تعاني "أم ياسر" التي تعيش مع عائلتها في ريف منطقة تل حميس الجنوبي، من مشكلة نقص مياه الشرب، وعلى ما يبدو فإن حل المشكلة يحتاج إلى سنوات أيضاً، وتعاني مناطق عدة في محافظة الحسكة السورية من أزمة في توفير المياه، بسبب ما عانته المنطقة من معارك وتوزع السيطرة فيها بين مختلف القوى.
وتقول الثلاثينية، وهي أم لطفلين، لـ"العربي الجديد": "يبدو أنه قدرنا، سكان هذه المناطق، أن نعاني في حياتنا، وأن نشرب طوال حياتنا كما كان أجدادنا المياه الملوثة و"المرة" من برك الماء التي تتشكل بعد هطول الأمطار، أو أن نقطع مسافات طويلة بغية الحصول على بعض الماء".
وأضافت "في السنوات السابقة استبشرنا قليلاً عندما بدأ الناس بحفر الآبار الارتوازية لسقي الأراضي والمزروعات، واستفدنا نحن إذ توفرت المياه لغايات الاستخدام المنزلي، ولكن سرعان ما تبددت آمالنا بعد 2011، فكل الآبار الارتوازية توقفت عن العمل بسبب الأحداث وعادت معاناتنا من عدم توفر المياه من جديد".
ويمكن تقسيم كمية هطول الأمطار إلى قسمين، الجزيرة العليا والدنيا بمتوسط أمطار 444 ملم و250 ملم، ويفصل بين القسمين وادي الرد، (نهر) موسمي، في القسم العلوي تتوفر المياه نسبياً والمياه الجوفية صالحة للشرب عموماً، وإن كانت كلسية في أغلب المناطق. كذلك يستفاد من مياه نهر دجلة وهي عذبة.
أما جنوب الرد وصولاً إلى الحدود العراقية، فتتناقص كميات الأمطار فيه كما يزداد عمق الآبار للحصول على المياه كلما اتجهنا جنوباً، والمياه الجوفية تكون إما مالحة أو مرة وغير صالحة حتى للاستخدامات المنزلية، فضلاً عن عدم توفرها نظراً لعدم وجود آبار، إذ يجب أن يكون عمق البئر أكثر من 200 متر للحصول على الماء.
في المقابل، يتحدث رامز إبراهيم، مقيم في مدينة القامشلي، أن المياه فيها كلسية لكنها صالحة للشرب، ويقول لـ"العربي الجديد": "موضوع المياه بحاجة لحلّ جذري، ويجب أن تعمل الجهات المسؤولة على تحلية المياه في شبكات الضخ، والمشكلة الثانية التي نعاني منها هي الانقطاع المتكرر في المياه نتيجة انقطاع الكهرباء، الذي يدوم في بعض الأحيان لأيام، فنلجأ للصهاريج، وغالباً تقوم الإدارة الذاتية بتوزيع المياه عبر صهاريج تابعة لها، وبالطبع هذا ليس حلاً مناسباً، كون المياه التي تأتي في الصهاريج تكون مرّة أو مالحة، ونضطر لشراء مياه الشرب".
ويشتكي أهالي القرى الواقعة على الشريط الحدودي مع العراق، بريف الحسكة، من المياه المالحة التي تصل إليهم عبر شبكات الضخ أيضاً، ومن هذه القرى عمدان وسريحة وفلسطين ورام الله وغيرها.
ويتحدث حسن عبد الله، 42 عاماً رب لأسرة مكونة من خمسة أفراد، لـ"العربي الجديد": "لا تتوفر المياه هنا على الدوام، ويصل سعر الخمسة براميل إلى نحو 2500 ليرة سورية، ومياه الصهاريج ليست بالجودة المطلوبة، وتشابه لحد كبير المياه التي تأتينا بالشبكات، طبعاً لا تخلو من الملوحة والرائحة الكريهة، وهي تصلح للاستعمال المنزلي لا أكثر، لذلك نلجأ لشراء مياه الشرب".
وشهدت بعض مناطق محافظة الحسكة أزمة مياه عقب توقف محطة علوك في منطقة رأس العين عن الضخ، في 24 فبراير/ شباط، إذ تخضع المحطة لسيطرة "الجيش الوطني"، وسبب توقف الضخ فيها عائد لانقطاع الكهرباء القادمة من مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، حسب ما أوضح المجلس المحلي في منطقة تل أبيض.
واستأنف الضخ في 27 فبراير/ شباط الماضي لثلاث ساعات فقط حسب الإدارة الذاتية، وتضم المحطة 30 بئراً، وكانت مصادر محلية قد أشارت إلى أن عدد الآبار العاملة يقارب النصف.