يطالب المعلمون "المستعان بهم" في المدارس الحكومية في لبنان لتعليم الطلبة السوريين في الدوام المسائي بالحصول على مستحقاتهم المالية المتأخرة منذ العام الماضي، ونفذوا اعتصاماً أمس الأحد أمام مقرّ بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت، على اعتبار أن دول الاتحاد هي الممول لمشروع الاستعانة بهم.
واعتمدت وزارة التربية اللبنانية نظام الدوامين في المدارس الرسمية، الصباحي للطلّاب اللبنانيين، والمسائي للطلاب السوريين، مع زيادة الضغط على قطاع التعليم الرسمي من جراء استيعاب الطلاب من اللاجئين السوريين.
وبسبب النقص في عدد المدرّسين، لجأت الوزارة إلى الاستعانة بمعلمين من خارج نظام التعاقد، لتدريس الطلّاب السوريين، وأُعطي هؤلاء صفة "المستعان بهم"، وهو توصيف لا يعطيهم أيّ حقوق، وخصوصا الضمان الصحي وبدل النقل.
المستحقات قبل بدء الدراسة
وجاء قبول الأساتذة بهذه الشروط نتيجة للوضع الاقتصادي السيئ في لبنان، لكنّ المشكلة الحقيقية ظهرت مع نهاية العام الدراسي الماضي، فبعد أن عانوا لقبض مستحقات الفصل الدراسي الأوّل، لم يقبض "المستعان بهم" مستحقات الفصل الدراسي الثاني حتّى الآن، رغم مرور أكثر من أربعة أشهر على انتهائه، واقتراب موعد العام الدراسي الجديد الذي يبدأ في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
جراء هذه المماطلة لم يعد لدى الأساتذة خيار سوى التحرّك الذي بدأ بالتواصل مع وزارة التربية، التي ادّعت أنّ التأخر في دفع المستحقات ناجم عن تخلّف الدول المانحة عن سداد المبالغ المطلوبة حتّى الآن.
لذلك، نقل الأساتذة تحرّكهم إلى الشارع، واعتصموا بعد ظهر أمس الأحد أمام مقرّ بعثة الاتحاد الأوروبي في منطقة زقاق البلاط للمطالبة بحقوقهم، والتقوا أحد موظفي البعثة خارج المبنى، الذي استمع إلى مطالبهم وتسلّم نسخة خطيّة منها. اللافت في الأمر، تأكيد ممثل البعثة للمعتصمين أنّ دول الاتحاد الأوروبي قد سدّدت المبالغ بالكامل، واعداً بالرغم من ذلك بمتابعة قضيتهم.
مطالب وتصعيد مرتقب
بعد ذلك تجمّع الأساتذة وألقى رئيس لجنة الأساتذة المستعان بهم، أنور حسن، البيان الذي تضمّن جملة مطالبهم، وأهمّها: الإفراج عن المستحقات المالية قبل بدء العام الدراسي، والتلويح بالإضراب المفتوح حتّى الحصول على كافة المستحقات، والتعهد بعدم التأخر في سداد مستحقات العام القادم، إضافة إلى البحث في رفع أجر الساعة.
وعلى الرغم من تأكيد حسن في البيان وقوف وزير التربية ومستشاره إلى جانبهم، إلّا أنّ الجو السائد بين المعتصمين يميل إلى تحميل وزارة التربية مسؤولية هذا التأخير، مع انتشار كلامٍ فيما بينهم بأنّ الوزارة صرفت مستحقاتهم في تغطية مشاريع أخرى، وهو الأمر الذي رفض مستشار وزير التربية أنور ضو في اتصال هاتفي معه التعليق عليه، معتبراً إياه كلاماً لا يستحق الرد.
هذا الاعتقاد السائد بين الأساتذة ينطلق من عوامل عدّة، من بينها تشديد ممثل الاتحاد الأوروبي الذي قابلهم، على سداد دول الاتحاد للمبالغ المستحقة عليها، إضافة إلى حصولهم على 12 دولاراً فقط مقابل الساعة، على الرغم من أنّ المبلغ المخصص من قبل الدول المانحة يصل إلى 20 دولاراً للساعة.
من جهة أخرى، أعلن المسؤول الإعلامي لرابطة التعليم الأساسي في لبنان رياض الحولي، وقوف الرابطة إلى جانب الأساتذة في تحرّكهم، ودعا إلى تحويل وجهة الاعتصام القادمة إلى مقر وزارة التربية في الأونيسكو، وهو ما حظي بتأييد المشاركين في الاعتصام الذين أكّدوا أنّهم شبعوا من الوعود المتكرّرة ومن مماطلة المسؤولين.
ولفتت المعلمة رولا وهبي، في كلمتها إلى حرمانهم كأساتذة، لا معاشاتهم فقط، بل حقوقهم أيضاً، نتيجة وضعيتهم غير المعترف بها، وإغلاق باب التوظيف والتعاقد أمامهم.
بين إصرار مستشار وزير التربية على إلقاء المسؤولية على الدول المانحة، وتأكيد ممثل بعثة الاتحاد الأوروبي أمام المعتصمين لتسديدهم كل المبالغ المطلوبة منهم، يقف الأساتذة عاجزين عن تحصيل حقوقهم، الأمر الذي سيؤدي بهم على الأغلب إلى الإضراب، ليصير العام الدراسي للأطفال السوريين على المحك.