أسفل السفح

29 ديسمبر 2017
(أسوان في عام 1858، تصوير: فرانسيس فريث)
+ الخط -

سنة وراء سنة تتعمق حالة التهميش التي تعيشها الثقافة العربية، وتجد نفسها رهينة أدوار لا تريدها ولا يجوز أن تلعبها، كأن تكون من جملة المؤثرات الصوتية في هزليات أنظمة قروسطية ومجموعات سياسية منتهية الصلاحية.

ننظر حولنا فلا نجد مؤسسات ولا بنى تحتية ولا قوانين، تتيح للمنتج الثقافي حداً أدنى من التداول الضروري الذي يسمح بإزدهار من أي نوع. "الثقافة" مطلوبة فقط كديكور للمنظومة الحاكمة، وعليها أن تشبه هذه المنظومة مهما كانت متأخرة أو متخاذلة أو مشغولة بحماية كرسيّها المُدولب.

ثقافة كهذه لن تشغلها أسئلة الإنسان وحريته، أما سؤال العدالة الاجتماعية فمن آخر همومها. متى آخر مرّة تذكّرت ثقافتُنا العدالةَ الاجتماعية؟

ثقافة كهذه حتماً لا تستطيع صيانة الوعي الجماعي، وليس لديها ما تقوله للعالم أيضاً. "العالم" الذي انتحلت واخترعت بعضُ مراكزه "ممثلين" مزيفين لهذه الثقافة المقيّدة اليدين والمكممة الفم، ممثلين من صنايعية الإسلاموفوبيا والتطبيع يتسلّقون نجومية مغشوشة.

على المستوى الرمزي، تبدو الثقافة العربية اليوم، مثل نسر عمر أبو ريشة: "أصبح السفحُ ملعباً للنسور"، أو صقرِ أمل دنقل: "فمتى يُقبِل موتي قبل أن أصبح - مثل الصقر - صقراً مستباحا". بعد مصرع الطائر يسأله أبو ريشة: "أيها النسر هل أعود كما عدتَ/ أم السفحُ قـد أماتَ شعوري؟".


المساهمون