أظهر أسبوع على تنفيذ اتفاق أنقرة، والذي تضمّن اتفاقاً على وقف إطلاق النار في سورية وبدء التحضير لمفاوضات سياسية، وجود عقبات كبيرة أمام إطلاق مفاوضات أستانة، في ظل معارضة واضحة من النظام السوري وحلفائه، خصوصاً إيران، لوقف النار، والإصرار على تكريس واقع ميداني، تحديداً في محيط دمشق، عنوانه تهجير سكان المنطقة أو إخضاعهم داخل مناطقهم من خلال سلسلة شروط وإملاءات تجعلهم رهينة للنظام. كذلك بدت واضحة محاولات النظام وضع شروط مسبقة قبيل المفاوضات، أكان لجهة المدعوين إليها أو ما ستبحثه، وهو ما رفضته المعارضة السورية، مؤكدة أنها الجهة المخولة تشكيل الوفد المفاوض.
في موازاة ذلك، ساد هدوء حذر منطقة وادي بردى مساء أمس، وسط تضارب الأنباء حول سبب تعليق قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني هجماتهم. وقالت مصادر إنّ وقف القصف والاقتحام جاء بضغط روسي من أجل إدخال وفد مؤلف من ضبّاط روس ووجهاء إلى المنطقة للاطلاع على الوضع داخلها والتفاوض مع المعارضة المسلحة. كما نفت المصادر وجود أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع حزب الله أو قوات النظام السوري في المنطقة، بعدما ذكر الإعلام الحربي التابع لـ"حزب الله" أنه تم "التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق لعدة ساعات يشمل جميع الفصائل في منطقة وادي بردى".
في هذه الأثناء، برز أمس إعلان موسكو خفض عديد قواتها في سورية، وسحب حاملة الطائرات "الأميرال كوزنيتسوف" وطراد "بطرس الأكبر" ومجموعة السفن المرافقة لهما، إلا أن هذا الأمر لم يكن مفاجئاً، إذ كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد طلب خفض عديد القوات الروسية في سورية، بعد التوصل لاتفاق أنقرة في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالتالي فإن هذا الخفض لا يعكس تراجعاً للتدخّل الروسي في الشأن السوري، خصوصاً مع قول الأميرال الروسي، فيتشيسلاف بوبوف، إن مجموعة السفن الروسية التي ستغادر ستبقى متأهبة للعودة المحتملة إلى الشاطئ السوري. كما ترافقت هذه التحركات العسكرية الروسية مع تأكيد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي، جان مارك إيرولت، أن اللقاء في أستانة حول سورية يجب أن يكون بمثابة تتمة لجنيف ويجمع ويوحّد الذين يسيطرون على الأرض، مشيراً إلى أن اللقاء في عاصمة كازاخستان يجب أن يجمع خلف طاولة المفاوضات كل من لديه القدرة على تنفيذ الالتزامات.
ملاحظات الفصائل
وتتمسك المعارضة السورية بالهيئة العليا للمفاوضات كجهة تمثيلية وحيدة. وقال الائتلاف السوري المعارض، في بيان، إن الهيئة العليا هي "الجهة الوحيدة المخولة بتشكيل وفد المعارضة السورية لمتابعة العملية التفاوضية، بوصفه ممثلاً شرعياً للشعب السوري"، مؤكداً "حق المعارضة في اختيار وفدها المفاوض من خلال الهيئة العليا". وجاء بيان الائتلاف، عقب تصريحات روسية، آخرها لنائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، بأن وفد المعارضة إلى أستانة سيمثل القوى الموجودة على الأرض، معتبراً الهيئة العليا معارضة خارجية.
وحول هذه النقطة، قال رئيس المكتب السياسي لـ"تجمع فاستقم كما أمرت"، زكريا ملاحفجي، لـ"العربي الجديد"، إن اتفاق وقف إطلاق النار نصّ بالفعل على أن تشكّل الفصائل وفد المعارضة إلى أستانة، مضيفاً أن الفصائل ممثلة بشكل واضح في الهيئة العليا للمفاوضات، وبالتالي فانه لا يوجد فارق كبير بين الأمرين حسبما رأى. وأعرب ملاحفجي عن تشاؤمه بالوصول إلى أستانة في ضوء الخروقات المستمرة لقوات النظام والمليشيات لاتفاق وقف إطلاق النار.
