دخلت أسواق المال العالمية نفق "التصحيح المؤلم"، حيث واصلت البورصات في كل من أوروبا وآسيا تراجعها اليوم الجمعة، لتبلغ خسائر المستثمرين في الأسهم العالمية منذ بداية العام الجاري حوالى 5 تريليونات دولار.
وهبط المؤشران القياسيان "ستاندرد آند بورز 500" وداو جونز الصناعي أكثر من 10% خلال 10 أيام، عن المستويات القياسية التي سجلاها في 26 يناير/ كانون الثاني.
وعلى الرغم من هذا الهبوط الكبير الذي شهدته "وول ستريت" والعديد من البورصات العالمية، خلال الأسبوع، لا تزال أسعار الأسهم بأسواق المال الأميركية مرتفعة بنسبة تفوق 20% عن مستوياتها في بداية عام 2017.
وبالتالي، هنالك شبه إجماع بين خبراء المال على أن ما حدث في بداية الأسبوع ويوم الخميس من هبوط حاد في أسعار الأسهم عبارة عن "بروفة" لعودة السوق إلى وضعها الطبيعي في الهبوط والصعود، أو ربما هو "تصحيح مؤلم" للبعض الذين اندفعوا في المضاربات على أساس أن الارتفاع سيتواصل.
كما أن ما حدث كان متوقعاً من خبراء المال ورجال البنوك المركزية، لأن سوق المال ارتفعت على نحو متواصل وهو أمر غير طبيعي في أسواق المال.
ووصف مصرف "دويتشه بنك" الألماني ما حدث بأنه عبارة عن تراجع منتظم، حيث لم تحدث فوضى في بيع الأسهم، وذلك على الرغم من أن داو جونز فقد ألف نقطة يوم الإثنين، وأكثر من ألف نقطة يوم الخميس، كما أن مؤشر "القلق" أو "الاضطراب الاستثماري" ارتفع بحوالى 28 نقطة، علماً بأن المؤشر يقيس مخاوف المستثمرين في صناديق المؤشرات المسجلة بالبورصة الأميركية.
ولاحظ المصرف الألماني أن "مؤشر القلق الاستثماري" بلغ 50.3 نقطة، وهو الأعلى منذ مارس/ آذار 2009. لكن ما يجعل الأمر ليس مقلقاً بالنسبة للبنوك المركزية، هو أن المبيعات المكثفة حدثت في صناديق المؤشرات المرتبطة بالأسهم وليس الأسهم ذاتها.
ويرى "دويتشه بنك" أن ما حدث لم يكن مرتبطاً بسياسات الاقتصاد الكلي أو أزمة مالية، وكل ما حدث هو مخاوف المستثمرين من تداعيات التضخم خلال العام الجاري، واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة، في وقت استدانت فيه الشركات المالية بفائدة منخفضة للمتاجرة في السوق. وبالتالي، تكثفت موجة المبيعات حفاظاً على الدخول الصافية من غول التضخم.
ويرى "دويتشه بنك" أن المخاوف حدثت من ارتفاع معدل التضخم الذي سيحدث انقلاباً في سياسات الفائدة.
من جانبها، قالت رئيسة مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) السابقة، جانيت يلين، إن القيمة السوقية أو الدفترية للأسهم مرتفعة، لكنها غير متأكدة مما إذا كان ذلك يعني وجود فقاعة في سوق المال الأميركية.
وقالت يلين لقناة "سي بي إس" الأميركية، يوم الأربعاء، إن "ارتفاع القيمة السوقية للأسهم بهذا المستوى يحدث نوعاً من القلق".
وفي هذا الصدد، قال رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في دالاس تكساس، روبرت كابلان، إن "الأسهم الأميركية لا تزال أعلى من قيمتها الحقيقية"، مضيفاً أن "ما حدث أمر سوقي ويمكن وصفه بأنه شيء صحي".
أما رئيس الاحتياط الفدرالي في سانت لويس، جيمس بولارد، فقال إن ما حدث من مبيعات كان متوقعاً بسبب ارتفاع أسهم شركات التقنية.