حين تسأل أي رجل في سيناء عن المجاهدين الستة، يشير بأصبعه إلى جهة الشرق، حيث إسرائيل التي تسجن ستة من أبناء سيناء، منذ حرب العام 1973، فيما تتجاهل الدولة المصرية قضيتهم، رغم تعاقب الرؤساء على حكمها. ففي عام الحرب، وما قبلها بأشهر قليلة، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مئات من أبناء سيناء وكذلك من الجنود المصريين، إلا أنها أفرجت عن غالبيتهم ضمن صفقات تبادل الأسرى بين الطرفين. كما بقي عدد منهم في سجون إسرائيل، فيما أفرجت عن جزء منهم بعد قضائهم محكوميات طويلة، وصلت إلى 30 سنة. وكلما مرت ذكرى حرب أكتوبر على المصريين، يستذكر أهالي سيناء، الأسرى الستة في سجون إسرائيل، بالتزامن مع استمرار تجاهل الدولة المصرية قضيتهم، وعدم السعي، ولو بأدنى حد، للسؤال عنهم.
وفي تفاصيل القضية، يقول شيخ قبلي، لـ"العربي الجديد"، إن أرشيف سيناء وذاكرة رجالها تسجل أسماء المجاهدين الستة الأسرى لدى الاحتلال الإسرائيلي، وهم موسى عيد مطير جديع الجديعي، من قبيلة الصوالحة الحربية، الذي أسر في 9 أكتوبر/تشرين الأول العام 1973، وجديع عيد مطير جديع الجديعي، من قبيلة الصوالحة الحربية، الذي أسر في 11 أكتوبر 1973، وزاير صالح سالم حماد أبو تليل من قبيلة العليقات، الذي أسر في 1971، وعواد عودة سلمى سلمان الزميلي من قبيلة العليقات الذي أسر في 1973، وزيد سليمان سلامة أبو عكفة من قبيلة الأحيوات الذي أسر في 1974، ومراحيل سلمان هويشل من قبيلة الأحيوات الذي أسر في 1974. ويضيف الشيخ أن الدولة المصرية ومخابراتها تجاهلت النداءات المتكررة لأهالي الأسرى، ومخاطباتهم بضرورة السعي للإفراج عنهم بعد قضائهم أكثر من أربعة عقود في سجون إسرائيل، أو على الأقل الاستعلام عن أوضاعهم، والسماح بزيارتهم، إلا أن كل الرسائل والخطابات باءت بالفشل والرفض من قبل الجهات المسؤولة. ويوضح أن بعض تلك الجهات يتحجج بأن من الخطورة الأمنية عليهم أن يطالبوا إسرائيل بالإفراج عنهم، وأن الأمر يجب أن يبحث من جانب المؤسسات الحقوقية، أو محامين بشكل خاص، فيما لم تسع إلى تحريك هذا الملف عبر الجهات التي تراها مناسبة، كالمؤسسات والمحامين.
وبصعوبة بالغة، تحدث مراسل "العربي الجديد" إلى أحد أقارب الأسير جديع عيد الجديعي، الذي قال إنهم ما زالوا على أمل اللقاء بشيخهم المجاهد كما يصفونه، مؤكداً تجاهل الدولة المصرية، رغم تعاقب الرؤساء، لقضيتهم خلال العقود الماضية. ويوضح أن العائلة والقبيلة لم تترك على مدار السنوات الـ 44 الماضية جهة حكومية، أو أهلية، يمكنها أن تتحرك في اتجاه البحث عن أبناء سيناء الستة في سجون إسرائيل، إلا وتوجهت إليها مرات عدة، مشيراً إلى أنه في ظل التعامل الحالي من قبل الجيش المصري مع أهالي سيناء، والصورة التي رسمها في الإعلام، لم يعد لدينا متسع للحديث في قضية أسرانا. ويكشف، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن البعض من الأسرى العرب والفلسطينيين أكدوا لجهات مصرية وأفراد التقوا بهم بشكل شخصي وجود عدد غير محدد من الأسرى المصريين من أبناء سيناء في سجون إسرائيل المختلفة. ويؤكد أن العائلة والقبيلة لا تملك أي معلومات موثقة عن الأسرى في السجن منذ وقوعهم في الأسر، داعياً السلطات المصرية، بدلاً من الاحتفال بنصر أكتوبر، بالمهرجانات والأغاني، أن تسعى للتحرك وإعادة الأسرى لبيوتهم بعد 44 سنة في الأسر.
ورغم أن العلاقة التي تربط النظام المصري الحالي، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، توصف بـ"الممتازة"، وكذلك الأذرع الأمنية بين الطرفين، إلا أن الجهات المصرية لم تسع للبحث عن أسرى سيناء الستة. ويقول ناشط حقوقي من سيناء، لـ"العربي الجديد"، إن لدى الدولة المصرية أسماء وصوراً للأسرى الستة، ولديها معلومات كافية عن كيفية أسرهم، وتواريخ وقوعهم في الأسر، وهذا ما يلزمها بضرورة البحث عنهم والاستفسار عن حالتهم، بحكم أنهم مواطنون مصريون، وقعوا في الأسر في فترة الحرب. ويوضح الناشط، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن حالة من اليأس أصابت عوائل هؤلاء الأسرى في ظل التجاهل المصري الرسمي لقضيتهم، ما يستدعي وقفة من كل الجهات الحقوقية المصرية غير الحكومية لتشكيل ضغط حقيقي على الدولة المصرية في سبيل فتح ملفهم، والسعي للإفراج عنهم. ويشير إلى أنه يبدو وكأن الدولة المصرية لا ترغب في إفساد العلاقة الودية مع إسرائيل بفتح قضية الأسرى الستة رغم مرور 44 سنة على اعتقالهم، مؤكداً أنه لا يستبعد أن يخرجوا في صفقة تبادل أسرى مع طرف عربي، كالمقاومة الفلسطينية.
وكانت إسرائيل قد أسرت، خلال الحرب مع مصر في العام 1973 وما قبلها، ما لا يقل عن 10 آلاف مصري، غالبيتهم من العسكريين، فيما أفرجت عن عدد كبير منهم بموجب صفقات لتبادل الأسرى والرفات التي كانت مصر تحتجزها أيضاً خلال الحرب، إلا أن عدداً منهم ما زالوا قيد الأسر كما الحال مع المجاهدين الستة.