يواجه لبنان مصير العتمة الشاملة، بعدما اتخذ أصحاب المولدات اليوم الإثنين قراراً بالتصعيد ورفع ساعات التقنين للضغط على الحكومة اللبنانية من أجل تحقيق مطالبهم وهي خطوة تترافق مع عجز الدولة المستمرّ عن تأمين التيار الكهربائي على الرغم من الوعود المتكررة لوزير الطاقة ريمون غجر بتحسّن التغذية تدريجياً مع وصول بواخر الفيول.
ونفذ تجمّع أصحاب المولدات اعتصاماً صباح الإثنين أمام وزارة الطاقة في بيروت، أعلنوا خلاله عن بدء التقنين المكثف في المناطق اللبنانية كافة قبل التوجه الى الإطفاء الشامل في كل لبنان يوم الأربعاء المقبل في الخامس من أغسطس/آب لأنهم باتوا غير قادرين على شراء المازوت من السوق السوداء.
ويقول رئيس تجمّع المولدات في لبنان، عبدو سعادة لـ"العربي الجديد"، إنّ أصحاب المولدات كانوا اتخذوا قراراً بالإطفاء الشامل يوم الأربعاء المقبل ولكن بعد البحث والتشاور قررنا إطفاء جميع المولدات غداً الثلاثاء حتى تحقيق الحكومة اللبنانية مطالبنا".
وأضاف أن المطالب المعلنة تتعلق " بإيجاد آلية لتزويد أصحاب المولدات بمادة المازوت وفق سعر الصرف الرسمي وبصورة دائمة وبالكميات المطلوبة لكلّ مولد وتغيير التسعيرة التي حددتها وزارة الطاقة والمياه للكيلو واط والتي كانت مبنية أساساً على السعر الرسمي للمازوت، الأمر الذي اختلف اليوم ما أوقع أصحاب المولدات بخسائر تفوق الأربعين في المائة".
ويشير سعادة إلى أنّ "تجمّع أصحاب المولدات سبق أن حذّر ومنذ أشهر بالتصعيد منذ تسجيل شحّ في مادة المازوت وصولاً الى انقطاعها لأسباب كثيرة، منها ما يتردّد عن تهريب المازوت إلى سورية واحتكار التجار لهذه المادة وتخزينها لبيعها بأسعار مرتفعة جداً من أجل تحقيق أرباح كبيرة".
وأكد أن " المفاوضات التي كنا نجريها مع المعنيين ووزير الطاقة كانت تدعو إلى التريث في إطفاء المولدات، لكن الخسائر كبرت وزادت حدّتها مقابل غياب أي خطوة تصبّ في صالح أصحاب المولدات، علماً أنّ الضغط على المولدات بات مضاعفاً في ظلّ ارتفاع ساعات التقنين المعتمد من جانب مؤسسة كهرباء لبنان".
ويغرق لبنان في العتمة منذ أكثر منذ شهر مع بدء زيادة بسيطة في ساعات تقنين الكهرباء نتيجة تعذّر تفريغ حمولة باخرتي الغاز أويل والفيول أويل الراسيتين قبالة الشاطئ اللبناني بسبب التأخر في رفع الحجز المالي من جانب المصارف الأجنبية، ما أدى إلى انخفاض مخزون هاتين المادتين للحدود الدنيا، بحسب بيان كان صدر في مايو/أيار الماضي عن مؤسسة كهرباء لبنان.
وارتفعت ساعات التقنين ومعه تتحول حياة اللبناني إلى كابوس، في ظلّ موجة الحر التي يعيشها وأزمة فيروس كورونا التي دفعت بأكثرية اللبنانيين إلى العمل من المنزل، وهو ما سيصعب القيام به في ظل انقطاع الكهرباء.
ووصلت تداعيات أزمة الكهرباء إلى القطاع الاستشفائي مع ارتفاع ساعات التقنين في المستشفيات والنقص في مادة المازوت، ما اضطرّ بها الى قطع الكهرباء عن قسم الإدارة وتركه لغرف المرضى والعناية الفائقة كما طاولت المصالح الاقتصادية للمواطنين.
وبدأت ملامح العتمة تظهر أكثر فأكثر نتيجة الخلاف الذي وقع بين لبنان وشركة سوناطراك الجزائرية في إبريل/نيسان الماضي، بعد اكتشاف شحنة غير مطابقة للمواصفات، الأمر الذي هدد العلاقة بين الطرفين ووقف حائلاً دون استمرار العقد الموقع بينهما وخصوصاً من جهة الشركة التي أبلغت وزارة الطاقة اللبنانية بعدم رغبتها في تجديد العقد الذي ينتهي في 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل والإبقاء على تزويد الجانب اللبناني بالوقود، وهو ما طرح علامات استفهام كثيرة حول البدائل المتوفرة وتداعيات الخلاف التي ستترجم في الشوارع والبلدات والمدن والمنازل التي سيجتاحها الظلام الدامس.
وشهدت مؤسسة كهرباء لبنان سلسلة تظاهرات وتحركات شعبية لحلّ أزمة التقنين وتأمين التيار الكهربائي للبنانيين من دون أن تلقى مطالبهم أي آذان صاغية، علماً أنّ قطاع الكهرباء استنفد أكثر من أربعين مليار دولار من الموازنة العامة ورفع من الدين العام الذي يتجاوز الثمانين مليار دولار بذريعة تنفيذ خطة الكهرباء التي ستؤمن التيار الكهربائي 24 ساعة يوميا لكنها على العكس كلفت الدولة مليارات من الدولارات وهو ما لم يحدث حتى الآن.
ويعد الإصلاح في قطاع الكهرباء ووقف الهدر فيه من أبرز الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي والجهات المانحة التي تدعو إلى وقف مزاريب الفساد، من أجل تقديم المساعدات المالية للبنان حتى يخرج من أزمته الاقتصادية والنقدية الحادة.