اعتادت الشرطة في باكستان إطلاق الوعود بمعاقبة المتورطين بجرائم الخطف والاعتداءات الجنسية بحق الفتيات والأطفال. لكن الحوادث تتكرر، من دون أن تتخذ الشرطة أية إجراءات، علماً بأن بعض المجرمين مقربون من الأجهزة الأمنية
في أغسطس/آب من العام الماضي، عمّ الغضب باكستان بسبب جريمة الاعتداء الجنسي، التي وقعت في إحدى قرى إقليم البنجاب، والتي وقع ضحيتها أكثر من 250 طفلاً لا تتجاوز أعمار معظمهم الـ 15 عاماً. في ذلك اليوم، وعدت الحكومة الباكستانية وأجهزة الدولة باتخاذ إجراءات صارمة لمنع تكرار جرائم مماثلة، وإجراء تحقيق قضائي في القضية لمعاقبة المتورطين.
بيد أن وعود الحكومة بدت وكأنها مجرد حبر على ورق، لتتوالى الجرائم. أمر أثبتته الإحصائية، التي أجراها الناشط الاجتماعي والقيادي في حزب حركة "الإنصاف"، شودري سرور، الذي قال إن "حكومة إقليم البنجاب فشلت فشلاً ذريعاً في التصدي لجميع الملفات الاجتماعية، وخصوصاً في ما يتعلق بقضية الخطف والاعتداءات الجنسية بحق الفتيات والأطفال".
ويبين تقرير أنه أنه خلال العام الماضي، سجلت 14850 قضية اختطاف واعتداء جنسي في إقليم البنجاب وحده، وقد يزداد العدد ليصل إلى الآلاف على مستوى البلاد. وبحسب التقرير، الذي حمل اسم "ورقة الحقيقة"، فقد اغتُصبت نحو ألفي امرأة وفتاة خلال العام الماضي في ظل الصمت الحكومي.
ويبدو لافتاً وقوع معظم هذه الجرائم في مدينة لاهور عاصمة الإقليم، وهي إحدى أهم المدن الباكستانية، التي ينتمي إليها رئيس الوزراء، نواز شريف، وشقيقه رئيس وزراء حكومة إقليم البنجاب، شهباز شريف. كذلك، قتل عدد كبير من النساء والفتيات بعد تعرضهن لاعتداءات جنسية، مما يشير إلى مدى بشاعة هذه الجرائم التي تتورط فيها أحياناً عصابات تحظى بدعم من داخل الحكومة.
وفي ما يتعلق بجريمة الاعتداء على الأطفال من قبل عصابة تحظى بدعم من الحكومة وأجهزة الأمن، فقد صور أفراد العصابة الأطفال، وكانوا يرسلون الصور إلى أهالي الضحايا بين الحين والآخر بهدف الحصول على المال. ونظراً إلى بشاعة الجريمة، توقعت أوساط سياسية وجمعيات حقوقية أن تعاقب الحكومة أفراد تلك العصابة. إلا أن أقارب الضحايا ورموز قبائل تلك المنطقة، كانوا قد لفتوا إلى أن القضية ستدفن كما حدث مع قضايا أخرى، وهذا ما حدث.
في هذا السياق، طرحت "ورقة الحقيقة" مجموعة أسئلة حول أداء أجهزة الدولة بشكل عام، والشرطة بشكل خاص، لافتة إلى دور الشرطة في التصدي لهذه الظاهرة، التي كانت وما زالت تهدد حياة الكثير من النساء والفتيات. وتشير إلى أن الشرطة تحقق بنحو 3100 حادثة اغتصاب وخطف في إقليم البنجاب، لكنها كعادتها تتباطأ في المتابعة.
ويؤكد سرور أن "الشرطة في إقليم البنجاب تكتفي بتسجيل القضايا، وتقديم وعود مزيفة، لكنها غير جادة في المتابعة ومعاقبة المتورطين". ويضيف أنه "إذا بقي أداء الشرطة على هذا النحو، ستزداد الجرائم".
هذا التباطؤ في متابعة القضايا يؤدي إلى انتحار الكثير من الضحايا. على سبيل المثال، أقدمت عصابة على الاعتداء جنسياً على شاب في الـ 13 من عمره في مديرية رحيم يار خان في إقليم البنجاب. ونتيجة تباطؤ الشرطة في متابعة القضية واعتقال المتورطين فيها، أقدم الطفل على الانتحار تحت القطار.
