر عزيز الرحمن، وهو نائب مسؤول في إحدى نقابات التجار في المدينة، إن "هؤلاء الباعة الذين أتت بهم البلدية في مقابل الحصول على أموال، يحجبون الزبائن عنا، ويؤثرون سلباً في تجارتنا". ويطالب الحكومة، خصوصاً البلدية، بفرض إجراءات صارمة وعاجلة، لافتاً إلى أن "البلدية تُدمّر أعمال التجار من أجل بعض المنافع".

من جهته، يقول مسؤول نقابة بائعي الأقمشة في المدينة، شكر الله جالندري: "كان يفترض أن تساعدنا البلدية في تجارتنا التي تأثرت كثيراً خلال الأعوام الأخيرة. إلا أنها لم تفعل، بل فرضت عقبات ساهمت في عرقلة أعمالنا". ويذكر أنّ "التجار تحدثوا بشأن القضية مع المسؤولين المحليين وعدد من أعضاء الشورى، وقد وعدوا بالعمل وحلّ القضية من أجلهم. إلا أن وعودهم لم تتحقق حتى اليوم"، مشدداً على أهمية حل هذه القضية.

وتجاوز عدد الباعة الذين أجّرتهم البلدية أماكن عامة الآلاف. وتتقاضى البلدية من كل شخص شهرياً ما بين 1000 أفغانية (نحو 15 دولاراً) وثلاثة آلاف أفغانية (نحو 45 دولاراً). وتدعي البلدية أن هذا المبلغ يذهب إلى خزانتها، لكن عامة المواطنين يرون أن طريقة جمع هذه الأموال تشير إلى وجود فساد كبير، وأن جزءاً كبيراً منها يصل إلى جيوب المسؤولين وليس إلى خزينة الدولة. وهناك طريقة لجمع المال. في كل ناحية مسؤول خاص يجمع المال من الباعة، ثم يعطيه لمسؤول اتحادية الباعة المرتبطة بالبلدية. وتدعي الاتحادية أنها تعطي تلك المبالغ إلى البلدية بشفافية ونزاهة.

يشرح محمد عادل الذي يبيع أدوات الزينة أن "شخصاً يوصف بالكلانتر يجمع منا الأموال هنا، ويأخذها في تاريخ محدد، ويدعي أنه يدفعها إلى البلدية. لا ندري إن كانت تلك الأموال تصل إلى الخزينة أم إلى جيوب المسؤولين". كما يشكو، مثل آخرين، من أن اتحادية التجار تأخذ منهم جزءاً من المال من دون أي مبرر أو أي سبب. هؤلاء يرون أن الاتحادية لا تقدم لهم شيئاً سوى جمع الأموال، وهي على علاقة مع المسؤولين. بالتالي، تأخذ المال بدعوى أنها تقدم خدمات للباعة. في الحقيقة، لا تقدم شيئا للباعة بل هي في خدمة البلدية والمسؤولين في الحكومة المحلية.




وفي تعليق له على الأمر، يقول نائب الشورى الإقليمي لعل محمد إن "تأجير الأماكن العامة والشوارع من قبل البلدية أمر لم يعرقل حياة عامة المواطنين فحسب، بل مثّل انتهاكاً للقوانين. من هنا، نطالب الحكومة بالعمل الفوري ضد البلدية، وعلى الأخيرة أن تصغي إلى مطالب التجار وعامة المواطنين قبل أن تستفحل القضية". وعلى الرغم من كل الانتقادات والمشاكل المترتبة عن الظاهرة، يقول البعض إنها ساهمت في خلق فرص عمل لمئات الأفغان، خصوصاً الفقراء منهم، ما يعني أن أي تحرك ضدها قد يجعل هؤلاء من دون عمل.