ويقول النظام، وتسانده روسيا ضمنياً، إن عمليات القصف ومحاولات التوغّل التي يقوم بها في أكثر من منطقة، تستهدف جبهة "فتح الشام" (النصرة سابقاً) التي يقول إنه تم استثناؤها من اتفاق وقف إطلاق النار، بينما تؤكد فصائل المعارضة أن الاتفاق لا يستثني سوى تنظيم "داعش".
وحول هذه النقطة التي أثارت لغطاً، أوضح ملاحفجي أن الفصائل قدّمت ورقة إلى الجانب الروسي لا تستثني أحداً سوى "داعش"، وقد وافق عليها الجانب الروسي، بينما قدّم الأخير ورقة تستثني جبهة "فتح الشام" وريف دمشق، وهو ما لم تقبل به الفصائل. وأكد ملاحفجي أن النظام لا يتقيد حتى بمزاعمه بشأن استهداف "فتح الشام"، فهو يقصف مناطق واقعة تحت سيطرة الجيش الحر ومناطق مدنية في ريف حلب وريف دمشق، معرباً عن اعتقاده بأن طريقة التعامل مع "فتح الشام" ينبغي أن تكون مدار بحث في المفاوضات السياسية اللاحقة.
اقــرأ أيضاً
أما عضو المكتب السياسي في "كتائب نورالدين الزنكي"، بسام حجي مصطفى، فرأى في تصريح لـ"العربي الجديد" أن وقف إطلاق النار لم يحصل فعلياً حتى الآن على الرغم من المحاولات التي تُبذل لتحقيقه من قِبل فصائل الجيش الحر ورعاة الاتفاق، مشيراً إلى أن النظام وإيران والمليشيات التابعة لها تعمل على إفشاله، معرباً عن اعتقاده بأنه سوف ينهار كلياً إذا تواصلت الخروقات الكبيرة. وحول اللغط بشأن ما إذا كان الاتفاق يشمل "فتح الشام"، أعرب مصطفى عن اعتقاده بأن الروس خدعوا الموقّعين على الاتفاق عندما قدّموا ورقتين مختلفتين عن بعضهما البعض للنظام والفصائل، وهو ما يضعف العملية برمتها، مشيراً إلى أن "كتائب الزنكي" لم توقّع على الاتفاق. وبشأن تشكيل وفد المعارضة إلى أستانة، قال مصطفى: "نحن نراقب محاولات الروس الضغط لتشكيل الوفد مباشرة من الموقّعين، ونعتبر حصول هذا الأمر إقصاء للهيئة العليا وللائتلاف الوطني وغيرهما من الهيئات السياسية للثورة، وهو مطب ينبغي على الموقّعين عدم الوقوع فيه لأنه يعني الخضوع للروس في الاستفراد ببعض فصائل الجيش الحر وإقصاء كل ما تبقى". ورأى أنه إذا سارت الأمور بهذا المنحى "فسوف نحصل على اتفاق مفصل على قياس روسيا وهذا أمر لا يساعد على تشكيل أرضية حقيقية للحل السياسي".
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في مؤتمر صحافي، أن الولايات المتحدة تدعم محادثات أستانة. لكنه لفت إلى أن وقف إطلاق النار واجه صعوبات بسبب الانتهاكات العديدة، قائلاً إن "القتال مستمر وهو صعب ونظام الأسد يلعب على ما يبدو بورقة كان يلعب بها فيما سبق". وأضاف أنه تحدث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، والمبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، و"ثلاثتنا متفقون على أن الهدف لم يتغير وهو الوصول إلى جنيف، إذ لا بد من إجراء مفاوضات حقيقية"، في إشارة إلى لقاء حول سورية مزمع إجراؤه في جنيف، في فبراير/شباط المقبل.
