أسواق العراق قلقة سياسياً..شلل بالبورصة وإغلاق متاجر وسحب ودائع

03 مايو 2016
الأزمات الاقتصادية تطوق العراقيين (فرانس برس)
+ الخط -
فاقم التوتر السياسي المتصاعد الذي يشهده العراق، الأزمات المعيشية للمواطنين، كما أسفر عن آثار سلبية على القطاعات الاقتصادية المختلفة، حيث ارتفع سعر صرف الدولار أمام العملة المحلية، في ظل حالة ترقب وحذر من التجار والمستثمرين.
وحسب خبراء اقتصاد عراقيين، فقد انسحب تأثير الأزمة السياسية التي صاحبت اقتحام المتظاهرين للمنطقة الخضراء قبل انسحابهم منها واحتجاجات بالبرلمان، على حياة المواطنين في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وضعف الميزانية بسبب نفقات الحرب المتفاقمة وتراجع الأسعار العالمية للنفط.
ويرى الخبير الاقتصادي حازم النداوي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "التوتر السياسي ينعكس على كل الجوانب الاقتصادية في البلاد، فالتجار بدأوا بخزن بضائعهم ورفع ثمنها تحسباً من عدم دخول بضائع جديدة للبلاد، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية وضعف الرقابة الحكومية".
وشهدت العاصمة بغداد تعطل الكثير من المتاجر حيث أجل العديد من التجار إنجاز عدد من الصفقات إلى إشعار آخر بانتظار التطورات السياسية في البلاد.
وحسب الخبير الاقتصادي فإن "الفقراء هم الأكثر تضرراً من التدهور السياسي والاقتصادي فالأعمال تتعطل في مثل هذه الظروف، خاصة أن أصحاب الأعمال يؤجلون كثيراً من مشاريعهم للاحتفاظ بأموالهم للأيام الصعبة المقبلة".
ويبين النداوي أن "التذبذب في الأسواق ينعكس على ثلثي الشعب العراقي، حيث أن أغلبهم من الفقراء ومحدودي الدخل الذين يعيشون من رواتبهم وأي انهيار اقتصادي يعني تأزمة أوضاعهم الحياتية، لذلك نجد هذه الفئات تحتفظ ما يلزم من بعض المال للطوارئ عبر تقليل المشتريات والمصاريف اليومية".
ويتابع النداوي "أن الأزمة السياسية دائماً تسببت في رفع سعر الدولار، وبالتالي زيادة أسعار المشتريات بالنسبة للمواطنين من مواد حياتية يومية ومستلزمات استهلاكية وأجهزة ومعدات منزلية، ما يثقل كاهل المواطن بمصاريف إضافية".

مشهد معقد

الخبير المالي حسن الكعبي يرى المشهد معقداً، فمثلا "لا يمكننا فصل الواقع المالي عن الجانب السياسي، فتدهور أحدهما يعني تدهور الآخر، وكل ذلك ينعكس سلباً على المواطن العراقي، فالجميع يتخوف من حصول طارئ قد يسفر عن قطع رواتب الموظفين والمتقاعدين".
وأوضح الكعبي، لـ"العربي الجديد"، أن "الواقع الاقتصادي متدهور والمستثمرون يقبلون على سحب أرصدتهم من البنوك والشركات خشية خسارة مالية قد يتعرضون لها في حال انهيار المشهد السياسي في عموم البلاد".


وانعكس التوتر السياسي وانفلات الاوضاع الأمنية في العاصمة، على أسعار العملات حيث ارتفع سعر الدولار إلى 1290 دينارا، كما شهدت الأسواق نقصاً حاداً في المعروض من العملة الأميركية.
وأغلقت بورصة "الكفاح" في بغداد أمس الأول، فيما تأخر افتتاحها لمدة ساعة أمس، على خلفية تصاعد الأزمة السياسية.
وطوقت قوات الأمن العراقية البنوك تحسباً من اقتحامها من قبل عصابات مسلحة قد تستغل التطورات اليومية المتلاحقة للأوضاع السياسية في البلاد، حسب المصادر الأمنية.

قلق بالقطاع المالي

ودفع التخوف من تدهور الأحوال الأمنية بالبلاد، العديد من المواطنين إلى سحب أرصدتهم من بعض البنوك العراقية تحسباً من انهيار محتمل للنظام السياسي فيما لو استمرت الأوضاع بهذا الشكل.
وأعلنت قيادة عمليات بغداد أمس الأول، حالة الطوارئ في كافة أرجاء العاصمة إثر اقتحام المتظاهرين للمنطقة الخضراء ودخول مبنى البرلمان العراقي. وأكدت في بيان لها أن "جميع البنوك في العاصمة تم تأمينها بقوات أمنية خاصة تحسباً من أي طارئ قد يحصل ومنعاً لاستغلال الوضع من قبل العصابات المسلحة واللصوص".

وأضاف البيان أنه "لا توجد خشية على الودائع المالية بالبنوك حيث أن القوات العراقية قادرة على تأمينها بالكامل حتى انتهاء الأزمة".
لكن يبدو أن هذه الإجراءات لم تطمئن المواطنين حيث واصل الكثير من أصحاب رؤوس الأموال والعملاء سحب أغلب ودائعهم المالية، رغم التطمينات الحكومية بالسيطرة على الأوضاع.
وذكر محللون ماليون، أن شللاً أصاب تعاملات البورصة العراقية منذ السبت الماضي، في ظل ترقب حذر إزاء التطورات السياسية والأمنية في العاصمة بغداد
واعتبر المحللون أن ما يجري في بغداد فاقم الواقع الاقتصادي المتدهور أصلاً بسبب الحرب الدائرة في عدد من المدن.
وقال الخبير الاقتصادي، صادق العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن "الكل يترقب بحذر وخاصة سوق المال الذي أصابه الشلل نوعاً ما حيث توقفت أمس الأول، بورصة الكفاح المالية وشهد الدولار ارتفاعاً فيما شهد سعر النفط انخفاضاً واضحاً".
وأضاف العبيدي، أنه على الحكومة تأمين المؤسسات الاقتصادية بشكل جيد، فالعصابات المسلحة تترقب اللحظة المناسبة للانقضاض عليها وسرقة كل ما فيها من أموال، ما يعني كارثة اقتصادية في العراق. وطوقت قوات وزارة الداخلية مقر البنك المركزي وبنك الرشيد خشية اقتحامهما.
ورجح اقتصاديون استمرار ارتفاع قيمة الدولار أمام الدينار في ظل تذبذب البورصة وإغلاق عدد من شركات الصرافة أبوابها خشية أعمال السرقة التي قد تحدث إذا ما وقعت فوضى أمنية في العاصمة، فيما غادر عدد من الأثرياء العاصمة بغداد إلى شمال البلاد أو مدن أخرى بانتظار ما ستؤول إليه الظروف الأمنية داخل بغداد في الساعات أو الأيام القادمة.

المساهمون