أغاني السمسميّة: المحبّة للمرح والرقص

05 يناير 2016
فرقة الطنبورة الشهيرة (فيسبوك)
+ الخط -
ارتبطت نشأة آلة السمسمية الوترية، بحفر قناة السويس. كما ترتبط الأنغام الشعبية التي تصدر عنها، بطبيعة أهل القناة المحبة للمرح والرقص. وعبرت الآلة عن نوعية الحِرَف التي كانوا يمتهنونها كالصيد والبمبوطية، وما مرّ بهم من محن مختلفة منذ العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، مروراً بسنوات الاستنزاف والتهجير. وفي تلك الأيام، كانت السمسمية وأغانيها الوطنية الملتهبة مصدراً لشحذ الهمم، وطريقة لإعلاء روح الصمود والوطنية.

فغنى أهل السويس مثلاً: "يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي/ ستشهد تحتك وتعيشي إنتِ". كما غنى أهل بورسعيد: "من بورسعيد الوطنية/ شباب مقاومة شعبية/ دافعوا بشهامة ورجولية”. ثم غنوا جميعاً يدعون السمسمية للتعبير عن موقفهم الوطني: "غني يا سمسمية/ لرصاص البندقية/ ولكل إيد قوية/ حاضنة زنودها المدافع/ غني للمدافع/ وللي وراها بيدافع/ ووصي عبد الشافع/ يضرب في الطلقة مية".

اشتهرت أغانيهم الشعبية في مصر باسم أغاني السمسمية، وكان مؤلف الأغاني أو قائد الفرقة يسمى "كابتن". وظهرت ببورسعيد حفلات السمر والمؤانسة، التي يجتمع فيها الأصدقاء والأصحاب أمام بيت أحدهم، إذ يغنون وينشدون أدواراً مختلفة مع السمسمية وأطلقوا عليها اسم "الضمة". أشهر الأغاني التي لا يزال يحفظها أهل القناة، ويرددونها على تلك الآلة في مناسباتهم الوطنية وأفراحهم، ويتراقصون عليها رقصتهم المميزة هي مثلاً: الصحبجية، البمبوطية، زي العسل، يالالي، أمان يا محبوبي، البحرية، بالك مع مين، كاس كواني، ليلو أنا، يانجم ملالي، ياحادي العز، صالحة يا صلوح، خيال باكر، الصيادين.



عبَّرت السمسميَّة عن الناس، فعشِقَها الناس حتى قال فيها الشاعر: "أصيلة يا سمسمية/ يا أم التلت خشبات/ يا أم الطبق بالذات/ يا شايله حزن الوطن/ في الشدة ومفرقة/ يوم الفرح شربات".

ويذهب الباحثون إلى أن آلة السمسمية الوترية التي تنتشر في مدن القناة، هي الأخت الصغرى للطنبورة النوبية، وأنهما يعودان لأصل فرعوني هو آلة الكنارة الفرعونية. ويقال إن أحد العمال النوبيين، واسمه محمد عثمان النجيه، قدم أثناء حفر القناة مع بعض رفاقه ومعه الطنبورة، وكون فرقة موسيقية مميزة، ثم تولى بنفسه صنع آلات مشابهة، فنشأت "السمسمية". ولذلك يغني له أهل القناة أغنية: "محمد عثمان النجيه.. الحمد لله انه جيه"، وذلك عرفاناً له على جلبه لهذه الآلة التي توارثوها.



تتكون السمسميَّة من ثلاثة قوائم خشبية على شكل المثلث، يصل طول القائم الخشبي الواحد لحوالي 60 سم، ويسمّى القائم الذي تشد عليه الأوتار بالعارضة أو الفرمان أو الحمالة، وهو مصنوع على شكل أسطواني، به عدة ثقوب، وفي نهايته يرتكز صندوق مصوت يسمونه "الكرسي" أو "الفرسة"، وهو قطعة مستطيلة من الخشب، تستخدم لرفع الأوتار المصنوعة من سلك معدني رفيع.

تتكون السمسميّة غالباً من خمسة أوتار، وأنغامها تنتمي للسلم الخماسي. وتشاركها الآلات الإيقاعية في تنويعات موسيقية مختلفة، جعلت لها مذاقاً خاصاً معبراً عن ذوق المكان وتاريخه.




إقرأ أيضاً: أغاني "البمبوطية": بحرية يا ريس بحرية
المساهمون