روسيا تخفض قواتها
هذه التطورات جاءت فيما كانت روسيا تعلن سحب حاملة الطائرات "الأميرال كوزنيتسوف" والطراد "بطرس الأكبر" ومجموعة السفن المرافقة لهما من منطقة تمركزهما قبالة الساحل السوري. وقال قائد الجيش الروسي فاليري غيراسيموف إنه عملاً بقرارات أعلنها بوتين في 29 ديسمبر/كانون الأول "بدأت وزارة الدفاع خفض قواتنا العسكرية المنتشرة ضمن العمليات في سورية". فيما أكد قائد القوات الروسية في سورية اندريه كارتوبالوف أنه "تم تحقيق الأهداف التي حددت للمجموعة البحرية خلال مهمتها". وزار رئيس أركان قوات النظام السوري العماد علي أيوب، حاملة الطائرات الروسية الأدميرال كوزنيتسوف، بعد انتهاء مهامها في السواحل السورية، وشكر الجنود الروس على الدعم الذي قدّموه لنظامه في ما وصفه بـ"مكافحة الإرهاب".
لكن مقابل ذلك، اعتبر الأميرال الروسي، فيتشيسلاف بوبوف، والذي قاد أسطول الشمال الروسي بين 1999 و2001، أن مجموعة السفن الحربية الروسية التي ستغادر شرق البحر المتوسط ستبقى متأهبة للعودة المحتملة إلى الشاطئ السوري، مشيراً إلى أن المجموعة ستعود إلى المنطقة إذا حدث أي أمر يهدد حل الصراع السوري أو التسوية السياسية هناك.
ورأى مراقبون أن هذا السحب الجزئي للقوات الروسية يأتي بعد أن أنجزت تلك القوات مهمتها في سورية لجهة تثبيت حكم نظام الأسد وتهيئة الأجواء لمفاوضات سياسية مناسبة لرؤيتها للحل، إضافة إلى أن تدخلها العسكري في سورية مكنها من تجريب 162 نوعاً من أسلحتها. وكان لافتاً في هذا السياق، ما أوردته المحطة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أمس، من أن قمر التجسس الإسرائيلي "عاموس ب" التقط صوراً لصواريخ "اسكندر" الروسية قصيرة المدى على شاحنات داخل قاعدة عسكرية سورية في اللاذقية، مشيرة إلى أن "هذه النظم مموهة بشكل جيد، ولكن الأمطار الغزيرة والفيضانات أجبرت الروس على نقل الصواريخ إلى مواقع مختلفة باستخدام الشاحنات مما جعل من الممكن توثيقها".
ميدانياً، واصلت قوات النظام والمليشيات خرق وقف إطلاق النار في العديد من المناطق السورية. فقد قُتل شخصان في قصف لقوات النظام و"حزب الله" على بلدة مضايا المحاصرة في ريف دمشق، فيما أعلنت فصائل الجيش الحر العاملة في منطقة وادي بردى في ريف دمشق أنها استعادت تلة استراتيجية في المنطقة سيطرت عليها قوات النظام لساعات بعد معارك عنيفة. وفي الغوطة الشرقية، قال "جيش الإسلام" إنه صدّ محاولة قوات النظام للتقدّم نحو بلدة الميدعاني، القريبة من مدينة دوما في ريف دمشق، فيما شنّت مقاتلات روسية غارات جوية مكثفة على الأحياء السكنية في القاسمية في ريف حلب، ما أدى إلى إصابة مدنيين اثنين.
اقــرأ أيضاً
في موازاة ذلك، ساد هدوء حذر منطقة وادي بردى مساء أمس، وسط تضارب الأنباء حول سبب تعليق قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني هجماتهم. وقالت مصادر إنّ وقف القصف والاقتحام جاء بضغط روسي من أجل إدخال وفد مؤلف من ضبّاط روس ووجهاء إلى المنطقة للاطلاع على الوضع داخلها والتفاوض مع المعارضة المسلحة. كما نفت المصادر وجود أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع حزب الله أو قوات النظام السوري في المنطقة، بعدما ذكر الإعلام الحربي التابع لـ"حزب الله" أنه تم "التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق لعدة ساعات يشمل جميع الفصائل في منطقة وادي بردى".
