26 يوليو 2020
+ الخط -

تعود الحرائق لتلتهم الأسواق القديمة داخل العاصمة السورية دمشق، وسط شكوك حول مَن يقف وراء تلك الحرائق، التي تعزى أسبابها غالباً من قبل أجهزة النظام السوري، إلى الماسات الكهربائية، أو تسجل ضد مجهول. إلا أن دمشقيين دائماً ما وجهوا أصابع الاتهام نحو النظام وحلفائه، ولا سيما الإيرانيون الذين يحاولون السطو على الأماكن التاريخية في دمشق، وخصوصاً وسط المدينة التاريخي ومحيط الجامع الأموي الشهير.

والليلة الماضية اندلع حريق ضخم داخل سوق "البزورية"، أحد أعرق أسواق العاصمة دمشق، ملتهماً عدداً من محال السوق والمخازن التجارية داخله.

ونقلت قناة "الإخبارية السورية" التابعة للنظام عن قائد فوج إطفاء دمشق العميد داوود نصر عميري، أنه جرت محاصرة الحريق وإخماده وتأمين المكان لمنع وصوله إلى المحلات التجارية المجاورة. 

وبحسب عميري، فقد شاركت أكثر من 10 سيارات إطفاء في عملية إخماد الحريق. وبيّن أن الأضرار اقتصرت على المادية فقط، ولم تسجل أي إصابات بشرية. 

ويضم السوق الذي يمتد بشكل متعامد على سوق "مدحت باشا" وحتى مدخل "قصر العظم" إلى الجنوب الشرقي من الجامع الأموي في دمشق، عشرات المحال المختصة ببيع التوابل والسكاكر والمأكولات المجففة بأنواعها، ولا يزال يحتفظ بمكانة رمزية وتاريخية لدى السوريين عموماً، وسكان العاصمة على وجه التحديد، نظراً لعمقه التاريخي الممتد من الحقبة الأيوبية وحتى اليوم، بالإضافة إلى قربه من المسجد الأموي الكبير الأعرق في سورية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ورغم السيطرة على الحريق خلال الساعات الأولى على اندلاعه، إلا أن سوريين وجهوا أصابع الاتهام نحو الأيادي الإيرانية الممتدة في دمشق، نظراً للتغلغل الإيراني الكبير في سورية والعاصمة تحديداً، وعدم إخفاء إيران نياتها للهيمنة على العاصمة السورية بدوافع دينية وسياسية.  

ويرجع حريق سوق "البزورية" الأذهان إلى الحريق الضخم الذي ضرب سوق "العصرونية" القريب من سوق "البزورية" في نيسان/ إبريل من عام 2016، عندما التهمت النيران معظم محلات السوق، وأشارت المعلومات حينها إلى أن مقربين من إيران عرضوا مبالغ طائلة على تجار وأصحاب المحلات في سوق "العصرونية" مقابل بيعها والتنازل عنها، وعند رفض العديد منهم للعروض المغرية، حدث الحريق.  

وتواصلت "العربي الجديد" مع أحد تجار سوق "الحريقة" القريب من "البزورية" لمعرفة أسباب الحريق، وحقيقة ما إذا كانت هناك عروض للبيع تلقاها تجار "البزورية"، على غرار ما حصل مع تجار سوق "العصرونية"، حيث أشار في حديثه مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، إلى أن لا معلومات لديه لعروض بيع تلقاها تجار سوق "البزورية"، إلا أنه لم يستبعد أن يكون الحريق الأخير ورقة ضغط استباقية لدفع التجار إلى البيع إذا أتتهم العروض في هذا الجانب.  

من جهته نشر الصحافي السوري مضر حماد الأسعد على صفحته الشخصية، معلومات قال إنها وصلت إليه من داخل العاصمة دمشق، حول "تخطيط إيراني من أجل افتعال حريق داخل المسجد الأموي في دمشق، وبعد أن يتضرر المسجد، وعلى اعتبار أن النظام السوري عاجز عن إعادة تأهيله من جديد، فستقوم المستشارية الثقافية الإيرانية بدمشق بإعادة ترميمه وإصلاحه، لكن كما هي تريد وكيفما تريد، وبعدها تضع يدها عليه بحجة حمايته".  

وفي اتصال مع "العربي الجديد"، أكد الأسعد هذه المعلومات، مضيفاً أن تجاراً وأصحاب محلات في سوقي البزورية" و"الحميدية" (أحد أشهر أسواق دمشق القديمة والمؤدي إلى المسجد الأموي) تلقوا عروضاً لبيع محلاتهم من قبل سماسرة متعاونين مع متنفذين إيرانيين، مشيراً إلى أن معلوماته تؤكد تكثيف النشاط الإيراني للهيمنة على محيط المسجد الأموي في دمشق من أسواق ومنازل تاريخية قديمة باتباع أساليب مختلفة، منها عروض بيع الممتلكات مقابل مبالغ ضخمة بالعملات الصعبة.

وأوضح أن من بين الأساليب، التضييق على التجار من خلال فرض "الأتاوات" من قبل الأجهزة الأمنية للنظام المرتبطة بإيران، بالإضافة إلى التضييق الأمني على مرتادي هذه الأسواق لجعل الحركة التجارية داخلها ضعيفة ومعدومة تدريجاً.

وبيّن الأسعد أن كل ذلك هدف إيراني للهيمنة على المسجد الأموي، مبدياً تخوفه من إقدام إيران على إحداث أضرار في المسجد في طريق الوصول إلى هذه الهدف.

وأشار مصدر صحافي مطلع على التدخل الإيراني في سورية والعاصمة دمشق تحديداً، إلى "وجود (لوبي شيعي) مرتبط بالسفارة الإيرانية في دمشق، مهمته ممارسة الترغيب والترهيب في سبيل الضغط على التجار وأصحاب المحلات في أسواق دمشق القديمة، لدفعهم إلى البيع"، ملمحاً إلى أن حريق "البزورية" مفتعل، مرجعاً ذلك إلى توقيت اندلاع الحريق في الساعة العاشرة ليلاً، حيث كل المحلات مغلقة والسوق فارغ من المارة، كما حدث تماماً في حريق سوق "العصرونية" قبل أربعة أعوام.

ويوجد حول المسجد الأموي العديد من الأحياء والأسواق التاريخية والقديمة، منها الحميدية، والبزورية، والعصرونية، ومدحت باشا، والحريقة، وسوق الحرير، والقيمرية، وحيّ العمارة الذي يتموضع فيه مقام "الست رقية" بنت علي بن أبي طالب.

هذا بالإضافة إلى مشهد أو مقام "رأس الحسين" بن علي داخل المسجد، ويُعَدّان مقصدين رئيسيين للزوار الشيعة والإيرانيين على وجه التحديد، ما يجعل من أهمية الهيمنة على المنطقة المحيطة بالمسجد هدفاً دينياً للإيرانيين الذين بدا حضورهم واضحاً في دمشق، منذ وصول حافظ الأسد للسلطة في سورية، وتوسع نفوذهم بعد تسلّم ابنه بشار الأسد قيادة النظام، فيما باتت لهم كلمة عليا في البلاد بعد اندلاع الثورة من قبل السوريين على حكم الأسد، الذي لجأ إليهم لمساندة نظامهم في مواجهة الثوار السوريين.

المساهمون