يقول والد الطفل ملك إقبال إن "مجموعة من الشباب اختطفوا ابني الصغير، ونقلوه إلى مكان مجهول واعتدوا عليه، ووجدناه مرمياً في أحد الأزقة وهو في حالة إغماء".
وبعد حصول الطفل على العلاج، لجأ الوالد إلى الشرطة التي اكتفت بالوعود. ويضيف الرجل الستيني أن ابنه كان في حالة نفسية سيئة، وحين لم تفعل الشرطة أي شيء، أقدم على الانتحار. والمؤسف أن الشرطة لم تتحرك أيضاً حتى بعد مقتل الطفل.
ليس تباطؤ أجهزة الأمن في متابعة قضايا الاغتصاب والاعتداءات الجنسية المشكلة الوحيدة، بل يضاف إليها تورّط أعضاء الحزب الحاكم ومسؤولين في الحكومة والأمن. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، تعرضت فتاة لاعتداء جنسي في مدينة لاهور من قبل مجموعة من الشبان. هذه القضية جذبت أنظار الساسة ووسائل الإعلام، وقد ثبت فيها تورط عدنان ثناء الله، المقرب من عدد من الوزراء في حكومة إقليم البنجاب.
وفي التفاصيل، خطف ثناء الله فتاة في مدينة لاهور كانت برفقة أصدقائها، ونقلها إلى فندق في منطقة مال رود، واعتدى عليها. بعدها، اتصل الرجل بأسرة الفتاة وأخبرها بأنها ملقاة على الطريق. اعتقلت الشرطة ستة متورطين في القضية، وقد ثبت ضلوع عدنان ثناء الله بالجريمة، هو الذي يترأس العصابة المجرمة. مع ذلك، يخشى الناشطون الاجتماعيون أن تنسى القضية، وإرضاء أسرة الضحية بالمال وترك متابعة القضية.
إلى ذلك، فإن الحد من انتشار الخطف والاعتداءات الجنسية يتطلب اهتمام الحكومة بمتابعة القضايا، ومعاقبة المتورطين. كذلك، يتوجب على المجتمع المدني والمؤسسات أن تؤدي دورها في هذا الشأن.
اقرأ أيضاً: معلمات باكستانيات يتدرّبن على السلاح
في أغسطس/آب من العام الماضي، عمّ الغضب باكستان بسبب جريمة الاعتداء الجنسي، التي وقعت في إحدى قرى إقليم البنجاب، والتي وقع ضحيتها أكثر من 250 طفلاً لا تتجاوز أعمار معظمهم الـ 15 عاماً. في ذلك اليوم، وعدت الحكومة الباكستانية وأجهزة الدولة باتخاذ إجراءات صارمة لمنع تكرار جرائم مماثلة، وإجراء تحقيق قضائي في القضية لمعاقبة المتورطين.
بيد أن وعود الحكومة بدت وكأنها مجرد حبر على ورق، لتتوالى الجرائم. أمر أثبتته الإحصائية، التي أجراها الناشط الاجتماعي والقيادي في حزب حركة "الإنصاف"، شودري سرور، الذي قال إن "حكومة إقليم البنجاب فشلت فشلاً ذريعاً في التصدي لجميع الملفات الاجتماعية، وخصوصاً في ما يتعلق بقضية الخطف والاعتداءات الجنسية بحق الفتيات والأطفال".
ويبين تقرير أنه أنه خلال العام الماضي، سجلت 14850 قضية اختطاف واعتداء جنسي في إقليم البنجاب وحده، وقد يزداد العدد ليصل إلى الآلاف على مستوى البلاد. وبحسب التقرير، الذي حمل اسم "ورقة الحقيقة"، فقد اغتُصبت نحو ألفي امرأة وفتاة خلال العام الماضي في ظل الصمت الحكومي.
ويبدو لافتاً وقوع معظم هذه الجرائم في مدينة لاهور عاصمة الإقليم، وهي إحدى أهم المدن الباكستانية، التي ينتمي إليها رئيس الوزراء، نواز شريف، وشقيقه رئيس وزراء حكومة إقليم البنجاب، شهباز شريف. كذلك، قتل عدد كبير من النساء والفتيات بعد تعرضهن لاعتداءات جنسية، مما يشير إلى مدى بشاعة هذه الجرائم التي تتورط فيها أحياناً عصابات تحظى بدعم من داخل الحكومة.