في هذه الأثناء، برز أمس إعلان موسكو خفض عديد قواتها في سورية، وسحب حاملة الطائرات "الأميرال كوزنيتسوف" وطراد "بطرس الأكبر" ومجموعة السفن المرافقة لهما، إلا أن هذا الأمر لم يكن مفاجئاً، إذ كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد طلب خفض عديد القوات الروسية في سورية، بعد التوصل لاتفاق أنقرة في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالتالي فإن هذا الخفض لا يعكس تراجعاً للتدخّل الروسي في الشأن السوري، خصوصاً مع قول الأميرال الروسي، فيتشيسلاف بوبوف، إن مجموعة السفن الروسية التي ستغادر ستبقى متأهبة للعودة المحتملة إلى الشاطئ السوري. كما ترافقت هذه التحركات العسكرية الروسية مع تأكيد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي، جان مارك إيرولت، أن اللقاء في أستانة حول سورية يجب أن يكون بمثابة تتمة لجنيف ويجمع ويوحّد الذين يسيطرون على الأرض، مشيراً إلى أن اللقاء في عاصمة كازاخستان يجب أن يجمع خلف طاولة المفاوضات كل من لديه القدرة على تنفيذ الالتزامات.
ملاحظات الفصائل
وتتمسك المعارضة السورية بالهيئة العليا للمفاوضات كجهة تمثيلية وحيدة. وقال الائتلاف السوري المعارض، في بيان، إن الهيئة العليا هي "الجهة الوحيدة المخولة بتشكيل وفد المعارضة السورية لمتابعة العملية التفاوضية، بوصفه ممثلاً شرعياً للشعب السوري"، مؤكداً "حق المعارضة في اختيار وفدها المفاوض من خلال الهيئة العليا". وجاء بيان الائتلاف، عقب تصريحات روسية، آخرها لنائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، بأن وفد المعارضة إلى أستانة سيمثل القوى الموجودة على الأرض، معتبراً الهيئة العليا معارضة خارجية.
ويقول النظام، وتسانده روسيا ضمنياً، إن عمليات القصف ومحاولات التوغّل التي يقوم بها في أكثر من منطقة، تستهدف جبهة "فتح الشام" (النصرة سابقاً) التي يقول إنه تم استثناؤها من اتفاق وقف إطلاق النار، بينما تؤكد فصائل المعارضة أن الاتفاق لا يستثني سوى تنظيم "داعش".
وحول هذه النقطة التي أثارت لغطاً، أوضح ملاحفجي أن الفصائل قدّمت ورقة إلى الجانب الروسي لا تستثني أحداً سوى "داعش"، وقد وافق عليها الجانب الروسي، بينما قدّم الأخير ورقة تستثني جبهة "فتح الشام" وريف دمشق، وهو ما لم تقبل به الفصائل. وأكد ملاحفجي أن النظام لا يتقيد حتى بمزاعمه بشأن استهداف "فتح الشام"، فهو يقصف مناطق واقعة تحت سيطرة الجيش الحر ومناطق مدنية في ريف حلب وريف دمشق، معرباً عن اعتقاده بأن طريقة التعامل مع "فتح الشام" ينبغي أن تكون مدار بحث في المفاوضات السياسية اللاحقة.
أما عضو المكتب السياسي في "كتائب نورالدين الزنكي"، بسام حجي مصطفى، فرأى في تصريح لـ"العربي الجديد" أن وقف إطلاق النار لم يحصل فعلياً حتى الآن على الرغم من المحاولات التي تُبذل لتحقيقه من قِبل فصائل الجيش الحر ورعاة الاتفاق، مشيراً إلى أن النظام وإيران والمليشيات التابعة لها تعمل على إفشاله، معرباً عن اعتقاده بأنه سوف ينهار كلياً إذا تواصلت الخروقات الكبيرة. وحول اللغط بشأن ما إذا كان الاتفاق يشمل "فتح الشام"، أعرب مصطفى عن اعتقاده بأن الروس خدعوا الموقّعين على الاتفاق عندما قدّموا ورقتين مختلفتين عن بعضهما البعض للنظام والفصائل، وهو ما يضعف العملية برمتها، مشيراً إلى أن "كتائب الزنكي" لم توقّع على الاتفاق. وبشأن تشكيل وفد المعارضة إلى أستانة، قال مصطفى: "نحن نراقب محاولات الروس الضغط لتشكيل الوفد مباشرة من الموقّعين، ونعتبر حصول هذا الأمر إقصاء للهيئة العليا وللائتلاف الوطني وغيرهما من الهيئات السياسية للثورة، وهو مطب ينبغي على الموقّعين عدم الوقوع فيه لأنه يعني الخضوع للروس في الاستفراد ببعض فصائل الجيش الحر وإقصاء كل ما تبقى". ورأى أنه إذا سارت الأمور بهذا المنحى "فسوف نحصل على اتفاق مفصل على قياس روسيا وهذا أمر لا يساعد على تشكيل أرضية حقيقية للحل السياسي".
