أغلبية للحزب الجمهوري بالانتخابات الأميركية: تعطيل قرارات وإملاء شروطه

06 نوفمبر 2014
هناك بعض الولايات لم تُحسم النتائج فيها (جولي دنيشا/Getty)
+ الخط -

أسفرت الانتخابات الأميركية النصفية عن انتزاع الحزب الجمهوري لقب حزب الأغلبية في مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي واحتفاظه بهيمنته على مجلس النواب، ليكون الحزب بذلك في موقع المعارضة المتحكمة بالمجلسين، وبالتالي بصانع القرار وليس بالقرار ذاته.

الهيمنة التي حصل عليها الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية قد تُساعده على تعطيل القرارات غير المتوافق عليها، ولكن أغلبيته البسيطة لن تؤهل الجمهوريين لفرض القرارات الكبرى، وخصوصاً القرارات المصيرية التي تحتاج إلى أغلبية الثلثين في المجلسين أو أحدهما.

ومن الأمثلة على ذلك، محاكمة الرئيس أو تعديل الدستور. وبما أن الجمهوريين لا يسعون في هذه الآونة إلى تعديل الدستور ويعجزون عن محاكمة الرئيس الحالي باراك أوباما، فإن أقصى ما يمكن أن يحققوه خلال ما تبقى من فترة الرئيس الحالي باراك أوباما هو اجباره على الامتثال لديمقراطية التوافق، إذ إن أوباما سيجد نفسه مضطراً إلى جعل قراراته متوائمة مع رغبات الجمهوريين لتجد طريقها للإقرار.

وبما أن الحزب الديمقراطي لا يزال يتحكم بالبيت الأبيض من خلال منصب الرئيس، فإن نفوذه لا يزال الأقوى، لكن يتوجب على الرئيس الديمقراطي ابتداءً من 20 من يناير/ كانون الثاني المقبل، تاريخ بدء فترة الكونغرس الجديد، أن يراعي مطالب الحزب الجمهوري وخصوصاً في التعيينات التي قد يُضطر إلى إجرائها على طاقم مساعديه، وبينهم من يحتاج إلى مصادقة مجلس الشيوخ على تعيينه إذا ما قرر أوباما استبدال أي من أفراد طاقمه أو أعضاء حكومته.

وهناك قرارات قد لا توصف بالمصيرية، وبالتالي لا تحتاج إلى أغلبية الثلثين المطلوبة في القرارات الكبرى، لكنها تحتاج من أجل إقرارها إلى تصويت مجلس الشيوخ بأغلبية لا تقل عن ستين صوتاً من أصوات أعضاء المجلس. وهو ما لا يتوفر للحزب الجمهوري رغم انتصاره الكبير على الحزب الديمقراطي في الانتخابات النصفية.

لقد كان للحزب الجمهوري قبل الانتخابات 45 عضواً، وبعدما تمكن الحزب من انتزاع عدد إضافي من المقاعد التي كان يشغلها الحزب المنافس، أصبح الحزب الجمهوري يُلقّب بحزب الأغلبية، لكن أغلبيته، حتى وإن تجاوزت الواحد والخمسين صوتاً المطلوبة، فلا تزال تقلّ عن الستين صوتاً الحاسمة.
وهناك بعض الولايات لم تُحسم النتائج فيها وخصوصاً لويزيانا التي ستشهد انتخابات إعادة، لا يُعرف إن كانت نتائجها ستصب لصالح الجمهوريين أم لصالح الديمقراطيين.

ومن هنا، فإن الجمهوريين لا يستطيعون فرض أي قرار على أوباما من خلال أغلبيتهم البسيطة في مجلس الشيوخ أو أغلبيتهم التي لم تصل إلى الثلثين في مجلس النواب. ولكنهم يستطيعون تعطيل قرارات البيت الأبيض وإملاء شروطهم عليه للموافقة على بعضها. وبالتالي فإن النتيجة هي تعديل القرارات أو تعطيلها إن لم يتم إقرارها بالتوافق.

ومن بين القرارات التي تحتاج إلى توافق شنّ حرب برية على تنظيم "داعش" في العراق وسورية، إذ إن هذه الحرب هي مطلب للجمهوريين لكنهم لن يستطيعوا فرضها على أوباما لأنه صاحب القرار ولا بد من توافق الكونغرس مع البيت الأبيض لشنّ الحرب. وبغضّ النظر عن رأي فقهاء الدستور، فإن الواقع العملي يشير إلى أن الرئيس الأميركي يستطيع أن يتجاوز الكونغرس في أي قرار باستثناء المال، وبما أن الحرب تحتاج إلى مال فلا بد من موافقة الكونغرس. وقد يكون من صلاحية الكونغرس دستورياً إعلان الحرب لكن القائد الأعلى هو المسؤول الفعلي عن السلطة التنفيذية وعن تنفيذ قرارات الحرب والسلم معاً، وليس بإمكان الكونغرس أن يتعامل مع الجيش الأميركي إلا من خلال القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو ذاته الرئيس المنتخب. لكن المشكلة الأقسى بالنسبة لأوباما لن تكون في قرار الحرب بل ستكون في قرار السلام.

قرار السلام هنا يُقصد به التوقيع على معاهدة مع إيران لوقف برنامجها النووي مقابل تطبيع علاقات الولايات المتحدة معها. وهو قرار لا يرضي إسرائيل وبالتالي لن يُرضي مطلقاً أصدقاءها في الكونغرس الأميركي. وأمام أوباما خياران لا ثالث لهما؛ إما التوصل إلى توافق مع الجمهوريين للموافقة على خطته في ما يتعلق بإيران، أو التحايل على الكونغرس والمقامرة بتجاوزه في قضية قد تفتج أبواب جهنم عليه في آخر سنتين من سنوات حكمه.

يدرك المتابعون لقرارات أوباما أنه قادر على ابتكار خيار ثالث من العدم، وهو ترحيل المشكلة إلى وقت لاحق بحيث لا يضطر إلى اتخاذ أي قرار في الشأن غير المتوافق عليه، وبالتالي فليس من المستبعد تمديد المفاوضات مع إيران فترة إضافية.

وإجمالاً، فإن الرئيس الأميركي، من أي حزب كان، إن لم يكن في آخر سنتين في فترته مدعوماً بقوة في الكونغرس فإنه يوصف لدى الأميركيين بالبطة العرجاء. وستكون الأشهر أو الأسابيع القليلة المقبلة كفيلة بإظهار ما إذا كان أوباما سيتجاوز هذا الوصف.

المساهمون