أمسكت الطالبة أسماء الزنط (11 عاماً) وصديقتها نور، من المدرسة الأميركية في مدينة غزة، بأعواد خشبية لتشكيلها على هيئة مجسمات هندسية، تثبّت أطرافها بقطع حلوى "المارشميلو"، وقد صنعت رفقة أصدقائها أشكالاً تحاكي الأبنية المعمارية.
مشاركة الأطفال كانت ضمن أنشطة زاوية "Steem Challenge تحدي البناء"، وهي إحدى زوايا مهرجان أيام العلوم في فلسطين، والذي ينظمه مركز الطفل ـ غزة، مؤسسة عبد المحسن القطان، ويحاكي "عصر الأنثروبوسين" وتأثير الإنسان على الكرة الأرضية، باستخدام مواضيع علمية، تقدم للأطفال بأساليب سلسة ومبسطة تكسر القوالب الجامدة.
وتقول الطالبتان نور وأسماء لـ"العربي الجديد"، إنهما استمتعتا بالتجربة التي جعلتهما من محبات الهندسة المعمارية، بعد أن شعرتا بجمالها عملياً، بينما يوضح زميلهما عمر شعت أنه أصبح يدرك كيف تتشكل الزوايا والقوائم الهندسية. ويقول صديقه محمد كساب إنه صنع بيتاً من الأعواد، ويرغب في أن يصبح مهندساً معمارياً.
ويضم مهرجان العلوم مجموعة زوايا تقدّم العلوم على هيئة تجارب عملية سهلة، إذ عرض تجارب فيزيائية وأخرى كيميائية، إلى جانب تجارب طبية لأعضاء الجسم ومهامها وتفاصيلها الدقيقة، علاوة على تجارب زراعية طبيعية، وأخرى إلكترونية.
الخريجة أشواق جندية، كانت إحدى القائمات على زاوية "تحدي البناء"، توضح أنها تنقسم إلى مجموعة أقسام، تبدأ بتشكيل الضوء وتأثير الإضاءة على جمالية المباني الهندسية، إلى جانب قسم "العمارة العضوي"، وفيه يتم تقديم الأشكال الهندسية بأبعاد هلامية، من دون أبعاد ثابتة، مثل مبنى أو كرسي بدون زوايا محددة.
وتضيف جندية لـ"العربي الجديد"، أن الزاوية تشمل أنشطة تفاعلية لتعليم الأطفال كيفية تكوين أشكال هندسية بطرق سلسة، كذلك تعريفهم على الخداع البصري عبر Ames Room، وهي غرفة مصممة بطريقة هندسية معينة يمكن أن تظهِر الشخص على غير طوله الحقيقي، وفق تصميم هندسي خادع، مبينة أن الأنشطة جذبت أنظار الأطفال، وقد شعروا بأن العلوم شيء جميل وسهل.
بينما تقول سوزان برزق، وهي معلمة في المدرسة الأميركية، إن المدرسة لبّت دعوة مركز القطان لمشاركة الأطفال في الأنشطة، مبينة أنها كسرت الجمود بين الطلاب والعلوم، إذ قدمتها بقوالب جميلة "فكرة جيدة ويجب تنفيذها بشكل دوري، كي يكون تأثيرها أكثر وأعمق على الأطفال".
وتحوّل مركز القطان الذي بدا مكتظاً بالأطفال إلى حقل لمجموعة تجارب علمية، يحيط بكل تجربة عدد من الأطفال. وتقول منار موسى، خريجة هندسة حاسوب من مدينة غزة، وهي إحدى القائمات على زاوية Scince Makerpace الخاصة بتعليم الأطفال التجارب العلمية بأساليب عملية مرحة، إنّ المعلومات وصلت للأطفال بطريقة سريعة، ودون أي عوائق.
ودللت منار موسى لـ"العربي الجديد" على فكرتها باستخدام مثال شفط وضخ الهواء عبر لعبة صغيرة، يتم فيها تثبيت بالون على وعاء بلاستيكي، وتثبيت أوراق مكعبة على سلم، حيث يمسك الطالب بالوعاء ويشد البالون ويتركه، فيصدر هواء بسرعة معينة، تساهم في إسقاط الورقة المثبتة، كذلك تعليم الأطفال على الأشعة عبر استخدام الليزر وتحريكه باستخدام لوحات صغيرة من المرايا.
وتحدث منسق وحدة التكنولوجيا والمعلومات، محمد الدردساوي، عن زاوية Tech Zone التكنولوجية، التي شملت نبذة عن مراحل تطور الحاسوب بحجمه الكبير، والذي وصل إلى مرحلة التخزين السحابي، كذلك الطباعة الثلاثية والثنائية، ونماذج المدن الذكية، التي يتم التحكم في كافة تفاصيلها إلكترونياً.
ويوضح الدردساوي لـ"العربي الجديد"، أن الزاوية التكنولوجية تشمتل على لعبة "ماكي ماكي" التي توصل أسلاكا بأكواب ماء لصناعة دورة تنتهي بإصدار أصوات عبر برنامج بيانو حاسوبي للعزف، إلى جانب مجموعة روبوتات لتعريف الأطفال على طريقة تجميعها وبرمجتها.
بينما تقول إيمان أبو زاهر، إحدى القائمات على زاوية Green Solution، إنّ "الزاوية تهدف إلى إيجاد حلول بيئية لمشاكل قائمة، مثل الزراعة المائية لحل أزمة نقص المساحات الزراعية، ومعالجة المياه الرمادية باستخدام مراحل معينة للتنقية، كذلك عرض نموذج لفرن شمسي للتغلب على أزمة الطاقة، وجهاز لإنتاج غاز الميثان، إلى جانب تجربة لاستخدام طاقة حرارة الأرض في زيادة أو إنقاص درجة حرارة الماء".
بدورها؛ تقول منسقة العلاقات العامة في مركز القطان للطفل، لانا مطر، إن فعاليات مهرجان أيام العلوم للعام 2017 تنطلق في القدس، ورام الله، وغزة، وعدة مدن فلسطينية، مبينة أن المهرجان للعام الحالي، في نسخته الثامنة، يركز على "عصر الأنثروبوسين"- أثر الإنسان على الكرة الأرضية، ويستضيف مهرجان الأفلام العلمية، كما أنه يشكل أرضية لتعزيز تدريس العلوم والفنون في المدارس الفلسطينية.
وتوضح لـ"العربي الجديد" أنه سبق المهرجان شهر متواصل من اللقاءات والاجتماعات وورشات العمل التحضيرية، لطاقم عمل من المركز وطلاب الجامعات، إلى جانب مشاركة الأطفال بشكل رئيسي في مختلف التحضيرات، وبإشراف من إدارة المركز والأكاديميين على بناء وتطوير الأفكار العلمية، والتي تم عرضها خلال زوايا المهرجان المتعددة.