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في مؤتمر صحافي، أن الولايات المتحدة تدعم محادثات أستانة. لكنه لفت إلى أن وقف إطلاق النار واجه صعوبات بسبب الانتهاكات العديدة، قائلاً إن "القتال مستمر وهو صعب ونظام الأسد يلعب على ما يبدو بورقة كان يلعب بها فيما سبق". وأضاف أنه تحدث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، والمبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، و"ثلاثتنا متفقون على أن الهدف لم يتغير وهو الوصول إلى جنيف، إذ لا بد من إجراء مفاوضات حقيقية"، في إشارة إلى لقاء حول سورية مزمع إجراؤه في جنيف، في فبراير/شباط المقبل.
روسيا تخفض قواتها
هذه التطورات جاءت فيما كانت روسيا تعلن سحب حاملة الطائرات "الأميرال كوزنيتسوف" والطراد "بطرس الأكبر" ومجموعة السفن المرافقة لهما من منطقة تمركزهما قبالة الساحل السوري. وقال قائد الجيش الروسي فاليري غيراسيموف إنه عملاً بقرارات أعلنها بوتين في 29 ديسمبر/كانون الأول "بدأت وزارة الدفاع خفض قواتنا العسكرية المنتشرة ضمن العمليات في سورية". فيما أكد قائد القوات الروسية في سورية اندريه كارتوبالوف أنه "تم تحقيق الأهداف التي حددت للمجموعة البحرية خلال مهمتها". وزار رئيس أركان قوات النظام السوري العماد علي أيوب، حاملة الطائرات الروسية الأدميرال كوزنيتسوف، بعد انتهاء مهامها في السواحل السورية، وشكر الجنود الروس على الدعم الذي قدّموه لنظامه في ما وصفه بـ"مكافحة الإرهاب".
ورأى مراقبون أن هذا السحب الجزئي للقوات الروسية يأتي بعد أن أنجزت تلك القوات مهمتها في سورية لجهة تثبيت حكم نظام الأسد وتهيئة الأجواء لمفاوضات سياسية مناسبة لرؤيتها للحل، إضافة إلى أن تدخلها العسكري في سورية مكنها من تجريب 162 نوعاً من أسلحتها. وكان لافتاً في هذا السياق، ما أوردته المحطة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أمس، من أن قمر التجسس الإسرائيلي "عاموس ب" التقط صوراً لصواريخ "اسكندر" الروسية قصيرة المدى على شاحنات داخل قاعدة عسكرية سورية في اللاذقية، مشيرة إلى أن "هذه النظم مموهة بشكل جيد، ولكن الأمطار الغزيرة والفيضانات أجبرت الروس على نقل الصواريخ إلى مواقع مختلفة باستخدام الشاحنات مما جعل من الممكن توثيقها".
ميدانياً، واصلت قوات النظام والمليشيات خرق وقف إطلاق النار في العديد من المناطق السورية. فقد قُتل شخصان في قصف لقوات النظام و"حزب الله" على بلدة مضايا المحاصرة في ريف دمشق، فيما أعلنت فصائل الجيش الحر العاملة في منطقة وادي بردى في ريف دمشق أنها استعادت تلة استراتيجية في المنطقة سيطرت عليها قوات النظام لساعات بعد معارك عنيفة. وفي الغوطة الشرقية، قال "جيش الإسلام" إنه صدّ محاولة قوات النظام للتقدّم نحو بلدة الميدعاني، القريبة من مدينة دوما في ريف دمشق، فيما شنّت مقاتلات روسية غارات جوية مكثفة على الأحياء السكنية في القاسمية في ريف حلب، ما أدى إلى إصابة مدنيين اثنين.