وفي ما يتعلق بجريمة الاعتداء على الأطفال من قبل عصابة تحظى بدعم من الحكومة وأجهزة الأمن، فقد صور أفراد العصابة الأطفال، وكانوا يرسلون الصور إلى أهالي الضحايا بين الحين والآخر بهدف الحصول على المال. ونظراً إلى بشاعة الجريمة، توقعت أوساط سياسية وجمعيات حقوقية أن تعاقب الحكومة أفراد تلك العصابة. إلا أن أقارب الضحايا ورموز قبائل تلك المنطقة، كانوا قد لفتوا إلى أن القضية ستدفن كما حدث مع قضايا أخرى، وهذا ما حدث.
في هذا السياق، طرحت "ورقة الحقيقة" مجموعة أسئلة حول أداء أجهزة الدولة بشكل عام، والشرطة بشكل خاص، لافتة إلى دور الشرطة في التصدي لهذه الظاهرة، التي كانت وما زالت تهدد حياة الكثير من النساء والفتيات. وتشير إلى أن الشرطة تحقق بنحو 3100 حادثة اغتصاب وخطف في إقليم البنجاب، لكنها كعادتها تتباطأ في المتابعة.
ويؤكد سرور أن "الشرطة في إقليم البنجاب تكتفي بتسجيل القضايا، وتقديم وعود مزيفة، لكنها غير جادة في المتابعة ومعاقبة المتورطين". ويضيف أنه "إذا بقي أداء الشرطة على هذا النحو، ستزداد الجرائم".
هذا التباطؤ في متابعة القضايا يؤدي إلى انتحار الكثير من الضحايا. على سبيل المثال، أقدمت عصابة على الاعتداء جنسياً على شاب في الـ 13 من عمره في مديرية رحيم يار خان في إقليم البنجاب. ونتيجة تباطؤ الشرطة في متابعة القضية واعتقال المتورطين فيها، أقدم الطفل على الانتحار تحت القطار.
يقول والد الطفل ملك إقبال إن "مجموعة من الشباب اختطفوا ابني الصغير، ونقلوه إلى مكان مجهول واعتدوا عليه، ووجدناه مرمياً في أحد الأزقة وهو في حالة إغماء".
وبعد حصول الطفل على العلاج، لجأ الوالد إلى الشرطة التي اكتفت بالوعود. ويضيف الرجل الستيني أن ابنه كان في حالة نفسية سيئة، وحين لم تفعل الشرطة أي شيء، أقدم على الانتحار. والمؤسف أن الشرطة لم تتحرك أيضاً حتى بعد مقتل الطفل.
ليس تباطؤ أجهزة الأمن في متابعة قضايا الاغتصاب والاعتداءات الجنسية المشكلة الوحيدة، بل يضاف إليها تورّط أعضاء الحزب الحاكم ومسؤولين في الحكومة والأمن. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، تعرضت فتاة لاعتداء جنسي في مدينة لاهور من قبل مجموعة من الشبان. هذه القضية جذبت أنظار الساسة ووسائل الإعلام، وقد ثبت فيها تورط عدنان ثناء الله، المقرب من عدد من الوزراء في حكومة إقليم البنجاب.
وفي التفاصيل، خطف ثناء الله فتاة في مدينة لاهور كانت برفقة أصدقائها، ونقلها إلى فندق في منطقة مال رود، واعتدى عليها. بعدها، اتصل الرجل بأسرة الفتاة وأخبرها بأنها ملقاة على الطريق. اعتقلت الشرطة ستة متورطين في القضية، وقد ثبت ضلوع عدنان ثناء الله بالجريمة، هو الذي يترأس العصابة المجرمة. مع ذلك، يخشى الناشطون الاجتماعيون أن تنسى القضية، وإرضاء أسرة الضحية بالمال وترك متابعة القضية.
إلى ذلك، فإن الحد من انتشار الخطف والاعتداءات الجنسية يتطلب اهتمام الحكومة بمتابعة القضايا، ومعاقبة المتورطين. كذلك، يتوجب على المجتمع المدني والمؤسسات أن تؤدي دورها في هذا الشأن.
اقرأ أيضاً: معلمات باكستانيات يتدرّبن على السلاح