أسليمي لـ"العربي الجديد": "صفقة القرن" وراء خلافات المغرب والسعودية

16 فبراير 2019
أسليمي: ضغطت السعودية على الأردن والمغرب أخيراً (فيسبوك)
+ الخط -
على الرغم من عودة السفير المغربي مصطفى المنصوري إلى السعودية لمباشرة مهامه الدبلوماسية، بعد تواجده لفترة قصيرة في بلاده، إثر بثّ قناة "العربية" برنامجاً عن سيادة المغرب على الصحراء، إلا أن ظلال "الأزمة الصامتة" بين الرباط والرياض لا تزال قائمة، في الوقت الذي يحاول محللون ومراقبون تفسير هذا "التصدع" بين العلاقات التي طالما وصفت بكونها "تاريخية ووطيدة" بين البلدين.

في هذا الصدد، كان لرئيس مركز "الأطلس للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني"، عبد الرحيم منار أسليمي، حديثٍ مع "العربي الجديد"، حول أسباب الأزمة، ودور خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن"، محمّلاً صانعي القرار الجدد في السعودية مسؤولية ما آلت إليه هذه العلاقات المتذبذبة مع المغرب.

* تنامى الحديث عن كون "صفقة القرن" سبباً رئيسياً في "الأزمة الصامتة" الحالية بين المغرب والسعودية، باعتبار أن الرباط رفضت الاصطفاف وراء الرياض في هذا الملف. هل توافق على هذا الطرح؟
إذا قمنا بتحليل علاقات السعودية بحليفيها التقليديين الأردن والمغرب سنلاحظ وجود ضغط كبير عليهما في السنتين الأخيرتين. ويبدو أن هذا الضغط مرتبط في جزء منه بصفقة القرن، بحكم الدور التاريخي لهاتين الدولتين في القضية الفلسطينية، فملك المغرب محمد السادس يرأس "لجنة القدس" وكانت له مواقف ضد ما يجري داخل القدس المحتلة جعلته يبعث رسالة، بصفته رئيس اللجنة، إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رسالة بالنيابة عن منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة. لذلك قد يكون جزء من الخلاف بين الرباط والرياض مرتبطا بما هو مقبل في هذا الملف وموقف المغرب من "صفقة القرن". وستبرز المواقف من هذا الملف بشكل واضح خلال الجولة التي سيقوم بها كبير مستشاري الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر، إلى مجموعة من الدول العربية، ومنها السعودية والأردن والمغرب.

* تتحدث عن ضغوط تمارسها السعودية على المغرب، كيف؟
المثير للانتباه أن الأمر يتعلق بضغط سعودي على حليفين تقليديين أكثر ارتباطاً بملف القضية الفلسطينية، حليفين تمّت دعوتهما سابقاً إلى الانضمام لمجلس دول التعاون الخليجي. الأمور تغيّرت اليوم، ولم تعد الأردن والمغرب الحليفين المطلوبين بقوة، بل حلت مصر محلهما. ومن الواضح أن الخلاف بين السعودية والمغرب بات مرتبطاً بتقييم قضايا عربية كثيرة، منها الانسحاب من الحرب في اليمن والحصار المضروب على قطر، الذي يسعى المغرب ليؤدي فيه دور الوساطة والحياد الإيجابي، ويضاف إلى ذلك ملف صفقة القرن.

* تتحدث كثيراً في تصريحاتك وتحليلاتك في القنوات الفضائية عن جهة ما في السعودية تلعب بالنار في العلاقات مع المغرب. من تقصد تحديداً؟ وما أهداف هذه الجهة برأيك؟
الإشارة هنا إلى أن صانع القرار في السعودية لم يعد كما كان، إذ لم يسبق أن تعرّض المغرب من السعودية لهذا الحجم من الإساءات. ولا أعتقد أن الجيل القديم في السعودية يقبل بهذا النوع من العلاقات مع المغرب، هو الذي يعد أحد أقدم الحلفاء التاريخيين والحضاريين للسعودية. هناك شيء ما يحدث في صناعة القرار السعودي تجاه المغرب منذ بداية الحديث عن وجود صانعي قرار جدد في السعودية، وهم مرتبطون بولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومحيطه الجديد.



* برأيك هل يمكن أن تصطف الرباط مستقبلاً خلف الرياض في الملفات التي ذكرتها؟
سيلاحظ المتابع للعلاقات المغربية ــ السعودية منذ سنتين تقريباً أن هذه الأزمة كانت متوقعة، واليوم تبدو فرصة مفتوحة أمام المغرب لتصحيح هذه الرؤية لصانعي القرار السعودي الجدد تجاه المغرب. إن السياسة الخارجية المغربية مبنية على الاستقلالية والحياد في الصراعات العربية ــ العربية، ولا يمكن أن تدفع السعودية المغرب إلى الاصطفاف خلفها. المغرب قوة إقليمية في شمال أفريقيا والعالم العربي، وأمامه خيارات عدة لإعادة بناء تحالفات من شأنها تغيير التوازنات في المنطقة العربية والإسلامية.

* كيف تتوقع مستقبل العلاقات بين المغرب والسعودية في خضم هذه المستجدات؟
يبدو مستقبل هذه العلاقات الثنائية بين المغرب والسعودية مفتوحاً على أحد السيناريوهين. الأول هو أن تراجع المملكة العربية السعودية مواقفها تجاه المغرب، وتعيد بناء العلاقات الثنائية بنفس الشكل الذي كانت عليه السعودية القديمة. ويبدو هذا السيناريو بعيداً لكون صنّاع القرار الجدد في السعودية على خلافات مع كتلة كبيرة من الدول العربية. والسيناريو الثاني هو أن تظل هذه العلاقات خلافية، من دون أن تصل إلى درجة القطيعة النهائية، بمعنى أن لا تعود إلى سابق عهدها، وستكون معرضة بهذا الشكل لتوترات عديدة بسبب الصراع بين الدعوة السعودية للاصطفاف والجواب المغربي بالحياد والاستقلالية.

* من الرابح والخاسر في هذه اللعبة؟
في السيناريوهين معاً، لن يكون المغرب هو الخاسر، بل سيكون التأثير الأكبر على السعودية بفقدانها حليفاً تاريخياً. وسيكون أمام المغرب خيار بناء تحالف جديد مع دول بات من الواضح أنها تشاركه مواقفه وتقييماته لما يجري داخل العالم العربي والإسلامي.