أشرف فياض.. بدأ الدرس الأول

26 نوفمبر 2015
(أشرف فيّاض في تصميم لـ جعفر العلوي/ البحرين)
+ الخط -

"سأُعيدك إلى بلد أبيك". بهذه العبارة، هدّد أحدهم، الشاعر والتشكيلي الفلسطيني أشرف فياض (1980) الذي يواجه حكم الإعدام في السعودية، بدعوى احتواء مجموعته الشعرية "التعليمات.. بالداخل" (الفارابي، 2008) على "أفكار إلحادية".

بلدُ أبيه هي خان يونس في غزّة. أمّا أبوه، عبد الستار، فقد رحل اليوم عن 83 عاماً، بينما يقبع أشرف في السجن. وتلك العبارة، فلا تتأتّى سوى من عقلية تظنّ الأرض حكراً على أناس دون آخرين، وتنظر إلى الوافد إليها بوصفه دخيلاً لا مكان له عليها. هي العقلية نفسها التي تظنّ أنها موكّلة، بشكلٍ حصري، للدفاع عن الله ودينه.

في كانون الثاني/ يناير الماضي، اعتُقل فيّاض بعد أن نقل صاحب العبارة، إثر خلافٍ شخصي بينهما، إلى "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" أنّ مجموعة فيّاض الشعرية تتضمّن أفكاراً "تدعو إلى الإلحاد، وتتعرّض إلى الذات الإلهية". حُكم عليه بالسجن لأربع سنوات و800 جلدة. لم يعرف أحد عن الموضوع إلّا حين استؤنفت القضية، وتحوّل الحكم إلى إعدام.

ما أن صدر الحكم، حتى راحت المواقع الإخبارية، ووسائل التواصل الاجتماعي تتقاذف الخبر، وانطلقت الحملات المندّدة بالحكم والداعية إلى إسقاط كل التهم الموجّهة إلى فيّاض.

تراوحت المبادرات بين تلك الشخصية، مثل حملتي "100 قصيدة إلى أشرف فياض" و"100 لوحة إلى أشرف فياض"، اللتين أطلقهما الشاعر المصري محمد حربي ومجموعة من أصدقائه، وتلك النداءات التي أطلقتها منظمات غير حكومية، مثل "العفو الدولية"، من أجل إطلاق سراحه. بينما يكتفي بعضهم، مثل أحمد عبد المعطي حجازي بـ"مناشدة" السعودية لـ "إعادة النظر في الحُكم".

وُلد فيّاض، قبل 35 عاماً، في السعودية التي هُدّد بالطرد منها، تحديداً في مدينة أبها، لعائلةٍ غادرت غزّة قبل نصف قرن من الزمن.

على صفحته في فيسبوك، كتب الشاعر السعودي محمد خضر: "توفي والد أشرف فياض قبل قليل. رحل حزيناً وغاضباً ومتسائلاً. توفي عبد الستار متأثراً بقضية ولده. توفي وقد طال صراخه من عام ونصف. بأوراقه الكثيرة ومراجعاته وثمانين عاماً وأكثر، كان يريد أن يودّع المكان الذي أحبه بهدوء أكثر وبحب".

عبر الاطّلاع على ما نشره أصدقاء فيّاض والمتضامنون معه من مقاطع ضمّتها مجموعته الشعرية، نقرأ هواجسه تجاه الحياة والحرب والحب، إضافة إلى تساؤلات مجبولة بهمّ الاغتراب والمنفى: "لا تقنطوا.. أبشروا بالغربة التي منها تفرّون/ تلك التدريبات مكثّفة على العيش في جهنّم.. وظروفها القاسية/ إلهي.. هل جهنّم في مكانٍ ما على الأرض؟".

من أعمال فيّاض الفنية


نقرأ أيضاً: "اللجوء: أن تقف في آخر الصف.. كي تحصل على كسرة وطن. الوقوف شيء كان يفعله جدك دون معرفة السبب.. والكسرة أنت. الوطن: بطاقة توضع في محفظة النقود. الصورة: تنوب عنك ريثما تعود. والعودة: كائن أسطوري ورد في حكايات الجدة. انتهى الدرس الأول".

"يشتغل فيّاض في قصيدته وفنّه انطلاقاً من صميم حياته وما يدور حوله في العالم"، يقول خضير، صديق الشاعر، موضّحاً في حديثٍ إلى "العربي الجديد": "إنه يقترب من الحياة مكرّساً الفن ومقولته من أجلها، يقترب من الواقع واليومي المعيش، طارحاً أسئلته الخاصة عن الوجود والغربة وبلاده البعيدة، تاركاً للفن والكتابة الإجابة النهائية".

وحول الصداقة التي تجمعهما، يقول: "كنت رافقته من خلال "جماعة شتا" الفنية. كان لاذعاً تجاه الأفكار الجاهزة وتجاه الدرس الإبداعي المؤطَّر، وتحمله رؤيته، التي يصر أن تكون جديدة في كل مرة، إلى الاشتغال على أعمال بأدوات جديدة، بعيداً عن فوضى المشهد الثقافي ومؤسساته".


اقرأ أيضاً: أشرف فياض.. فانتازيا سوداء

دلالات
المساهمون