أصدقاء الأمس أعداء اليوم

05 أكتوبر 2015
+ الخط -
تغيّرت الأوضاع وتبدلت الاّراء، وتحولت المواقف بين أعداء وأصدقاء، ويبدو أن منطق اللعبة يبحث عن مصالح تجمع الأقوياء، وليس للضعفاء مكان فِيهَا، فعند كل ضيق تخسر صديق، فكل شيء يُبنى على مصلحةٍ يزول عندما تزول الأسباب التي أدت الى تكوينة.
الشعب العراقي اليوم منقسم بين مؤيد للتحالف الروسي الرباعي ومعارض للتحالف الأميركي، والعكس صحيح.

كانت روسيا من مؤيدي نظام صدام حسين قبل العام 2003، وكانت أغلب المعدات العسكرية، الخفيفة والثقيلة، في العراق، روسية المنشأ، وكان وجود الخبراء والمستشارين بكثافة، وقد جعل هذا الأمر من روسيا العدو الأول للمكوّن الشيعي، المعارض نظام صدام فيما مضى، والصديق المتعاون الوفي للمكوّن السني.
تغيرت، اليوم، معادلة الصديق والعدو تماماً عن السابق، إذ نجد أن روسيا أصبحت الصديق المقرب للمكوّن الشيعي، باعتبار أن نظام الحكم تغيّر، ولا بد من استخدام تكتيك جديد، يخدم مصالح النظام والروس في الوقت نفسه. وهو ما نراه في التعاطي الروسي مع إيران والنظام السوري، وأساساً هو ما بدأت الدول الغربية والإقليمية بالتحذير منه، إذ أشارت إلى أن التوجه الروسي الحالي سيجعلها في موقف عداء مع الدول السنية في المنطقة، وهو ما أشار إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما تحديداً.
إذاً تحول الصديق الصدوق إلى عدو لدود (روسيا)، فيما أصبح الخصم صديق (أميركا)، وهذا ما ظهر علناً في الشارع العراقي، وكذلك في وسائل الإعلام المرئية التي تشهد جدالاً حاداً بين المحللين السياسين ومواقع التواصل الاجتماعي التي تكاد تنفجر من شدة الاحتقان الطائفي بالسب والقذف على أميركا، لأنها (حسب آرائهم) تمثل مصالح المكون السني، والعكس صحيح على روسيا، لأنها تمثل مصالح المكوّن الشيعي.
لم يقتصر الأمر على الشعب العراقي فقط، وإنما تعدّى ذلك، ليشمل بعض الدول الإقليمية المؤيدة لتحالف روسيا، وعالمية معارضة للتدخل في العراق وسورية، ولم يدركوا خطورة هذه التحالفات التي تهدف إلى مزيد من الانقسام والصراعات على حساب الدول العربية، بحجة محاربة الاٍرهاب، أو مساندة النظام، أو دعم اللاجئين، أو إقامة منطقة حظر جوي.
لا تحل التدخلات الخارجية أي معضلة تعاني منها دول المنطقة، لا سيما أن مسؤولين أميركيين ومحللين سياسيين كثيرين يؤكدون، مراراً وتكراراً، على الحل السياسي، وليس القوة العسكرية التي تدمر البنى التحتية، وتوتر العلاقات الخارجية، والتجارب التي مرت بها المنطقة أثبتت ذلك.
سوف تشهد المنطقة ستاتيكو جديد ضد أي تحالف خارجي، يخالف مصالحها، من القوى المعارضة أو الجماعات الراديكالية المتطرفة، لتبقى الأزمة قائمة، طالما يوجد من يغذّيها، ويهدف إلى إطالتها لدوافع جيوسياسية.
المضحك المُبكي أن الشعب العراقي والعربي مقسّم على نفسه، ما بين صديق الأمس وعدو اليوم، بينما الدول العظمى تتفرج على مسرحية القتل والتفجير والتهجير، ونزيف الدم الضائع بين الأصدقاء والأعداء.
647CF4A7-C5CD-46D4-B9E3-E6A2C8BC186E
647CF4A7-C5CD-46D4-B9E3-E6A2C8BC186E
سيف سعدي (العراق)
سيف سعدي (العراق)