لم تكد تهدأ عاصفة تصريحات وزير التعليم السعودي، أحمد العيسى، التي أكد فيها أن هناك فائضاً كبيراً في عدد المعلمين، وأن هناك خطة لتقليص هذا العدد، حتى عاد ليثير غضب المعلمين والمعلمات، بعد اتهامهم بضعف القدرات واعتمادهم على التلقين بدون إبداع.
واتهم معلمون غاضبون الوزير بأنه بعيد تماماً عن واقع التعليم السعودي، ولا يعرف ما هي الأدوار التي يقوم بها المعلمون، ولا يملك خلفية واضحة عن طبيعة المناهج، التي لم يعد التلقين معها ممكناً. والأهم أنه لا يعلم بالصعوبات التي يواجهها المعلمون الذين يوفرون الكثير من مستلزمات التعليم من حسابهم الخاص، في وقتٍ يعانون فيه من زيادة عدد حصصهم الأسبوعية إلى 24 حصة، وبمعدل 5 حصص يوميا يقفون فيها أمام 35 طالبا في المتوسط.
ومع أن الوزير عاد وتراجع عن تصريحاته، إلا أن هذا لم يوقف الانتقادات، خاصة أنها لم تكن المرة الأولى التي يقلل فيها من جهود المعلمين.
وأكد العيسى عقب رعايته المؤتمر العالمي للعمل التطوعي الكشفي، أنه "مع المعلمين والمعلمات قلباً وقالباً"، مشدداً على أن الرسالة التي أراد إيصالها للمعلمين والمعلمات هي "أننا نريد بالفعل تطوير العمل التعليمي، وتطوير قدرات أعضائه المعلمين والمعلمات عموما".
بدوره، أكد مدير المدرسة المتقاعد، محمد الزويد، أن "التقليل من جهد ودور المعلمين بات أسلوباً واضحاً لوزارة التعليم، والتي يبدو أن مسؤوليها بعيدون كل البعد عن العملية التعليمية والتربوية". وقال لـ"العربي الجديد" "هل يعقل أن لا يعلم الوزير أن المعلم يعطي في المتوسط خمس حصص يوميا، وأنه ينفق على الدروس من مرتبه الشهري؟".
وأضاف "يشتري المعلم هدايا لطلابه المتفوقين، كما أنه يصور أوراق العمل والأسئلة وكل مستلزمات الدرس على نفقته، ويشتري الأقلام، في حين لا تزال بيئة التعليم التي هي من صميم عمل الوزارة ضعيفة، وغير صالحة في كثير من الحالات. ولكن، بدلاً من أن تتحمل الوزارة مسؤوليتها، يلقي الوزير وبعض المسؤولين باللائمة على المعلم، الذي بات الحلقة الأضعف في التعليم السعودي".
كذلك، اعتبر المختص في مجال التعليم، ماجد البشري، أنّ "طريقة وصف الوزير للمعلمين كانت مهينة، وتسير في ركب التقليل من جهودهم، وما يقومون به"، لافتاً إلى أن المعلم بات الحلقة الأضعف.
وقال لـ "العربي الجديد" "منذ عدة سنوات على توالي الوزراء، ما زال المعلم السعودي لا يجد من ينصفه، والدليل تصريحات الدكتور العيسى، والطامة الكبرى نظام التأمين الصحي الذي أعلن عنه مؤخرا، والذي بات يُقتطع من راتب المعلم".
وأضاف"الأمر أكبر من مجرد تصريحات مستفزة، فالمعلم فقد هيبته التي كان يعتمد عليها للسيطرة على العملية التربوية، وبات عرضة للاعتداء من الطلاب، وكل ذلك لأن من يقوم على التعليم يحاول التقليل من قيمة المعلم، وللأسف هم لا يعلمون ماذا يدور في الفصول التي تكتظ بالطلاب وسط بيئة تعليمية صعبة، في وقتٍ لا يملك فيه المعلم أي حق بمعاقبة الطالب المشاغب".
ورأى البشري أنّ هذه التصريحات تهدف إلى تقليص رواتب المعلمين والمعلمات، ومزاياهم، أو على الأقل عدم المطالبة بتحسينها.